صفات متعددة قادت الملك سلمان لتأسيس دولة الكفاءات

أجمع مشاركون في ندوة الملك سلمان بن عبد العزيز، «قرارات وإنجازات»، التي عقدت ليلة أمس ضمن فعاليات النشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية 30، على أن سابع ملوك الدولة السعودية يملك صفات متعددة أهّلته لأن يؤسس بلادًا تسير وفق عمل مؤسسي مع الحفاظ على المكتسبات السابقة التي تحققت في عهود الملوك السابقين، معتبرين أن أولويات الملك سلمان بن عبد العزيز اتضحت منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد السلطة في بلاده من خلال تأكيده مواصلة برامج التطوير والتنمية في مختلف الجوانب السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، إضافة إلى تأكيده الحرص على الاستثمار في تنمية الإنسان السعودي، وتعزيز المكتسبات ومعالجة المعوقات وحفظ الحقوق وتحديد الواجبات. وقد ترجم الملك سلمان هذه التأكيدات إلى واقع عملي من خلال إعادة هيكلة الأجهزة وإلغاء كثير من المجالس والهيئات، ورفع مستوى الناتج المحلي وترسيخ دعائم التنمية الاقتصادية الشاملة.
وشدد المشاركون في الندوة على أن الوحدة الوطنية ونبذ كل أسباب الانقسام وشق الصف والمساس باللحمة الوطنية هي هاجس الملك سلمان، كما ترجم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اهتمامه لدعم جهود بلاده لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بالأمتين العربية والإسلامية إلى واقع عملي من خلال توجيه مجلس الشؤون السياسية والأمنية باقتراح الخطط والبرامج والرؤى لمواجهة هذه التحديات.
وأكد المشاركون حرص الملك سلمان على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، ومكافحة الإرهاب الذي اكتوت بناره كثير من الدول والشعوب، ملمحين إلى تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية، وتأسيس مركز عمليات مشتركة في مدينة الرياض، للتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة هذه الآفة العالمية، كما ترجم الملك سلمان حرصه على أن تؤدي بلاده واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها بإعلانه عملية عاصفة الحزم بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية لإنقاذ اليمن من الخارجين عن الشرعية وتهديد دول الجوار وتحويل البلاد إلى بؤرة للصراع المذهبي والطائفي، وذلك بعد طلب من القيادة الشرعية.
ووصف المشاركون الملك سلمان بأنه يحمل من الصفات المتعددة مثل قوة العزيمة ومحبته للعدل وبغضه للجور ومن يسعى إليه، كما وصفوه بأنه ملك التنمية ومهندس الأمم وقارئ التاريخ والواعي لدروسه.
وقال الدكتور سعد بن ناصر الشثري، إن الملك سلمان سعى ويسعى إلى تحقيق مقاصد الشرع في ظل كثرة المشكلات وتكالب الأعداء، ووجود التنظيمات والتخطيطات ومكر الأعداء، مضيفًا أن الملك سلمان نجح في الحد من هذه المشكلات لما يملكه من وعي بمجريات الأحداث ووقائع الناس وتاريخ الأمة، ومعرفته لكثير من أمور الملوك وسيرهم، متقدمهم ومتأخرهم، وما يملكه من جودة في الفهم وإدراك للمقاصد والمرامي، كما يملك من الذكاء والفطنة والحنكة والتجربة العملية الثرية وحسن التدبير وقوة العزيمة على فعل لما ينبغي أن يفعله، ولا يوجد له ضعف أو شيء يثنيه عن ذلك، كما يتميز بمحبته للعدل وأهله وبغضه للجور ومن يسعى إليه.
وزاد الشثري بالقول: «وعند الملك سلمان من طهارة القلب وحسن السريرة، والمعاملة بسماحة الخلق، ولين الجانب، والتواضع وسهولة اللقاء، كما يتميز بحسن العبارة، وصدق اللسان ما يعجز الإنسان عن وصف دقة لفظه، كما يملك من علو الهمة الشيء الكثير».
ومن جانبه، أكد الدكتور محمد الجاسر، أن «الحديث عن رجل بقامة سلمان بن عبد العزيز إنسانًا ومفكرًا وأميرًا وملكًا، لا يفي بحقه»، واصفًا عهده كسابع لملوك الدولة السعودية بعهد «الكفاءات الاقتصادية».
وتناول شذرات من فكره في المجال الاقتصادي باعتبار المتحدث عن الملك سلمان محافظًا لمؤسسة النقد، ووزيرًا للتخطيط والاقتصاد (سابقًا)، وقال: «عندما كان الملك سلمان بن عبد العزيز، أميرًا للرياض، نجح في نقل المدينة وتحويلها من قرية صغيرة إلى حاضرة كبيرة تزخر بكل شيء، وأوصل اقتصادها إلى حجم يفوق دولاً»، واصفًا الملك في هذا الصدد بأنه «مهندس الأمم بعد أن حول عاصمة بلاده الرياض إلى أنموذج ومثال يحتذى به، إذ إن فكر الملك التنموي الاقتصادي جعل مدينة الرياض، مقصدًا لسكان بلاده، وعاصمة للاقتصاد».
وعدد الجاسر أبرز إنجازات الملك سلمان عندما كان أميرًا ثم ملكًا من خلال إقراره إنشاء الغرفة التجارية والصناعية في الرياض، وإنشاء المدن الصناعية في العاصمة ومدنها الصناعية، مثل مدن سدير والخرج، ومتابعته لكل منجز اقتصادي في منطقة الرياض، والذي أثمر عن إنشاء اقتصاد كبير في عاصمة البلاد يضاهي كثيرًا من اقتصادات الدول، كما أنجز عندما تقلد مقاليد السلطة في بلاده قبل أكثر من عام إجراء غير مسبوق بإلغاء كثير من المجالس والهيئات واللجان ونقل اختصاصاتها إلى مجلسين؛ أحدهما للشؤون السياسية والأمنية، والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف تعزيز مسيرة التنمية والوصول إلى تكامل الأدوار وتحديد المسؤوليات والاختصاصات، ومواكبة التطورات وتحسين بيئة العمل وتقوية أجهزة الدولة.
ومن جانبه، اعتبر الدكتور فهد السماري، المستشار في الديوان الملكي، المشرف على دارة الملك عبد العزيز، أن ما يحدث في السعودية اليوم، هو «نتاج البعد الذي رسمه سلمان بن عبد العزيز قبل أن يتولى مقاليد السلطة في بلاده»، موضحًا أن «الملك حمل في ذهنه مبادرات وأفكارًا تنظيمية ومقترحات، وما نشاهده اليوم هي أفكار سابقة في التنظيم الإداري والتغيير، وبها قاد إلى تأسيسه مملكة جديدة من خلال العمل على إعادة هيكلة الكثير من القطاعات وقراءته الواعية للواقع والمستقبل والسير بالبلاد وفق هذين المنظورين، كما أن ما يميز الملك سلمان هو إلمامه بدراسة الظروف ثم طرح الحلول لمواجهتها وتجاوزها».
وزاد السماري بالقول: «إن الجانب المهم المتجذر في شخصية الملك سلمان، هو الثقافة والتاريخ، فهو الملك المثقف، والمؤرخ الواعي الذي يرى أن التاريخ يجب أن يعود ويعاش ويستوعب»، لافتًا في هذا الصدد إلى أن «إنشاء مركز الملك عبد العزيز التاريخي، وما تبعه من قطاعات تهتم بالتاريخ الوطني يمثل قمة اهتمام الملك بالتاريخ وحفظه وأخذ الدروس والعبر منه».
ولمح إلى أن عهد الملك سلمان سيشهد نقله ثقافية لافتة انطلاقًا من أن الجميع متفقون على أن الثقافة السعودية تحتاج إلى عناية خاصة، وكذلك إلى الالتفات لزوايا الإبداع والتحفيز.
وأكد جهاد الخازن، الكاتب الصحافي، أن لديه الثقة الكبيرة في أن السعودية بأيدٍ أمينة، نظرًا لحكمة وحنكة ملكها سلمان بن عبد العزيز الذي حقق حضورًا لافتًا في مجالات عدة، ورأى أن حرص الملك على إحلال الأمن والاستقرار في المناطق الملتهبة في العالم العربي، وقيامه بمبادرات في هذا الجانب، ونجاحه في تحقيق التحالفات مع دول كبرى لخدمة مصالح بلاده والأمة، تعد الأبرز في نظره.
وسرد الخازن قصصًا تؤكد العلاقة التي تجمع الملك سلمان بالصحافة والصحافيين، والمثقفين، معلقًا على حجم هذه العلاقة بالقول: «لو لم يكن سلمان بن عبد العزيز أميرًا ثم ملكًا، لكان يملك دارًا لافتة للنشر!».