مقتل «أبو دجانة المصري» مفتي تنظيم داعش في غارة غرب العراق

شارك في مظاهرات الإخوان عقب عزل مرسي.. وعمل مذيعًا وممثلاً وحكمًا رياضيًا

محمود الغندور المُلقب بـ«أبو دجانة المصري» («الشرق الأوسط»)
محمود الغندور المُلقب بـ«أبو دجانة المصري» («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل «أبو دجانة المصري» مفتي تنظيم داعش في غارة غرب العراق

محمود الغندور المُلقب بـ«أبو دجانة المصري» («الشرق الأوسط»)
محمود الغندور المُلقب بـ«أبو دجانة المصري» («الشرق الأوسط»)

قُتل محمود الغندور، المُلقب بأبو دجانة المصري «المفتي الشرعي» لتنظيم داعش الإرهابي في غارة جوية شرق مدينة الرمادي العراقية.
وقالت مصادر إن «الغارة الجوية أسفرت أيضا عن مقتل القيادي في التنظيم عامر حميد العيساوي». وأبو دجانة يعد من القيادات البارزة في «داعش» داخل العراق، وهو شاب مصري تخرج في كلية الحقوق جامعة عين شمس في القاهرة عام 2013، وسبق أن عمل مذيعا وممثلا وحكما رياضيا، كما أنه شارك في مظاهرات جماعة الإخوان عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وقال الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في تنظيم الجهاد المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن «التنظيم فقد كثيرا بعد تُدخل روسيا في سوريا، لكنه لا يزال قويا حتى الآن وما زال أمام التحالف الدولي مشوار طويل للقضاء عليه، حيث ينشط بقوة الآن في العراق وليبيا»، لافتا إلى أن «مقتل أبو دجانة لن يؤثر على التنظيم في شيء».
وأبو دجانة (24 عامًا) ولد في القاهرة وكان يقيم في أحد الأحياء الراقية في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) وقرر الانضمام لـ«داعش» ليكون بجوار صديقه القيادي البارز في التنظيم إسلام يكن، الذي نشر صورة تجمعهما سويًا في صفوف التنظيم، ليكون داعمًا لهم بكل شغف واقتناع غير مبررين، ويصبح بعدها يلقب باسم «أبو دجانة الغندور».
وسبق أن تداول عدد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في مارس (آذار) الماضي، مقطع فيديو للشابين المصريين إسلام يكن ومحمود الغندور يسخران فيه من شائعات تناولتها المواقع الإخبارية عن وفاة الغندور (أبو دجانة). وظهر في الفيديو إسلام يكن وهو يتلقى نبأ خبر وفاة صديقه الغندور، ويقوم بعد ذلك بتغيير اللافتة المعلقة أمام الدولاب الخاص بغندور، والمدون عليها اسمه بلافتة أخرى تحمل اسم «أبو سلمة بن يكن» وهو اسمه بعد أن انضم لتنظيم «داعش».
وعمل «أبو دجانة» حكما لكرة القدم بالدرجة الثانية، وعمه أحد أشهر حكام مصر الدوليين، رئيس لجنة الحكام باتحاد الكرة وهو الكابتن جمال الغندور. وبعد تداول خبر انضمامه لـ«داعش» أعلن رئيس لجنة الحكام المصرية لكرة القدم عن اتخاذ اللجنة قرارا بشطب «أبو دجانة» من قوائم الحكام. وفى تصريح لجمال الغندور قال إنه «قطع علاقته بنجل شقيقه منذ عامين بسبب سلوكه، لكنه كان يطمئن عليه من فترة إلى أخرى من والده لكن لا يتحدث معه». كما أن والد «أبو دجانة» يعمل مدربا لحراس مرمى أحد الأندية القطرية.
ولفت «أبو دجانة» نظر الجميع من زملائه خلال مرحلته الجامعية، حيث كان له طموح كبير في المجال الفني والإذاعي والرياضي، وكان شخصا مُحبا لذاته، وانضم لراديو الجامعة عقب دخوله الجامعة مباشرة وعمل مذيعا لأحد البرامج الشبابية، ثم بعد ذلك انضم لفريق التمثيل، وشارك حينها في مسرحية بعنوان «الملك القرد» وهي مسرحية هزلية، ولعب فيها دور «خطة الحكيم» وحاز على إعجاب كل الحاضرين. وتقول مصادر مصرية إن «أبو دجانة» التحق بـ«داعش» عن طريق صديقه إسلام يكن، كما أنه تعرف على عناصر كثيرة وقيادات من «داعش» عن طريق موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وسبق له أن نشر صورة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على صفحته بـ«فيسبوك» عقب مقتله عام 2012.
وشارك أبو دجانة في ثورة «25 يناير» عام 2011 التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان يدعم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل (مسجون حاليا) عندما أعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية عام 2012، وبعد عزل مرسي، الرئيس الإخواني، عقب ثورة «30 يونيو» عام 2013، تغير فكره نهائيا وأصبح أكثر حدة وعنفا عند الدفاع عن الإخوان وتيار الإسلام السياسي في مصر.
وفي العام الثالث له بالجامعة ترك «أبو دجانة المصري» فرقة التمثيل واتجه إلى كرة القدم حتى أصبح «حكم راية» في دوري الدرجة الثالثة، لكن نشاطه السياسي بدأ خلال المشاركة في مظاهرات جماعة الإخوان المسلمين عقب عزل مرسي، وهي المظاهرات العنيفة التي طالبت بعودة شرعية المعزول، وألُقي القبض عليه بتهمة انتمائه لتنظيم الإخوان، لكن السلطات المصرية، أفرجت عنه بعد فترة.
من جانبه، قال الشيخ نعيم إن «مقتل أبو دجانة لن يؤثر على التنظيم في شيء، فهو لدية كثير من المفتيين الشرعيين»، لافتا إلى أن التنظيم سيكون أشرس خلال الفترة المقبلة، رغم أنه فعلا من أقوى التنظيمات شراسة وذلك وفق ما يقترفوه من أفعال في حق القتلى والأسرى.
وحول توجه التنظيم للثأر من الغرب خلال الفترة المقبلة عقب مقتل «أبو دجانة» وآخرين، قال نعيم، «تهديدات التنظيم موجودة وموجهة للغرب في كل وقت، لأنه يرى أن الجميع كفار، على حد زعمه، لذلك يجب قتل شعوب أوروبا بالكامل».
وتقول المصادر المصرية، إن «أبو دجانة» سافر إلى سوريا في عام 2013 ضمن قوافل الإغاثة عبر تركيا، وعقب عودته ألقت قوات الأمن القبض عليه من منزله في 21 يوليو (تموز) عام 2014، لكنه بعد عودته من سوريا أصبح كارها للوضع العام في مصر، والتقى بإسلام يكن للمرة الأولى في إحدى صالات الألعاب الرياضية بمدينة نصر، ثم اختفى لفترة، قبل أن يظهر مرة أخرى ليعلن انضمامه وصديقة إسلام يكن لتنظيم داعش.
ويكن هو أحد العناصر البارزة في «داعش» ويُطلق عليه «أبو سلمة بن يكن»، انتقل من حي مصر الجديدة الراقي الهادئ في القاهرة وبالقرب من قصر الاتحادية الرئاسي، إلى التنظيم المتطرف. ليتفاجأ أهالي منطقته وأصدقاء المدرسة والجامعة بأنه يفتخر على مواقع التواصل الاجتماعي بانضمامه إلى تنظيم داعش.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».