الجمود سيد الموقف في محادثات السلام اليمنية

متحدث باسم بان كي مون: ليس لدينا موعد وقلقون من سقوط مدنيين في السعودية

الجمود سيد الموقف في محادثات السلام اليمنية
TT

الجمود سيد الموقف في محادثات السلام اليمنية

الجمود سيد الموقف في محادثات السلام اليمنية

أشار عدد من الدبلوماسيين بالأمم المتحدة إلى أنه لا يوجد أي موعد قريب لعقد جولة محادثات جديدة بين الأطراف اليمنية. وأوضحوا أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد لا يزال يبذل محاولات وجهود دبلوماسية لإعادة بحث إقامة جولة أخرى من المحادثات بين الأطراف اليمنية، رغم الشكوك والتباعد بين الأطراف اليمنية، وتزايد الاحتمالات بحل عسكري يفرض نفسه مع وصول القوات الموالية للحكومة والمدعومة من قوات التحالف إلى مشارف صنعاء وتعز.
وقال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن بان كي مون تبادل مع نائب رئيس الوزراء العماني فهد بن محمد آل سعيد وجهات النظر حول أفضل السبل لتعزيز السلام والاستقرار في اليمن، ورحب الأمين العام بجهود سلطنة عمان في دعم المحادثات اليمنية.
وقال حق خلال المؤتمر الصحافي بنيويورك: «ليس لدينا موعد للمحادثات المباشرة بين الأطراف اليمنية وما يقوم به الأمين العام للأمم المتحدة من مشاورات في سلطنة عمان هي مساندة لجهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وسلطنة عمان تلعب دورا هاما في مساندة جهود ولد الشيخ لحل الأزمة اليمنية».
وأعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن القلق من إعلان المملكة العربية السعودية سقوط 376 مدنيا منذ بدء الضربات، وقال: «لدينا قلق من التصرفات الهجومية وسقوط المدنيين ومستمرون في تقصي الحقائق حول الانتهاكات العسكرية».
كان العميد الركن أحمد عسيري قد أعلن بسقوط 376 مدنيا في جنوب السعودية حصيلة سقوط قذائف تم إطلاقها من اليمن بعد إطلاق المتمردين الحوثيين أكثر من 40 ألف قذيفة هاون وصاروخ بمعدل 129 يوميا منذ بدء ضربات التحالف شن غارات في اليمن دعما للحكومة اليمنية الشرعية.
وقال دبلوماسي غربي لـ«لشرق الأوسط»: «ما زال إسماعيل ولد الشيخ أحمد يقوم بجولات في دول المنطقة كان آخرها دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن، بهدف محاولة إحداث اختراق في الموقف، لكنه لم يتمكن حتى الآن، من التوصل إلى أرضية جديدة من أدنى درجات التوافق بما يسمح بإعلان قريب لجولة من المحادثات لذا فالمحادثات معلقة إلى أجل غير مسمى».
وقال مسؤول دبلوماسي بالأمم المتحدة إن محاولات جلب الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار تشهد الكثير من العراقيل خاصة مع تمسك الحكومة اليمنية بمطالب الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سكان تعز قبل الذهاب إلى جولة ثالثة من مباحثات السلام، فيما يشترط الحوثيون وقف الضربات العسكرية لقوات التحالف كشرط مسبق لقبول المشاركة في المحادثات.
وقد زادت المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من تحذيراتها من انعدام الأمن الغذائي في اليمن في خضم الصراع وعدم توافر المواد الغذائية الأساسية، وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إن أكثر من 14 مليون يمني يعانون من أزمة غذائية كبيرة.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي كون في خطابه بكلية الدفاع الوطني بسلطنة عمان صباح الثلاثاء خلال زيارته للسلطنة، إن الصراع في اليمن خلف خسائر بشرية رهيبة وإن منع الصراعات بدلا من محاولة حلها بعد اندلاعها هي أضمن طريق لتحقيق الاستقرار، وطالب مون جميع الدول والحكومات ببذل الجهد الواجب لحل الوضع في اليمن وطالب بشكل خاص القوى العظمى أصحاب النفوذ الإقليمي ومن يعملون وراء الكواليس لتحقيق الصالح العام لليمن.
وقال مون إن مهمة الأمم المتحدة هي إنقاذ الأجيال المقبلة من ولايات الحرب ومنع نشوب الصراعات المسلحة. وأشار الأمين العام إلى كل من سوريا واليمن باعتبارهما مثالين لضرورة أن يتم حل الصراعات عن طريق طاولة المحادثات وليس باستخدام الحل العسكري. وقال: «علينا أن نفعل الكثير للاستفادة من هذه الدروس في سوريا واليمن، فالجميع يخسر وأكبر الضحايا هم السكان المدنيون. وأدان مون انتهاكات القانون الدولي والإنسان وانتهاكات حقوق الإنسان التي تجري خلال النزاعات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم