«عقار له تاريخ»: منزل ستياجين.. أطول بيت خشبي في العالم

يتكون منزل ستياجين من 13 طابقا ويصل ارتفاعه إلى 144 مترا
يتكون منزل ستياجين من 13 طابقا ويصل ارتفاعه إلى 144 مترا
TT

«عقار له تاريخ»: منزل ستياجين.. أطول بيت خشبي في العالم

يتكون منزل ستياجين من 13 طابقا ويصل ارتفاعه إلى 144 مترا
يتكون منزل ستياجين من 13 طابقا ويصل ارتفاعه إلى 144 مترا

خلال محاولة لبناء بيت خشبي يكون أطول من بيت جاره المجاور، وجد أن شغفه لم يُشبع بعد، فقرر الاستمرار في البناء دون أن يعلم أو يقرر أنه سيبني أطول بيت خشبي مملوك لأسره في العالم.
المنزل بناه المليونير الروسي نيكولاي بيتروفيتش ستياجين مع أسرته في عام 1992 في مدينة أرخانجيلسك الروسية، ليشتهر فيما بعد بمنزل ستياجين أو Sutyagin House، وكان يهدف في بداية بنائه لمنزله إلى بناء بيت ضخم وأكثر ارتفاعًا من جيرانه في محاولة منه لإظهار نفوذه وثروته. وقام ببنائه من دون تراخيص بناء من الإدارة المحلية للمدينة، ومن دون تخطيط مسبق لمعمار البناء وارتفاع محدد، وهو ما أدخله لاحقا في تعقيدات ومشاكل مع إدارة المدينة.
وبدأ نيكولاي بناءه الخشبي بطابقين فقط، وتوقف عندهما بعد تحقيق رغبته في إظهار نفوذه. ولعشقه للبيوت الخشبية قرر السفر إلى النرويج واليابان لمشاهدة البيوت الخشبية لديهم، وعندما عاد وجد أن سطح منزله به مساحة كبيرة غير مستغلة أراد استغلالها بشكل أكثر كفاءة، فقرر الاستمرار في البناء. ولم يكن يخطط لبناء عدد معين من الطوابق بل كان يبني كل طابق على أنه آخر طابق، وينظر إلى مظهره الخارجي، فإذا لم يعجبه استمر في البناء، ويقول ستياجين عن ذلك: «استمررت في البناء حتى وصلت إلى ما يمكن أن نطلق عليه نتيجة سعيدة بالمصادفة من دون تخطيط».
وظل المنزل مهددا بالهدم من قبل الجهات الرسمية في المدينة طوال فترة بنائه لتجاوزه الارتفاع المسموح به للمنازل الخشبية في روسيا وهو طابقان فقط، بجانب الخوف من خطر اندلاع الحريق وصعوبة وصول جهات الإطفاء إليه في وقت مناسب لكونه في منطقة نائية. وفي محاولة للتحايل على المحكمة قام ببناء جدار حول الطابق الثاني للمنزل ليقنع المحكمة بأن منزله مكون من طابقين فقط وأن الباقي هو مجرد ديكور للمنزل.
ويُعتقد أن بيت ستياجين الخاص هو أطول بيت خشبي في العالم، يتكون من 13 طابقا ويصل ارتفاعه إلى 144 قدما وهو ما يوازي نصف ارتفاع برج بن الشهير في إنجلترا. واستغرق بناؤه كاملاً نحو 15 عاما.
وفي عام 1998 أدين نيكولاي بيتروفيتش ستياجين بتهمة الابتزاز، وقضى عقوبة السجن لمدة أربع سنوات، واتهم منافسيه بسرقة أمواله وتدمير معدات شركة البناء الخاصة به أثناء فترة وجوده بالسجن، ليخرج منه مفلسًا لا يملك شيئا. ويسكن في غرفات الطابق السفلى ضعيفة التدفئة في بيته الخشبي مع زوجته لينا.
وفي محاولة منه لجذب الزائرين لبيته ومواصلة الحياة بعد إفلاسه، قرر ستياجين أخذ الزائرين في رحلة خطرة للطوابق العلوية في منزله، عبر السلالم الخشبية الزلقة جراء تراكم الجليد عليها والخشب المتعفن بعد سنوات من عدم صيانته بالشكل اللازم. واستطاع بذلك تحويل مقر إقامته الخشبي الأطول في العالم إلى وجهة يقصدها زائرو المدينة.
ولكن لم تدم فرحة ستياجين طويلاً، ففي عام 2008 لم تقتنع المحكمة بدفاعه وقررت إزالة المنزل الخشبي خوفًا من سرعة انتشار الحرائق في المدينة مع ارتفاع المنزل، وتم هدم الأدوار العلوية للمنزل ولم يبق منه إلا أربعة أدوار حاول بيتروفيتش الإبقاء عليها، لكنه لم يتمكن من ذلك طويلاً. وتم حرقه وتسويته بالأرض في مايو (أيار) من عام 2012 لتنتهي معها قصة أطول منزل خشبي في العالم كان مكونا من 13 طابقا.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»