سكان السويد ذوي الأصول الأفريقية مواطنون من الدرجة الثانية

كانت مسرحية (زبيبة في الشمس) رائدة عندما عُرضت للمرة الأولى عام 1959 على أحد مسارح برودواي الأميركي، لأنها عكست الأفراح والإحباطات اليومية لعائلة أميركية فقيرة من أصول أفريقية تعيش على الجانب الجنوبي من مدينة شيكاغو. وكانت شخصيات المسرحية الرئيسية والتر لي يونغر، الشاب الزنجي وزوجته روث، ووالدته لينا، وشقيقته بينيثا، تتصارع يوميا مع قضايا العنصرية، والكرامة، والصراعات بين الأجيال، والأحلام المحبطة.
فبعد عرضها في أميركا، من شأن هذه المسرحية أن تفتتح آفاقا جديدة عندما ستعرض مجددا بواسطة فريق فني من ممثلين سويديين وأفارقة في مسرح ريكستيترن باستوكهولم، وذلك في أول عرض سويدي للمسرحية الأميركية. ومن المنتظر أن يلقى عرض المسرحية، التي ألفتها في بادئ الأمر الأديبة لورين هانزبيري، اهتماما كبيرا في هذه الدولة، التي تشهد تقاليدها العريقة في الترحيب بالوافدين الجدد من ثقافات أخرى، تهديدات كثيرة، ذلك أن مختلف التقارير الإخبارية الأخيرة بدأت تشير إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الهجمات العنصرية على مواطني السويد من أصول أفريقية، يغذيها تزايد رهاب الأجانب في مختلف أنحاء القارة الأوروبية بعد أزمة المهاجرين الحالية.
وفي هذا السياق، يقول فريق العمل الفني إنه من المهم أن يظهر الممثلون الأفارقة في أدوار الأفارقة، وأن يتم عرض المسرحية التي تعالج التمييز العنصري بطريقة شخصية، حيث تقول جوزيت بوشيل مينغو، الممثلة السويدية من أصول أفريقية ومديرة الإنتاج بالمسرحية «في كل يوم نقوم فيه بالبروفات يزداد إحساسنا بأهمية هذا العمل».
ويرجع تاريخ علاقات السويد بأفريقيا إلى القرن 17. وذلك عندما كانت السويد تملك بعض المستعمرات الصغيرة في القارة السمراء، وفي وقت لاحق في منطقة البحر الكاريبي كذلك. وقد تخلت السويد عن مستعمراتها في أفريقيا لصالح القوى الاستعمارية الأوروبية الأخرى، وقضت بإلغاء العبودية بدءا من سنة 1847. وقد جاء بعض المهاجرين الأفارقة إلى السويد خلال القرن العشرين، وعاشوا مع عائلات سويدية، خصوصا في حالات التبني الأسري واحتضان الطلاب. ومنذ عام 1970 فصاعدا استقبلت السويد أعدادا كبيرة من المهاجرين واللاجئين الأفارقة، وخصوصا من مناطق الصراع المشتعلة في القرن الأفريقي.
والسويديون الأفارقة هم المواطنون المقيمون في البلاد، والذين ترجع جذورهم إلى جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، والأميركتين ومنطقة بحر الكاريبي، وهم يمثلون مختلف الثقافات والخبرات، ويبلع تعدادهم نحو 180 ألف نسمة، 60 في المائة منهم مولودون في الخارج، بينما نسبة 40 في المائة الباقية ولدت في السويد، وفقا لتقرير أفريقي صدر عام 2014 عن مركز الثقافات المتعددة بتكليف من وزارة التكامل السويدية.
وعلى مدى عقود، كانت السياسات الخاصة بالمهاجرين واللاجئين والثقافات المختلفة مفتوحة ومتسامحة في السويد. لكن رغم ذلك يشير النقاد إلى وجود تحديات على مستوى التكامل الاجتماعي والاقتصادي، مشيرين إلى ظهور فوارق هائلة بين نوعية الحياة بالنسبة للسويديين الأفارقة، وأعضاء المجتمع السويدي الكبير.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير صادر عن فريق الأمم المتحدة، يعنى بالسكان من أصول أفريقية، إلى ارتفاع في جرائم الكراهية ضد فئة المواطنين السويديين من أصول أفريقية.
ويقول التقرير الأممي المذكور إن «المواطنين السويديين من أصول أفريقية يتعرضون إلى جرائم الكراهية بصورة متزايدة، حيث ارتفعت تقارير جرائم الكراهية المتعلقة بالرهاب الأفريقي بواقع 24 في المائة منذ عام 2008. وفي هذا السياق، فإن المحققين والوحدات المعنية بمكافحة جرائم الكراهية ليست كافية، حيث يتم الإبلاغ عن الكثير من الحوادث، ولكن القليل منها فقط هو ما يتم التحقيق بشأنه والقضاء فيه».
ويؤكد الكثير من مواطني السويد أن كون بلدهم مجتمعا إنسانيا بالمقام الأول هو جزء من المشكلة، وفي هذا الصدد يقول توبياس هوبينيت، وهو أستاذ مساعد لدى جامعة كارلستاد ومؤلف التقرير عن الرهاب الأفريقي، إن هناك الكثير من الأشياء الجيدة في السويد ولكنها «تحجب أعيننا عن الفوارق الكبيرة لأننا لسنا معتادين هنا على مشاهدتها».
والممثلون في مسرحية برودواي الكلاسيكية، والذين يمثلون مختلف الخلفيات والخبرات السويدية الأفريقية، لم يكونوا مترددين في التعبير عن تلك التحديات الصارخة المتعلقة بالتكامل والاندماج في المجتمع السويدي. وبهذا الخصوص تقول كايو شيكوني، وهي مواطنة سويدية من أصول نيجيرية وتلعب دور لينا يونغر في المسرحية «لقد كانت قضية العنصرية من القضايا المسكوت عنها، أو المثيرة للفضول، أما الآن، فقد تحولت إلى قضية مفتوحة للنقاش أمام المجتمع بأسره».
* خدمة «نيويورك تايمز»