جيمس مردوخ يعود رئيسا لـ«سكاي»

تعزيز موقع ريبيكا بروكس على خريطة وسائل الإعلام الأوروبية

جيمس مردوخ .. وفي الإطار ريبيكا بروكس
جيمس مردوخ .. وفي الإطار ريبيكا بروكس
TT

جيمس مردوخ يعود رئيسا لـ«سكاي»

جيمس مردوخ .. وفي الإطار ريبيكا بروكس
جيمس مردوخ .. وفي الإطار ريبيكا بروكس

قالت محطة «سكاي» التلفزيونية البريطانية أول من أمس إن جيمس مردوخ سيعود ليشغل منصب رئيس المحطة، بعد مضي ما يقرب من أربع سنوات على رحيله المذل في خضم فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية التي هزت مجموعة «نيوز كوربوريشن».
ويأتي الإعلان في أعقاب عودة شخصية مركزية أخرى في الفضيحة، وهي ريبيكا بروكس، مؤخرا، وقد أثار تكهنات بأن عائلة مردوخ قد تستعد لتعزيز وجودها على خريطة وسائل الإعلام الأوروبية من خلال محاولة استحواذ جديدة على «سكاي».
وتمتلك وحدة الولايات المتحدة التابعة للشركة، «فوكس القرن الـ21»، حصة تبلغ 39 في المائة من الأسهم في «سكاي».
وقال الرئيس التنفيذي لـ«سكاي»، جيريمي مردوخ، في بيان مصاحب لتقرير النتائج المالية النصف سنوي للمحطة البريطانية: «نحن سعداء لموافقة جيمس مردوخ على شغل منصب الرئيس». وأضاف: «ستكون معرفة جيمس العميقة بصناعة الإعلام الدولي ورغبته في دعم نجاح (سكاي) المستمر، إسهاما إضافيا لعملنا في المستقبل».
والسيد مردوخ، هو الابن الأصغر لمؤسس «نيوز كوربوريشن»، روبرت مردوخ، والرئيس التنفيذي لـ«فوكس القرن الـ21»، وهو منصب شغله في يونيو (حزيران)، خلفا لوالده. وفي «سكاي»، سيخلف مردوخ الرئيس الحالي، نيكولاس فيرغسون، الذي سيتقاعد في أبريل (نيسان) .
تولى مردوخ الابن خلال الفترة من 2007 إلى 2012، رئاسة محطة «سكاي»، وهو من أبرز المناصب المرموقة على صعيد وسائل الإعلام البريطانية، وكان يعتبر على نطاق واسع الخليفة الأقرب لقيادة إمبراطورية والده العالمية التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
غير أن الكشف في عام 2011 عن تورط مراسلين لدى صحيفة التبلويد البريطانية «نيوز أوف ذا وورلد»، المملوكة لـ«نيوز كوربوريشن»، في التنصت على الاتصالات الهاتفية لسيدة بريطانية شابة وقعت ضحية عملية قتل، والاستماع إلى رسائل البريد الصوتي الخاصة بها، سرعان ما تطورت إلى فضيحة طوقت عمل الصحيفة.
وفي نهاية الأمر أجبر السيد مردوخ، الذي كان يرأس فروع المجموعة في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا آنذاك، على الإشراف على إغلاق «نيوز أوف ذا وورلد»، كما أجبر على سحب عرض بقيمة 12 مليار دولار للاستحواذ على نسبة الـ61 في المائة المتبقية من أسهم «سكاي»، التي كان اسمها في ذلك الوقت «بي سكاي بي».
ولم يثبت على الإطلاق أن السيد مردوخ كان على معرفة مباشرة بعمليات التنصت التي تورط فيها موظفو الصحيفة بحسب «نيويورك تايمز» أمس. لكن لجنة تحقيق برلمانية اتهمته بـ«الإغفال العمدي» بعد اعترافه بإخفاقه في قراءة رسائل البريد الإلكتروني التي تشير إلى تسويات تم دفعها لضحايا التنصت. استقال السيد مردوخ كرئيس للمجموعة في أوائل 2012، حتى لا يتحول إلى «مانعة صواعق» بالنسبة إلى سكاي، على حد تعبيره. واحتفظ بمقعده في مجلس الإدارة.
كما طالت الفضيحة عددا من مساعدي السيد مردوخ البريطانيين الآخرين، من بينهم السيدة بروكس، 47 عاما الآن، التي عادت لمنصبها في سبتمبر (أيلول) كرئيس تنفيذي لـ«نيوز يو كيه»، المؤسسة التي تصدر صحيفة «التايمز» اللندنية، بعدما برأت محكمة ساحتها من ارتكاب أي مخالفة على صلة بقضية التنصت. وكانت تقارير بريطانية كشفت أن جيمس مردوخ سيترك لندن للعيش في نيويورك قريبا من والده وبعيدا عن «عين العاصفة» التي تتابعها الصحافة البريطانية بشكل يومي بسبب انعقاد لجنة التحقيق في «أخلاقيات الصحافة». وكان جيمس مردوخ قد نفى في ثاني ظهور له أمام لجنة برلمانية بريطانية أي علم له بتفشي التنصت كممارسة للمراسلين العاملين في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وكان قد ظهر مع والده في بداية الفضيحة التي نشرت تفاصيلها صحيفة «الغارديان»، ونفى الاثنان أي علم في موضوع التنصت، وقالا إن بعض الأشخاص القليلين جدا مارسوا التنصت ولم يكن ذلك يمثل سياسة الشركة. إلا أنه اضطر إلى الظهور ثانية أمام اللجنة التي اتهمته بأنه ضللها، بعد أن شهد رئيس تحرير الصحيفة السابق ومحامي الشركة بأنه كان على علم بالموضوع. وقال مردوخ إن اثنين من الرؤساء التنفيذيين السابقين في الصحيفة ضللا اللجنة البرلمانية التي كانت تحقق في الفضيحة.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.