تونس: البرلمان يناقش مشروع قانون الاستفتاء والانتخابات البلدية

إقرار زيادة في رواتب النواب يثير احتجاج العاطلين عن العمل

تونس: البرلمان يناقش مشروع  قانون الاستفتاء والانتخابات البلدية
TT

تونس: البرلمان يناقش مشروع قانون الاستفتاء والانتخابات البلدية

تونس: البرلمان يناقش مشروع  قانون الاستفتاء والانتخابات البلدية

شرع البرلمان التونسي في مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، حيث استمع نواب المجلس أمس إلى مقترحات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بشأن موعد إجراء الانتخابات البلدية، المقررة مبدئيا ليوم 30 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وخلافا للرزنامة التي اقترحها شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فقد أوضح عامر العريض، القيادي في حركة النهضة، أن الانتخابات المحلية لن تجري في موعدها، أي في شهر أكتوبر المقبل، أو خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول) المقبلين، بل في شهر مايو (أيار) من سنة 2017. وهو ما أثر على سير الجلسة البرلمانية، وخلف تساؤلات حول اللغة الحاسمة التي قدم بها العريض تاريخ إجراء الانتخابات البلدية المقبلة.
من جهته، أشار يوسف الشاهد، وزير الشؤون المحلية والقيادي في حركة نداء تونس، إلى أن الانتخابات المحلية ستجري قبل نهاية شهر نوفمبر المقبل، موضحا أن الحكومة التونسية أوفت بتعهداتها، وأحالت مشروع القانون الانتخابي الجديد على البرلمان قبل ستة أشهر من الموعد المبرمج لتنظيم هذه الانتخابات، ودعا إلى الإسراع في تدارس القانون، والتعجيل بالتصديق عليه بهدف تأمين إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن بهدف تفادي وضع كارثي في مجال البيئة، وذلك بسبب تكفل جهات خاصة بالإشراف على الجماعات المحلية (البلديات).
وأكد الشاهد أن موعد عرض مشروع القانون المتعلق بالتقسيم الترابي للبلاد سيكون يوم الثلاثاء المقبل خلال مجلس وزاري مضيق، كاشفا عن وجود نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون تونسي خارج تغطية الدوائر البلدية، وقال: إنه ومن الضروري تأمين هذه التغطية قبل إجراء الانتخابات البلدية.
وخلال جلسة أمس طرح أعضاء اللجان البرلمانية عدة محاور للنقاش، من بينها تقسيم الدوائر الانتخابية، وطريقة الاقتراع، وإجبارية التسجيل في اللوائح الانتخابية، وإمكانية معاقبة المتخلفين عن أداء واجبهم الانتخابي، واحترام مبدأ التناصف في لوائح الترشح للانتخابات، وإمكانية إجراء الانتخابات البلدية في الموعد المحدد. لكن عددا من أعضاء البرلمان شككوا في إمكانية الالتزام بالرزنامة كما حددتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ومن المنتظر بعث نحو 17 منطقة بلدية جديدة ضمن برنامج تقسيم الدوائر الانتخابية، وذلك بهدف تغطية مختلف مناطق تونس، وضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من المواطنين في أول انتخابات بلدية شفافة منذ الاستقلال.
وبخصوص موعد الانتخابات، أكد صرصار أن الهيئة لم تقدم روزنامة ملزمة، بل اقترحت خريطة طريق، حددت على ضوئها تاريخا افتراضيا، وهو نهاية شهر أكتوبر المقبل، موضحا أن هذا التاريخ لا يعد «إكراها دستوريا»، فيما تبقى إمكانية إجراء الانتخابات البلدية في وقت آخر مطروحة.
وتطرق عدد من أعضاء البرلمان إلى تأخر عملية تجديد ثلث أعضاء الهيئة الانتخابات، ومدى تأثير هذا التأخير على تنظيم الانتخابات ككل، وكانت إجابة رئيس الهيئة أن مغادرة الأعضاء المعنيين بالتجديد لن تجري إلا إذا صادق البرلمان على الأعضاء الجدد، مؤكدا ضرورة توفر شرطين أساسيين لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها: الأول يتمثل في الإسراع بتقسيم الدوائر الانتخابية وتحديدها قانونيا، والثاني مرتبط بسن القانون الانتخابي المتعلق بالانتخابات البلدية والتصديق عليه قبل الرابع من أبريل (نيسان) المقبل.
على صعيد متصل، أثار قرار البرلمان منح النواب زيادة في الراتب جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أوساط المعارضة، وداخل صفوف المعطلين، وتنديدا بإجراء «استفزازي»، خاصة أنه جاء بعد موجة الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد.
وأعلن مجلس النواب أنه قرر تفعيل اقتراح زيادة بقيمة 900 دينار (400 يورو) المطروح منذ 2013. اعتبارا من فبراير (شباط) لتغطية تكاليف السكن والطعام، وهو ما أثار عدة انتقادات، بعضها جاء من نواب في المعارضة.
واعتبر سمير بالطيب، المتحدث باسم حزب المسار (يسار) أن إعلان هذا القرار بعد أن شهدت البلاد للتو موجة احتجاجات اجتماعية يعد «خطأ سياسيا. إنه استفزاز... فهل يريدون تشجيع المحتجين على استئناف حركتهم؟ إنه قرار بلا مسؤولية. يبدو وكأن البعض لا يرغب في استعادة الأمن».
أما على مواقع التواصل الاجتماعي فقد خلف القرار انتقادات حادة شابتها السخرية أحيانا، إذ قال مغرد في «تويتر» متهكما «900 دينار راتب (كامل) أم زيادة؟»، علما بأن معدل الرواتب في البلاد يبلغ 800 دينار. فيما بدأ آخرون أكثر عدائية واتهموا النواب «بسرقة الشعب».
على صعيد آخر، اعتقلت قوات الأمن التابعة لمنطقة الأمن الوطني بغار الدماء من ولاية (محافظة) جندوبة (180 كلم شمال غربي العاصمة) تلميذا بأحد معاهد المدينة، بعد اعترافه بتبني فكر تنظيم داعش. كما أوقفت خمسة عناصر أخرى، تنتمي بدورها إلى تنظيم أنصار الشريعة، المتشدّد والمحظور في تونس.
وأفادت التحقيقات الأمنية الأولية، أن التلميذ على علاقة بمجموعة مكونة من خمسة أفراد كانت تنظم اجتماعات سرية بأحد مساجد المدينة، وبث الأفكار المتشددة والتحريض على الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».