«الخوف» يدفع الفنلنديين لتشكيل لجان أمنية «لحماية النساء» من اللاجئين

في ظل تزايد الكراهية والاعتداءات ضد طالبي اللجوء في الدول الأوروبية

أفراد من «لجان الأمن» الفنلندية يجوبون شوارع مدينة تامبيري جنوب وسط فنلندا (واشنطن بوست)
أفراد من «لجان الأمن» الفنلندية يجوبون شوارع مدينة تامبيري جنوب وسط فنلندا (واشنطن بوست)
TT

«الخوف» يدفع الفنلنديين لتشكيل لجان أمنية «لحماية النساء» من اللاجئين

أفراد من «لجان الأمن» الفنلندية يجوبون شوارع مدينة تامبيري جنوب وسط فنلندا (واشنطن بوست)
أفراد من «لجان الأمن» الفنلندية يجوبون شوارع مدينة تامبيري جنوب وسط فنلندا (واشنطن بوست)

في إحدى الليالي الباردة بمدينة تامبيري الصناعية، قاد ثلاثة رجال سيارتهم بالقرب من شاحنة متهالكة تحمل شعار العلم الأميركي، وانضموا إلى عدد من الرجال الذين تجمعوا على الرصيف ليشكلوا دورية أمنية مهمتها «حماية نسائهم».
لم تكن تلك المجموعة من الرجال سوى جنود «أودين»، وهي جماعة من المواطنين جرى تشكيلها حديثا وتفرعت عنها مجموعات أخرى في مختلف مدن فنلندا. وتزايدت أعداد منتسبي تلك الجماعة في دولة أصبحت مثالا حيا للخوف الذي بات يسيطر على أوروبا بأسرها في ضوء الاعتداءات الجنسية المتكررة المزعومة، والتي ارتكبها طالبو لجوء وغيرهم أثناء احتفالات رأس السنة الميلادية.
جرى الإعلان عن تلك الحوادث في وسط وشمال أوروبا إثر ورود مئات البلاغات عن التحرش والاعتداءات الجنسية في مدينة كولونيا الألمانية، فضلا عن 15 اعتداء جنسيا بالعاصمة الفنلندية هلسنكي، ما نبّه المواطنين للجدل الدائر حول أفواج الباحثين عن اللجوء في أوروبا والقادمين من دول الشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا. وعليه جرى وضع قيود جديدة تمتد من السويد حتى اليونان للحد من الهجرة.
وفي سياق هذه الإجراءات، أعلنت ألمانيا عن تعليق السماح للاجئين باستقدام أفراد عائلاتهم لسنتين على الأقل، كما قررت رفض وترحيل المزيد من الباحثين عن اللجوء من دول شمال أفريقيا. وساند البرلمان الدنماركي إجراء يسمح بمصادرة الأموال ومقتنيات المهاجرين الثمينة.
وفى ضوء بلاغات التحرش بالنساء، شرعت بعض حمامات السباحة العامة والملاهي الليلية في ألمانيا في حظر دخول الرجال ممن يعيشون في الأماكن التي تؤوي اللاجئين. كما تجوب «لجان الأمن» الجديدة الشوارع، ما أدّى إلى تساؤل البعض عن ما إذا كان اللاجئون، خاصة القادمين منهم من مجتمعات إسلامية متشددة، يشكلون تهديدا على النساء الغربيات. وقال أيكا (33 عاما)، وهو بائع طفايات حريق إن «هؤلاء اللاجئين لا يحترمون نساءنا»، مضيفا: «لدي أربع بنات، وكانوا يعيشون في سلام في فنلندا، لا بد أن نفعل شيئا تجاه ما يحدث». بيد أن النقاد يقولون: إن الوضع مبالغ فيه بشكل كبير، وإن بعض أشخاص معدودين سيئين هم من ارتكبوا هذه الحوادث. من جهتهم، اعترف طالبو اللجوء بأن بعضا منهم يجد صعوبة في فهم التقاليد الغربية، تحديدا ما يتعلق منها بالنساء. ووردت بلاغات جديدة عن اعتداءات جنسية يشتبه في أن مرتكبيها من الباحثين عن اللجوء في فنلندا، منها بعض حالات الاغتصاب حدثت عشية رأس السنة الجديدة.
وفي السويد المجاورة، طُعنت عاملة إغاثة تبلغ من العمر 22 عاما حتى الموت الأسبوع الماضي من قبل مهاجر لم يتعد عمره 15 عاما، حسب مسؤولين. وفجر مقتل الفتاة جدلا حول التهديدات الأمنية التي يشكلها القادمون الجدد، من بينهم أعداد كبيرة من الشباب صغير السن صدمته مشاهد الحرب في بلاده.
وشكلت حالة الكراهية المتنامية ضد طالبي اللجوء قلقا بالغا بين الأوساط الاجتماعية في مختلف مدن أوروبا، مثلما في حالة مدينة تمبيري الفنلندية. وتقع هذه المدينة في جنوب وسط فنلندا. وعلى مدار الشهور الستة الماضية، استقبلت المدينة 4.000 طالب لجوء، أغلبهم من العراق التي تعاني ويلات الحرب. وخلال هذه الفترة حدث 50 اعتداء تورط فيه اللاجئون، إما كمشتبهين أو كمدانين، يذكر منها حادث الاعتداء المزعوم على سيدة فنلندية ومطاردة فتاة أخرى بهدف التحرش بها.
ولم يقتصر الشعور بتغير في المجتمع على الفنلنديين، بل شمل كذلك المقيمين من الأجانب بالمدينة. ويروي عباس العرجا، ملاكم عراقي سابق يبلغ من العمر 25 عاما وانتقل للعيش في فنلندا عام 2010 أنه «تدخل الشهر الماضي ليمنع اثنين من اللاجئين العراقيين من التحرش بسيدة فنلندية كانت منزعجة من سلوكهما بشكل واضح». وأضاف عباس أن «بعض هؤلاء اللاجئين في حاجة لتعلم الكثير»، فهم «لا يفهمون ما يعني ارتداء فتاة فنلندية لهذا النوع من اللباس». في المقابل، تشعر المسلمات الآن بالخوف من الخروج للشارع بسبب تواجد جنود جماعة «أودين»: «ما فعلناه بأنفسنا هو أننا أصبحنا نخاف منهم وهم باتوا يخافون منا»، وفق شهادة عباس.
ولا يقتصر القلق على مدينة تمبير الفنلندية فحسب، ففي الأسابيع الأخيرة انتشرت مبيعات «رذاذ الفلفل» في جميع أنحاء فنلندا وألمانيا كأداة دفاع جديدة، وكذلك انتشرت في بعض مدن ألمانيا مبيعات الأسلحة المزيفة لاستخدامها في ترهيب المعتدين.
وفي الكثير من المدن الألمانية، ومنها مدينة بورنهيم، جرى منع الكثير من طالبي اللجوء من دخول حمامات السباحة العامة بعد أن اشتكت سيدات من التحرش. وفي مدينة زوكاو الألمانية، جرى كذلك طرد لاجئين من حمامات السباحة، مما أثار جدلا في مواقع التواصل الاجتماعي.
يأتي ذلك في الوقت الذي أفاد فيه مسؤولون بولايتي بافارايا وبيدين وارتمبرغ الألمانيتين، بالإضافة إلى الدنمارك وسويسرا، أنهم يحتفظون بحق مصادرة الأموال والمقتنيات النفيسة التي تتعدى قيمتها 750 يورو (818 دولارا) من الباحثين عن اللجوء للمساعدة في نفقات العناية والإعانات المقدمة لهم.
من جهتها، حذرت المفوضية الأوروبية الأربعاء الماضي اليونان من أنها قد تتعرض لتجميد عضويتها في منطقة «شينغن» لحرية التنقل لأي من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وقد فرضت فرنسا وألمانيا والدنمارك والسويد والنمسا عددا من الضوابط الحدودية الجديدة، وهو ما يعرض مستقبل الحدود الأوروبية المفتوحة للخطر مع سعي البلدان لخفض تدفق اللاجئين.
وفي يناير (كانون الثاني) قال هاينز كريستيان ستراتشه، زعيم حزب الحرية اليميني في النمسا: «نحن نريد مجتمعا تستطيع فيه السيدات والمسنون الانتقال من جديد بأمان وحرية في شوارعنا». وأضاف: «مشاعر كراهية واحتقار النساء التي شهدناها للأسف لها جذور إسلامية.. لأنها موجهة ضد السيدات (الكافرات) اللائي يتعرضن في كثير من الأحيان للإهانة بسبب عدم ارتدائهن لغطاء الرأس والنقاب».
وفي هيلسنكي، قالت الشرطة إنها شهدت زيادة في وقائع الاغتصاب في النصف الأخير من 2015، بالتزامن مع زيادة بلغت 32 ألفا من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى فنلندا. لكن الزيادة – 196 حالة اغتصاب في 2015، مقارنة بـ179 في 2014 – تمثل زيادة طفيفة من الناحية الإحصائية. وفي حين رفض المسؤولون تقديم مزيد من التفاصيل، فإنهم قالوا: إن طالبي لجوء أو لاجئين يشتبه بتورطهم في 3 من عمليات الاغتصاب على الأقل. لكن المسؤولين أضافوا أنه من السابق لأوانه اعتبار هذه الأرقام «نمطا» في سلوك اللاجئين.
وقال رئيس شرطة هيلسنكي، لاسه أبيو: «ما زلنا بحاجة لمزيد من المعلومات التفصيلية والتحليل قبل الجزم في صلة بين الزيادة في حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي والزيادة في أعداد اللاجئين. لكننا بحاجة لنكون على أهبة الاستعداد، ونحن متخوفون بالطبع، لأنه من الواضح أننا نواجه بعض التغييرات في مجتمعنا الآن».
ولدى الشرطة والسلطات الوطنية تخوف بشأن الزيادة في جماعات «الأمن الشعبي» ودوريات الشوارع التي يقوم بها المواطنون، مثل جماعات «الأمن الفنلندية». وتضم جماعة «جنود أودين»، الذين يشير اسمهم إلى إله الحرب والموت النوردي (أودين)، وهم نازيون جدد معروفون وأتباع من أصحاب السجلات الإجرامية، فضلا عن غيرهم من الرجال العاديين.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص لـ«الشرق الأوسط»



«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.