مصادر مصرية وليبية: اجتماع السراج مع حفتر تم برعاية ومشاركة القاهرة

أحد نوابه قال إن الاجتماع لا يعكس رأي المجلس الرئاسي

عنصران في شرطة المرور ينظمان حركة السير في طرابلس (أ.ف.ب)
عنصران في شرطة المرور ينظمان حركة السير في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

مصادر مصرية وليبية: اجتماع السراج مع حفتر تم برعاية ومشاركة القاهرة

عنصران في شرطة المرور ينظمان حركة السير في طرابلس (أ.ف.ب)
عنصران في شرطة المرور ينظمان حركة السير في طرابلس (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» أن مصر دخلت بقوة على خط تسريع تشكيل حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بعدما شارك مسؤول مصري رفيع المستوى في اجتماع مفاجئ عقده مساء أول من أمس رئيس الحكومة الجديدة فائز السراج مع قائد الجيش الليبي الفريق خليفة حفتر.
وأثار الاجتماع الذي تم بمقر حفتر في مدينة المرج بشرق ليبيا، جدلا داخل السلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس، فيما قامت الميليشيات المسلحة الموالية لها باستعراض عسكري هو الثاني من نوعه خلال أسبوع واحد.
وقال أحمد معيتيق أحد نواب السراج التسعة في المجلس الرئاسي لحكومته، إن السراج لم يطلعه على اعتزامه الاجتماع بحفتر، وقال إن الزيارة التي قام بها تعبر عنه شخصيا، ولا تعكس رأي، ولا توجه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
ولفت معيتيق في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى أن «الاتفاق السياسي نافذ منذ توقيعه في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية العام الماضي، وهو كوحدة واحدة ملزم ولا يمكن إلغاء، أو تجميد أي مادة من مواده، بالتالي فإن المجلس الرئاسي غير معني بإلغاء المادة 8 من الاتفاق السياسي أو أي مادة أخرى».
وكان حفتر ومجلس النواب الليبي قد تحفظوا على هذه المادة التي تعني إقالته هو وجميع قادة المؤسستين العسكرية والأمنية من مناصبهم بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة.
وصوت مجلس النواب لصالح رفض هذه المادة تفاديا لاحتمال خسارة حفتر الذي يحظى بدعم عدد كبير من النواب، منصبه، على الرغم من أن السلطات الحاكمة في طرابلس وبعض الشخصيات السياسية في المنطقة الشرقية يرفضون أي دور لحفتر في المشهد الليبي المستقبلي، ويحملونه مسؤولية مقتل المئات في المعارك الدائرة في بنغازي منذ منتصف عام 2014.
في المقابل، قال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي إن القضايا التي جرت مناقشتها مع حفتر شملت مسألة «إيجاد حل عملي للحرب الدائرة في مدينة بنغازي التي تقع على بعد ألف كيلومتر شرق العاصمة طرابلس لمدة سنة ونصف» وتخوضها قوات الجيش في مواجهة مجموعات متطرفة.
ووضع السراج الاجتماع المفاجئ ضمن سلسلة زيارات يستمع فيها «لرؤى ومخاوف وهواجس كل الأطراف المؤثرة في الأزمة» القائمة على نزاع متواصل على حكم بين سلطتين منذ أكثر من عام ونصف. كما أعلن أنه سيعمل «على إعداد مقترح واقعي يقدم للمجلس الرئاسي لاستصدار ما يتم الاتفاق عليه من قرارات مستندة على الواقع المعاش، وهو ما تقتضيه ضرورات التوافق الذي بنيت على أساسه فكرة تشكيل هذه الحكومة».
وقالت مصادر مصرية وليبية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن الحضور المصري اللافت للانتباه لهذا الاجتماع الرسمي الأول بين السراج وحفتر، يمثل ما وصفته بمشاركة ومساهمة مصرية في الترتيبات التي سبقته.
وظهر مسؤول مصري في الصور التي وزعها مكتب حفتر للاجتماع الذي يمثل خطوة مفاجئة قبل أيام قليلة من انتهاء المهلة الممنوحة للسراج من قبل البرلمان لتقديم تشكيلة حكومته الجديدة إلى مجلس النواب. ولم يتضح بعد ماذا كان الفرق حفتر سيتولى حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة أم سيكتفي بمنصبه الحالي كقائد عام للجيش الليبي.
وفيما قال مسؤول مصري لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع حفتر مع السراج لم يتطرق إلى هذه المسألة وركز في المقابل على مسألة توحيد الجهود الرامية إلى رفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي ليتمكن من مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا، تحدث مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه عن أن حفتر رشح العميد عبد السلام الحاسي آمر غرفة عمليات الكرامة التي يشنها الجيش منذ عامين ضد المتطرفين في شرق البلاد، ليتولى منصب وزير الدفاع المقبل.
وتشير معلومات غير رسمية إلى توجه السراج لتكليف نوابه في المجلس الرئاسي للحكومة بتولي حقائب وزارية، علما بأن الحكومة المرتقبة يفترض أن يتقلص عددها من 32 وزيرا إلى 17 فقط حتى يعتمدها مجلس النواب الذي يتخذ من طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له.
ووقع أعضاء من المجلس المعترف به دوليا والبرلمان الموازي غير المعترف به في طرابلس اتفاقا بإشراف الأمم المتحدة في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نص على تشكيل حكومة وفاق وطني بهدف توحيد البلاد وإخراجها من الفوضى الغارقة فيها منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.
ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة رئيسي البرلمان في طبرق والبرلمان الموازي في طرابلس. كما أن حفتر، الشخصية العسكرية النافذة، من أبرز المطالبين بإدخال تعديلات عليه.
وتشكل بموجب الاتفاق مجلس رئاسي عمل على تشكيل الحكومة برئاسة فايز السراج لتقود البلاد في إطار مرحلة انتقالية، تمتد لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية.
وقدم السراج تشكيلة حكومية تضم 32 حقيبة وزارية إلى البرلمان المعترف به، لكنها فشلت في الحصول على ثقة المجلس النيابي الذي أمهل السراج فترة عشرة أيام تنتهي الخميس المقبل لتقديم تشكيل حكومي أصغر.
إلى ذلك، أطلق سراح النائب في مجلس النواب الليبي محمد الرعيض بعد أربعة أيام على اختطافه على يد رجل طالب بنقل نجليه المحتجزين في سجن في غرب ليبيا إلى أحد السجون في المنطقة الشرقية. وأوضح مسؤول أمني أن الرعيض، وهو نائب عن مدينة مصراتة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شرق طرابلس، اختطف يوم الأربعاء الماضي على يد مواطن «يطالب بنقل نجليه المحتجزين في سجن في مصراتة على خلفية قضية مخدرات إلى أحد السجون في شرق ليبيا كشرط للإفراج عن الرعيض».
والرعيض هو أحد النواب الذين كانوا يقاطعون جلسات البرلمان المعترف به دوليا على اعتبار أنها تعقد في طبرق وليس في طرابلس، قبل أن يقرر حضور الجلسات مؤخرا.
وتسعى الأمم المتحدة إلى توحيد السلطتين في حكومة وفاق وطني تعمل على إنهاء الفوضى الأمنية الناتجة عن احتفاظ معظم الجماعات المسلحة التي قاتلت نظام القذافي بأسلحتها عقب سقوط النظام السابق في 2011.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.