«القاعدة» تسيطر على بلدة في شبوة النفطية.. وطائرات الدرون تحلق في سماء المدينة

بعد أن بدأت قوات التحالف في محاصرة عمليات تهريب الأسلحة والنفط إلى الميليشيات

«القاعدة» تسيطر على بلدة في شبوة النفطية.. وطائرات الدرون تحلق في سماء المدينة
TT

«القاعدة» تسيطر على بلدة في شبوة النفطية.. وطائرات الدرون تحلق في سماء المدينة

«القاعدة» تسيطر على بلدة في شبوة النفطية.. وطائرات الدرون تحلق في سماء المدينة

سيطر مسلحو تنظيم القاعدة في جنوب اليمن، أمس، على مدينة عزان، بمديرية ميفعة في محافظة شبوة بجنوب شرقي البلاد، وقالت مصادر محلية في شبوة إن ما يقرب من 6 عربات عسكرية، يستقلها العشرات من المسلحين المتشددين، داهموا المدينة، فجرا، وقاموا بالسيطرة على مباني السلطة المحلية والأمن، وكذا استحداث نقاط أمنية وسط المدينة الصغيرة وفي مداخلها ومخارجها.
وفي وقت لاحق، من مساء أمس، قال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن تعزيزات بعشرات المسلحين والأطقم العسكرية، التي يستخدمها مسلحو القاعدة، وصلت من حضرموت إلى مدينة عزان، في الوقت الذي أكد الشهود أن طائرات من دون طيار، يعتقد أنها أميركية، عاودت التحليق في سماء المدينة والمناطق الجبلية المحيطة بها، بعد توقف دام بضعة أشهر، وتعد عزان ثاني أكبر مدينة تجارية في محافظة شبوة الغنية بالنفط والغاز.
وقال محافظ شبوة، العميد عبد الله النسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحي «القاعدة» قدموا إلى مدينة عزان من مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت المجاورة، وذلك ليعيدوا السيطرة على المدينة مرة أخرى، بعد فترة طويلة على مغادرتها، بعد أن تمكنوا من السيطرة على مدن سواحل حضرموت، وحول أهمية هذه المدينة بالنسبة للتنظيم المتطرف، قال العميد النسي إن مدينة عزان تمثل بؤرة ووكرا لـ«القاعدة» منذ فترة طويلة، وإن أهميتها تكمن في أنها منطقة محصنة وبها وديان وجبال، مشيرا إلى أن قوات الجيش سبق وحاولت، أكثر من مرة، تطهيرها إلا أن تلك المحاولات توقفت مع التطورات الراهنة في البلاد منذ 2011.
وأثارت خطوة سيطرة «القاعدة» على هذه البلدة، جملة من التساؤلات في الساحة اليمنية والساحة الجنوبية، على وجه التحديد، وذلك بعد انسحاب عناصر «المقاومة الشعبية» من المدينة، قبل دخول المتطرفين إليها، رغم أن بعض الأطراف ترى أن المسألة طبيعية في ظل وجود تنظيم القاعدة في مدينة المكلا بحضرموت، والذي يسيطر عليها منذ الثاني من أبريل (نيسان) العام الماضي، بعد انسحاب القوات العسكرية الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
ويعتقد مراقبون أن هناك دوافع وراء هذا التحرك في محافظة شبوة، تحديدا في الوقت الراهن، خاصة بعد أن بدأت قوات التحالف، الأسبوع الماضي، في التحرك بحرا وجوا في محاولة لإيقاف عمليات تهريب الأسلحة والمشتقات النفطية، عبر موانئ شبوة، الرسمية والمستحدثة، إلى الميليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات.
ويعتقد رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، باسم فضل الشعبي أن سيطرة «القاعدة» على مدينة عزان «يأتي ضمن خطة خلط الأوراق في الجنوب من قبل أطراف تلعب بورقة الجماعات الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «عزان منطقة استراتيجية تقع ما بين شبوة وحضرموت في شرق اليمن، وربما تندرج عملية السيطرة عليها ضمن مخطط إرباك الأوضاع في شبوة وصرف أنظار قيادة السلطة المحلية والجيش الوطني هناك في محاربة تهريب المحروقات والأسلحة للتحالف الانقلابي الذي يتم عبر ميناء بئر علي في شبوة مرورا بعتق إلى بيحان»، وأن ما حدث يأتي «بعد أن بدأت توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي بقطع خطوط التهريب على الانقلابيين، تؤتي أكلها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.