اختتام قمة الاتحاد الأفريقي بالدعوة إلى مواجهة الإرهاب

الرئيس الدوري يدعو لتعزيز حقوق الإنسان في القارة وينتقد المحكمة الجنائية الدولية

جانب من الجلسة الختامية لمؤتمر القمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أمس (إ.ب.أ)
جانب من الجلسة الختامية لمؤتمر القمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أمس (إ.ب.أ)
TT

اختتام قمة الاتحاد الأفريقي بالدعوة إلى مواجهة الإرهاب

جانب من الجلسة الختامية لمؤتمر القمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أمس (إ.ب.أ)
جانب من الجلسة الختامية لمؤتمر القمة للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا أمس (إ.ب.أ)

اختتم الاتحاد الأفريقي قمته الـ26 في أديس أبابا بالدعوة إلى «الصرامة» في مواجهة الإرهاب و«اليقظة» في التعامل مع الأزمات السياسية الداخلية في عدد من البلدان الأفريقية، خصوصا بوروندي وجنوب السودان.
وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي انتخب أول من أمس رئيسًا دوريًا للاتحاد الأفريقي خلفًا لرئيس زيمبابوي روبرت موغابي، إنه «سعيد بالتوافق الذي حققناه في ما يتعلق ببعض القضايا، وخصوصا مكافحة الإرهاب وتسوية الأزمات القائمة في بعض دولنا، وأدعو كلاً منا إلى تطبيق كل الإجراءات التي تم اتخاذها لمعالجة هذه القضايا التي تعيق تنميتنا وازدهارنا».
وأضاف الرئيس التشادي في خطابه الختامي: «يجب علينا أن نكون صارمين في مواجهة الإرهاب»، مشيرًا إلى ما تشهده منطقة الساحل الأفريقي على يد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومنطقة بحيرة التشاد من طرف بوكو حرام، والنشاط المتزايد لتنظيم داعش في ليبيا وحركة الشباب في الصومال.
وتحدث الرئيس التشادي عما سمّاه «الأزمات الداخلية» في عدد من البلدان الأفريقية، وضرب المثال بكل من جنوب السودان وبوروندي، مؤكدًا على أن «الحوار يجب أن يكون هو الأولوية»، على حد تعبيره، قبل أن يضيف: «يجب على الاتحاد الأفريقي أن يواصل جهوده من أجل تحقيق الاستقرار في هذه البلدان، وهذا يمر عبر الوقف الفوري لأعمال العنف».
وعبر الرئيس التشادي عن قلقه حيال تدهور الوضع الأمني في عدد من البلدان الأفريقية بسبب الأزمات الداخلية، وقال بحزم: «لم يعد بإمكاننا القبول بموت آلاف الأفارقة في الصراعات السياسية. سنواصل بحذر ويقظة كبيرين تطور الوضع في هذه البلدان، وأي بلد أفريقي آخر يوجد في وضعية صعبة».
ويثير الوضع السياسي المتأزم في بوروندي مخاوف الدول الأفريقية بعد تصاعد أعمال العنف، بينما قال إبراهيما فال، المكلف من قبل الاتحاد الأفريقي، بملف منطقة البحيرات الكبرى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على هامش القمة، إن الجهود الأفريقية لا تزال مستمرة من أجل حل الأزمة في بوروندي. وأضاف فال أنه «كانت هنالك صعوبات في البداية عندما تدهور الوضع الأمني وقرر الاتحاد الأفريقي إرسال قوة عسكرية إلى بوروندي، وهو ما رفضته السلطات البوروندية قبل أن ترضخ أمام الضغط الأفريقي، نحن جادون في مساعينا لإحلال السلام في بوروندي وسنعمل على فتح حوار ينهي الأزمة في البلاد».
من جهة أخرى، كان ملف المصالحة في دولة مالي حاضرًا بقوة خلال فعاليات القمة الأفريقية، خصوصا بعد الصعوبات التي واجهت تطبيق بنود اتفاق المصالحة بين الحكومة المالية والحركات المتمردة في شمال البلاد، وأكد محمد صالح النظيف، رئيس بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (ميونيسما)، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هنالك خطوات ملموسة بدأت تتجسد على الأرض لتطبيق الاتفاق. وأشار نظيف إلى أن هنالك «أزمة ثقة ما بين الحكومة والمتمردين، ولكن هذه الأزمة لا تحل بالقرارات ولا بالاتفاقيات وإنما عبر الاحتكاك والعمل المشترك. لقد أقنعنا الحكومة في باماكو بالشروع في تطبيق بنود الاتفاقية، وبالفعل عينت حكامًا جددًا في مناطق الشمال، وهو ما يستجيب لمطالب الحركات بضرورة منحهم نوعًا من اللامركزية في إدارة شؤونهم».
وأكد نظيف أنه في ما يتعلق بالحركات المتمردة فقد بدأت هي الأخرى في التشاور من أجل تشكيل لجنة مشتركة للسهر على تطبيق بنود اتفاق المصالحة، وقال: «إنه عمل مشترك ونحن نبذل الجهود اللازمة لإقناع الطرفين بالعمل معًا على تجسيد ما اتفقوا عليه على أرض الواقع».
لكن نظيف في حديثه مع «الشرق الأوسط» حذر من النشاط المتزايد للجماعات الإرهابية، وقال إن «على دول الجوار تحمل مسؤولياتها، وأن تدرك أن الأزمة التي تضرب مالي هي في الحقيقة أزمة في منطقة الساحل الأفريقي، وإذا تمكنت البلدان المحاذية لمالي مجتمعة من الدفع نحو حل الأزمة المالية فسيكون مستقبل الساحل الأفريقي أفضل، ولكن التجاهل سيجعل الحريق المالي يصل كل العواصم في غرب أفريقيا».
ومن ضمن المواضيع التي ناقشها قادة أفريقيا في قمتهم السادسة والعشرين، ملف حقوق الإنسان، وخصوصا حقوق المرأة في القارة الأفريقية، إذ قال الرئيس التشادي في ختام كلمته إن «حقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة الأفريقية خاصة هي العناوين المركزية لهذه القمة ويجب أن تكون في صلب أجنداتنا الوطنية»، وأضاف: «لدينا الأدوات والإمكانيات من أجل اعتمادها وتطبيقها وفرض احترامها على المستوى الوطني والقاري، وأدعو الدول على السهر من أجل ذلك، فحقوق الإنسان ستساهم في خلق أفريقيا مزدهرة ويعمها السلام، ولهذا فإن تعزيز حقوق الإنسان ضروري وأولوية».
وكان الرئيس التشادي قد أشار إلى أن أزمة الهجرة تعد من أكبر المشكلات التي تعاني منها القارة الأفريقية، وقال: «سنعقد قمة استثنائية مخصصة لعدة مواضيع في مقدمتها هجرة شبابنا نحو أوروبا، الظاهرة التي تنزف منها أفريقيا»، على حد وصفه.
من جهة أخرى، وجّه الرئيس التشادي انتقادات لاذعة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقال خلال مؤتمر صحافي في ختام أشغال القمة، إن المحكمة الدولية تركز بشكل كبير على الأفارقة وتتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة التي تجري في بقية مناطق العالم، متهمًا المحكمة بازدواجية المعايير. وقال ديبي: «المحكمة الجنائية الدولية تركز على الأفارقة أكثر وخصوصا الرؤساء، مع أن هناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وقعت في كثير من الدول غير الأفريقية، ولكن ليس هناك من يقلق بشأنها، وهو ما يؤكد وجود معايير مزدوجة لدى المحكمة، ولذا قررنا أن ننسق موقفنا حتى تتخذ المحكمة القرارات المناسبة للقارة الأفريقية»، وفق تعبيره.
وكان الاتحاد الأفريقي قد شكل محكمة خاصة للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في القارة، ويوجد مقر هذه المحكمة في العاصمة السنغالية دكار، وقد شرعت المحكمة العام الماضي في محاكمة الرئيس التشادي السابق حسين حبري بتهم كثيرة، من ضمنها ارتكاب جرائم الحرب والإبادة، وكان الرئيس التشادي إدريس بديبي قد أطاح بحسين حبري في انقلاب عسكري عام 1991.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.