سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

دعوات للضغط على حزب الله للكفّ عن استخدام أجهزة الدولة ضدهم.. وتخوفات من دفعهم للتطرف

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي
TT

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

سنّة لبنان يشكون «اختلال ميزان العدالة» و«التهميش».. ويحذّرون من دفعهم إلى النموذج العراقي

ما يصفه كثرة من اللبنانيين بـ«هيمنة» حزب الله على القرارين السياسي والأمني في لبنان ولّد احتقانا مذهبيا، تنامى بالتوازي مع تراكمات أنتجتها تطورات محلية وإقليمية، وامتدت في المنطقة، لا سيما في سوريا والعراق، على شكل استقطاب سنّي - شيعي، ما كانت الحسابات الإيرانية بعيدة عنه.
ولئن كان احتفاظ حزب الله الشيعي بسلاحه حتى بعد الانسحاب الإسرائيلي من العوامل التي أدت إلى اختلال في ميزان القوى الداخلي، ومن ثم ولادة ما يعتبره كثيرون شعورا بالغبن والاستضعاف في الشارع السنّي اللبناني، فإن نتائج غزو العراق وتداعيات الثورة السورية فاقمت الوضع لدرجة تهدّد بإدخال لبنان في المجهول.
رفع قرار القضاء العسكري اللبناني أخيرا بالإفراج عن الوزير الأسبق ميشال سماحة منسوب النقمة في الشارع السّنّي الذي يعتبر نفسه «مغبونا» حينا و«مغلوبا على أمره» في أحيان أخرى. ذلك أن سماحة كان قد حوكم وأدين في قضية إدخال متفجرات من سوريا إلى لبنان، والتخطيط لقتل نواب ورجال دين ومواطنين من الطائفة السنّية في منطقة عكار (شمال لبنان) خلال تجمّعات شعبية وموائد إفطارات رمضانية.
إلا أن إطلاق سراح سماحة ما كان سوى رأس جبل الجليد من سلسلة تطوّرات قضائية وسياسية، تبدأ من الاستمرار في توقيف من باتوا يُعرفون باسم «السجناء الإسلاميين» في سجن رومية (شرق بيروت)، ولا تنتهي بمشاركة حزب الله اللبناني الفعالة في الحرب السورية ضد قوات المعارضة السورية، التي تحظى بتأييد معظم السّنّة في لبنان. ومن ثم، أدّت التراكمات إلى تحذيرات من أن يقود هذا الشعور بـ«الغُبن» الشباب السّنّة إلى «التطرّف»، على غرار ما حصل في العراق، بحسب ما يقول خبراء ومتابعون لـ«الحركات الإسلامية» والمتشددة في البلاد.
صحيح أن ميشال سماحة خرج من السجن بقرار قضائي، لكن في رأي قسم كبير من الشارع السّنّي الغاضب، فإن «قرارا سياسيا يقف خلف قرار محكمة التمييز العسكرية»، وهو ما عبّرت عنه أيضا عائلات الموقوفين الإسلاميين، الذين يعتبرون أن قرارا سياسيا آخر يقف أيضا وراء الاستمرار في اعتقال أبنائهم الذين تغصّ بهم السجون اللبنانية، وهم موقوفون من دون محاكمة منذ سنوات «ما يتسبّب في اختلال ميزان العدالة»، بحسب توصيفهم. ويرى هؤلاء أن عشرات الشباب المسلم السنّي يتعرّضون للاعتقال لمجرد وشاية أو لأنهم ملتحون، أو لأن بعضهم يُقبَض عليهم وتُلصق بهم تهمة الإرهاب لدخولهم سوريا لأسباب ملتبسة، بينما توضع النياشين على صدور مقاتلي حزب الله الذين تشرّع أمامهم الحدود، ويعبرونها ذهابا وإيابا وهم مدججون بأعتى الأسلحة «وعلى عينك يا دولة»، والتي تقف عاجزة ولا تحرّك ساكنا.
على المقلب الآخر، تبدو قضية سماحة شاهدا على «ازدواجية معايير العدالة»، على حدّ تعبير قسم آخر من السّنّة. ويتساءل هؤلاء كيف لشخص مثل سماحة، المعروف بالتصاقه برأس هرم النظام السوري والذي يشغل منصب مستشار بشار الأسد، وقُبض عليه بالجرم المشهود وهو ينقل 25 عبوة ناسفة ويأمر بتفجيرها وقتل المئات، أن يحكم القضاء العسكري عليه بالسجن أربع سنوات، وتُحصر جريمته بـ«نقل متفجرات»، بينما من تضبط معه سكين من الشباب السّنّي يتهم بالإرهاب ويُزَجّ في السجون من دون دليل، وحتى من دون محاكمة عادلة؟
أمام هذا الواقع، يعبّر مفتي البقاع الشيخ خليل الميس عن أسفه، لأن «المفاهيم اختلّت في لبنان، بحيث إن فئة من اللبنانيين يحكمها القانون، وفئة أخرى تتحكّم بالقانون وهذه قمّة الردّة السياسية». ويرى المفتي الميس أنه «في مفهوم الجمهورية يفترض أن تكون الطائفة للوطن، لا أن يكون الوطن لطائفة معينة». ويعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان «يعيش أصعب مرحلة في تاريخه، إذ باتت الطائفية تشوّه وجهه الجميل»، متسائلا: «أي مفهوم ذاك الذي يجعل سجوننا تكتظ بالمتهمين من أبنائنا بلا محاكمة، فيما آخرون تثبت إدانتهم ويخرجون تحت ستار المحاكمة؟». وحول مسألة ميشال سماحة يتساءل أيضا: «أي قانون ذاك الذي يبرّئ مجرما ثبتت إدانته على الملأ، فيما هناك المئات أقفلت السجون دونهم باسم القانون؟.. ألا يجب أن نحترم أنفسنا أمام العالم؟».
هذا الواقع، دفع بأحمد الأيوبي، رئيس «هيئة السكينة الإسلامية» والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى دقّ ناقوس الخطر حيال ما يشهده لبنان، ومن دفع الشباب السّنّة نحو الكفر بسياسة الدولة. وحذّر الأيوبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من «التوغل الأمني والسياسي الذي يتعرّض له السنة في لبنان، نتيجة إصرار حزب الله على استخدام أجهزة الدولة في مشروعه الأمني في لبنان». ورأى أن «قضية ميشال سماحة ليست قضية أمنية ضد اللبنانيين، بقدر ما هي تشريع لسياسة القتل في القضاء، وتشريع للعمالة للخارج في القضاء».
وهنا يقارن الأيوبي بين التوقيفات بحق أبناء مدينة طرابلس الذين شاركوا في معارك جبل محسن (منطقة علوية) وباب التبانة (منطقة سنية) في شمال لبنان، وبين المتهمين بالضلوع في تفجيرين استهدفا مسجدي «السلام» و«التقوى» في طرابلس في 21 أغسطس (آب) 2014، وأدّيا إلى مقتل 52 مصلّيا وجرح أكثر من 500 آخرين. ويقول «إذا كان (رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب السابق) علي عيد (علوي) ونجله رفعت عيد، مطلوبين للقضاء بجرائم إرهاب نتيجة ضلوعهما في تفجير مسجدي السلام والتقوى في طرابلس، ومارسا القتل على أهل طرابلس من خلال دورات القتال بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن - وهذا يترتب عليه تجريم هذين الشخصين - ومع ذلك لا يجري توقيفهما، عندها لا تكون هناك أي شرعية قانونية لاعتقال أي شخص من أبناء طرابلس الذين واجهوا الإرهاب المُمارس عليهم».
جدير بالذكر أن قرار إخلاء سبيل ميشال سماحة أثار غضب أهالي الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية الموقوفين منذ سنوات إما من دون محاكمة، أو الذين حُكمت عليهم بعقوبات عالية مقارنة مع التهم المنسوبة إليهم، فعمد الأهالي إلى قطع معظم الطرقات الرئيسية في بيروت والشمال والبقاع وجبل لبنان وأمام مقر المحكمة العسكرية في منطقة المتحف.
ولا تتوقف النقمة عند قضية سماحة، بل تمتد إلى مشاركة حزب الله في القتال في سوريا. إذ يرى قسم كبير في الشارع السنّي أن مواصلة حزب الله القتال في سوريا تعني أن الحزب «مسؤول عن معاناة ملايين السوريين بين مهجّرين من بلادهم، أو قتلى بسلاح الحزب وحلفائه في سوريا، وآخرين يموتون جوعا في حصار المدن والقرى كما يحصل في الزبداني ومضايا ومعضمية الشام وداريا وغيرها».
وفي هذا الشأن، يعتبر المفتي الميس أن «قتال حزب الله في سوريا لا يمكن أن يبرّره دين أو قيم أو أخلاق»، متابعا: «أيعقل أن نقول للمدافع عن وطنه وأرضه وعرضه أنت إرهابي، ونقول للمعتدي أنت صاحب قضية؟ من هنا نقول لحزب الله ما تقوله الآية الكريمة (إن إلى ربك الرجعى)، فلا يمكن للظلم أن يدوم».
وبدوره، يتهم رئيس «هيئة السكينة الإسلامية» القضاء العسكري بـ«استكمال الحصار الأمني والسياسي على الشباب المسلم»، منبّها إلى أن «هذه المعايير تدفع الشباب إلى خيار التطرّف، وها قد بدأنا نخسر جزءا من شبابنا، وأخشى ما نخشاه أن نصل إلى ما وصل إليه سنّة العراق، نتيجة ممارسات إيران وممارسات نوري المالكي، التي أدت إلى هجر السنّة للدولة العراقية».
ويضيف الأيوبي: «أخشى أن يقول لنا شبابنا في يوم من الأيام لا نريد هذه الدولة المرتبطة بمحور الظلم المحيط بلبنان من كل مكان». ثم يشير إلى أن «حزب الله يصرّ على تهجير (رئيس الحكومة الأسبق) سعد الحريري، لذلك نخشى ونأمل ألا نصل إلى يوم يقول فيه السنّة لا نريد هذه الدولة»، مشيرا إلى أن «الفارق بين ما يحصل في لبنان ومحيطه هو أن الذبح غير موجود والحمد لله في بلدنا، لذلك ندعو العقلاء في هذا البلد إلى التكاتف، وأن يضغطوا على حزب الله ليكف عن استخدام أجهزة الدولة ضد فئة من اللبنانيين لقهرهم ودفعهم إلى التطرّف».
أضف إلى ما سبق أن التراكمات ازدادت أخيرا بمبادرة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، بترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، علما بأن الأخير يعتبر من أبرز حلفاء حزب الله. وحول هذا التطور يتوقف المفتي الميس عند تداعيات التحالفات السياسية على الواقع اللبناني، غامزا من قناة ترشيح جعجع لعون للانتخابات الرئاسية، قائلا: «عندما كانت سطوة الفلسطينيين قوية في لبنان، اجتمع المسيحيون بكل طوائفهم واستنجدوا بالعالم كلّه لكي يخرجهم من لبنان، فكيف للمسيحيين اليوم أن يقولوا لإيران تفضلي وادخلي بكل سطوتك إلى لبنان؟». وأعطى الميس أمثلة على ذلك «غياب الأصوات المسيحية في وجه المرشّح صاحب الولاء المطلق لإيران»، مشددا على أن «كل اللبنانيين مدعوون اليوم ليقولوا للإيرانيين نريد وطنا من دون تسلّط خارجي ومن دون سلاح غير سلاح الدولة». وختم بالقول: «هل يعقل أننا دفعنا دماء وشهداء لنخرج القوات السورية، وبعدها نقول لإيران تفضلي»، آسف لأن المسيحيين، والموارنة خصوصا «لم يرفعوا صوتهم بوجه عون».
ولم يخفِ الأيوبي، من جانبه، أن «ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون أخذ منحى طائفيا، لكنه كشف حقيقة أن حزب الله لا يريد انتخاب رئيس للجمهورية وإنما يريد استمرار الفراغ الرئاسي والفوضى». ولفت إلى أن هذا الترشيح «استطاع أن يكون بمثابة الفيتو الذي عطّل ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية»، مقترحا على الحريري وجعجع أن «يعودا عن مبادرتيهما اللتين استنفدتا دورهما ووصلت إلى طريق مسدود، لأن هذه الترشيحات جاءت على حساب وحدة قوى 14 آذار وعلى حساب الاعتدال في لبنان».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».