الحكومة المصرية تروج لبرنامجها قبيل أيام من عرضه على البرلمان

رئيس الوزراء التقى عددًا من النواب.. وبرلماني: «لمسنا مصداقية في كلامه»

الحكومة المصرية تروج لبرنامجها قبيل أيام من عرضه على البرلمان
TT

الحكومة المصرية تروج لبرنامجها قبيل أيام من عرضه على البرلمان

الحكومة المصرية تروج لبرنامجها قبيل أيام من عرضه على البرلمان

أكد رئيس الحكومة المصرية، شريف إسماعيل، أن «حكومته انتهت من بيانها تمهيدا لعرضه أمام مجلس النواب.. قريبًا، وذلك خلال لقائه عددا من نواب البرلمان، ووعده لهم بتحقيق مطالبهم». وبينما قال مراقبون إن «الحكومة المصرية تسعى للترويج لبرنامجها وكسب ود النواب، ليتم تمريره وعدم الاعتراض عليه، قُبيل أيام من عرضه أمام النواب»، وقال النائب عصام سعد عباس، عضو مجلس النواب المصري، أحد حضور اللقاء لـ«الشرق الأوسط»: «لمسنا مصداقية في كلام رئيس الوزراء.. والحكومة تُريد ربط نبض الشارع ببرنامجها الذي سوف تعرضه على مجلس النواب».
ومن المقرر أن تعرض الحكومة برنامجها أمام البرلمان المصري، للموافقة على استمرارها من عدمه، وتوقعت مصادر مصرية أن «يتم تقديم البرنامج قبل نهاية الشهر الحالي وبعد الكلمة التي سيلقيها الرئيس عبد الفتاح السيسي في البرلمان»، لافتة إلى أن «تقديم برنامج الحكومة سيكون على عدة أيام.. وسيحضر الوزراء مناقشة البيان والرد على ملاحظات أعضاء مجلس النواب».
ومُنيت الحكومة بأول هزيمة لها أمام مجلس النواب، بعد أن رفضت لجنة بالبرلمان تمرير قانون الخدمة المدنية الذي يمس مصالح ملايين الموظفين بالدولة، وذلك خلال مناقشة القوانين التي صدرت في غيبة المجلس التشريعي لاتخاذ قرار بشأنها.
وقال رئيس الحكومة المصرية، خلال اللقاء الذي عقده مساء أول من أمس، مع أعضاء مجلس النواب عن محافظات «دمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس»، واستمر لأكثر من أربع ساعات، إن «الحكومة تسعى من خلال برنامجها لتحقيق النمو الاحتوائي الذي يتطلب التوازن بين التنمية والخدمات في جميع المحافظات»، مشددا على أن المواطن المصري ومحدودي الدخل في قلب برنامج الحكومة.. وأن صعيد مصر وسيناء سيكونان على رأس الأولويات.
وشدد رئيس الوزراء المصري على أن الحكومة والنواب على خط واحد في مسيرة العمل من أجل الوطن ومواجهة التحديات، معبرا عن ثقته في أن الحكومة والبرلمان سيحققان معا النجاح باعتبارهما جناحي العمل في المرحلة المقبلة، مضيفا أن المصريين يتطلعون لتحقيق هذا التعاون بين الحكومة والنواب، بما يحقق تحسن الظروف والأوضاع المعيشية.
وأكد شريف إسماعيل حرص حكومته على عقد لقاءات مع النواب بصورة دورية ومستمرة لتحقيق التعاون المثمر، وضرورة التعاون والتواصل المستمر بين الوزراء والنواب، وحل مشكلات دوائرهم، خصوصا في المجالات الخدمية، لافتا إلى أنه «لا مصلحة لنا إلا مصر والمواطن المصري».
من جانبه، قال عصام سعد، وهو عضو مجلس النواب عن محافظة الإسماعيلية: «طرحنا خلال الاجتماع المشكلات العامة، التي تمس المواطن خصوصًا في الصحة والإسكان والزراعة والري، ووعدت الحكومة بحلها جميعا، ولمسنا مصداقية في كلام رئيس الوزراء».
وقال سعد إن «الحكومة حاولت عمل تقليد جديد ومبادرة منها خلال لقائنا، حتى تتعرف على حقيقة المشكلات على أرض الواقع.. ولم يتطرق اللقاء إلى أي شيء آخر».
ويرى مراقبون أن «الفترة المقبلة خلال عرض برنامج الحكومة ستكون مفصلية، لتحديد ما إذا كان البرلمان قادرا على فرض وجوده أم لا.. وهل سيمنح ثقته للحكومة التي تعاني مشكلات كثيرة أهمها عدم قدرتها على ضبط الأسعار في الأسواق، فضلا عن الفساد الإداري المنتشر في أغلب قطاعاتها الخدمية».
ونفى النائب سعد ما يتردد في الأوساط السياسية المصرية عن أن «الحكومة تعهدت أمامهم بالاستجابة لجميع طلباتهم التي تقدموا بها لأهالي دوائرهم، في مقابل دعمها والموافقة على برنامجها وقت عرضه أمام البرلمان»، قائلا: «لم تعرض علينا الحكومة برنامجها.. ولو كانت عرضت علينا هذا (أي الموافقة على برنامجها في مقابل الاستجابة لمطالب الأهالي في دوائرنا الانتخابية)، لكنا رفضناه، لكن رئيس الحكومة لم يتحدث فيه ولم يُلمح إليه من الأساس»، مضيفا: «رئيس الحكومة يُدرك أن مجلس النواب جاء بإرادة شعبية، ولم يأتِ لخدمة الحكومة.. وأكبر شاهد على ذلك رفض النواب قانون الخدمة المدنية».
وأوضح النائب سعد قائلا: «فهمنا من اللقاء أن رئيس الحكومة يريد ربط نبض الشارع ببرنامجه الذي سوف يعرضه على مجلس النواب».
ولم يُحدد عضو مجلس النواب موعد تقديم الحكومة برنامجها، قائلا: «رئيس الحكومة لم يُحدد في اللقاء موعد عرض برنامجه على البرلمان، ولم يتحدث عن ذلك مطلقا، لكن لمسنا أن الموعد بات قريبا جدا، خصوصا بعد إعلانه أنه انتهى من البرنامج بشكل نهائي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».