تعزيزات تونسية على الحدود.. واتهامات للنهضة بالعمل على تقويض مفاوضات الحكومة الليبية

توجه فرحات الحرشاني، وزير الدفاع التونسي، أمس إلى المنطقة العسكرية العازلة جنوب شرقي تونس على الحدود مع ليبيا للوقوف من جهة على مدى استعداد الوحدات العسكرية المتمركزة في الحدود التونسية - الليبية من ناحية، والاطلاع الميداني على مدى نجاعة الحاجز الترابي الفاصل بين البلدين في صد الهجمات الإرهابية ومجموعات التهريب من جهة ثانية.
ولئن لم تتسرب معلومات أكيدة حول دواعي الزيارة العسكرية خلال هذه الآونة، فإن الأوضاع المتعثرة في ليبيا، وتعثر مفاوضات تشكيل الحكومة الليبية، وتمدد تنظيم داعش وتهديده للاستقرار الإقليمي، والتهديد بالتدخل العسكري الأجنبي، تعتبر من بين أهم أسباب هذه الزيارة.
وعززت تونس من احتياطاتها العسكرية على طول حدودها مع ليبيا، المصدر الرئيسي لتدفق الأسلحة إلى التنظيمات الإرهابية المتحصنة في الجبال الغربية التونسية، وأنهت نهاية السنة الماضية تهيئة حاجز ترابي، وحفر خندق بين البلدين، تحسبا لتسلل مسلحين من ليبيا أو تسريب أسلحة تهدد أمن واستقرار البلاد.
على صعيد متصل، خلفت مغادرة فائز السراج، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية ومرافقيه، تونس وتوجههم إلى المغرب لمواصلة المشاورات حول التركيبة الجديدة للحكومة، عن تساؤلات وجدل كبير في الساحة السياسية التونسية، أدى إلى توجيه التهمة إلى حركة النهضة بالعمل على تقويض تلك المفاوضات.
وفي هذا الشأن، قال العجمي الوريمي، القيادي في حركة النهضة، إن هذه التهمة باطلة، مشيرا في تصريح إعلامي إلى أن ما يتم ترويجه من قبل بعض وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة، ونفى بصفة قطعية اتهام راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، بأنه من طلب من السلطة الليبية المؤقتة التوجه إلى المغرب، عوض القدوم إلى تونس للتوصل إلى اتفاق سياسي.
وأكد الوريمي أن حركة النهضة ترحب بالليبيين في تونس، وهي مهيأة لاحتضان أي محادثات بين الأشقاء الليبيين، واعتبر أن تونس تسعى بكل الوسائل المشروعة إلى تحقيق الوفاق والاستقرار، ودعم روابط الأخوة وسبل التعاون بين البلدين الشقيقين، على حد تعبيره.
وغادر أعضاء المجلس الرئاسي الليبي العاصمة التونسية بصورة مفاجئة، مما جعل الآراء والتفسيرات تتباين حول دواعي اتخاذ هذا القرار المفاجئ. فيما أرجعت مصادر أمنية تونسية هذا القرار إلى دواع أمنية بالأساس، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» وجود تهديدات تستهدف السراج ومرافقيه أخذت على محمل الجد.
وفي تفسير لهذه المغادرة المفاجئة لتونس والتوجه إلى المغرب، قال خالد الغويل، أمين عام «منظمة الوطن للشباب الليبي» في تصريح إعلامي إن مغادرة رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومرافقيه تونس، وتوجههم إلى المغرب، لا يعود لأسباب مالية كما أشارت لذلك بعض المصادر الإعلامية، وأكد أن الوفد الليبي غادر تونس لتخفيف الضغوط على أعضائه حتى لا تتفاقم المشكلات وتتزايد الخلافات بين الليبيين فيما بينهم.
وكانت تونس قد أبدت تخوفا كبيرا من الأثر السلبي الذي ستخلفه التدخلات الأجنبية في ليبيا، وأكدت على لسان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أنها لن تغلق حدودها مع ليبيا في ظل تدفق الليبيين، خوفا من تدخل عسكري محتمل ضد داعش، لكنها في المقابل حذرت من تنفيذ أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا دون استشارة بلاده. وقال السبسي أمام رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين في تونس إن «الدول الصديقة التي تفكر في تدخل عسكري بليبيا عليها أن تراعي مصالح دول الجوار.. وأي قرار في هذا الاتجاه يجب أن يخضع لاستشارة تونس أولا، لأنه قد يفيدكم ولكن قد يسيء لنا».
وتحت تأثير التصريحات الغربية بقرب التدخل العسكري الغربي في ليبيا ضد تنظيم داعش، شهد معبر راس جدير الحدودي الرئيسي بين ليبيا وتونس خلال الأيام الماضية تدفقا ملحوظا من الليبيين، قدرته سلطات الجمارك بنحو ألفي شخص في اليوم الواحد. ويعيش في تونس نحو مليوني ليبي ممن غادروا بلادهم تحت وطأة المعارك المسلحة التي اندلعت سنة 2011 عند الإطاحة بنظام معمر القذافي، وتواصلت إلى حد الآن دون التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني.