نجوم بوليوود ينتقلون بسلاسة إلى عالم السياسة

في جنوب الهند تعد السينما وسيلة ترفيه وبداية مشوار نحو السلطة

ريخا
ريخا
TT

نجوم بوليوود ينتقلون بسلاسة إلى عالم السياسة

ريخا
ريخا

مع اقتراب موعد الانتخابات الوطنية الهندية، 7 أبريل (نيسان) القادم، يؤيد خانات بوليوود الثلاثة سلمان خان وشهروخ خان وعامر خان ثلاثة أحزاب سياسية مختلفة بآيديولوجيات متباينة.
بوليوود مصطلح مشهور لأغزر صناعات السينما في العالم إنتاجا التي يبلغ إنتاجها السنوي نحو 1000 فيلم من مدينة مومباي في غرب الهند.
تناول نجم بوليوود الكبير سلمان خان العشاء مؤخرا مع مرشح حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المعارض لرئاسة الوزراء ناريندر مودي والتقطت له صورة وهو يجلس إلى جوار حاكم ولاية غوجارات في مهرجان الطائرات الورقية السنوي للولاية. ويناصر خان ويبدي إعجابه بمودي علانية وقد جلبت تلك اللفتة غضب الجماعات المسلمة التى يقال: إنها تحمل مودي مسؤولية التحريض على أعمال الشغب ضد المسلمين في ولايته بصفته حاكم الولاية في عام 2002.
وقال سلمان خان في مقابلة تلفزيونية بأنه ليس هناك حاجة لأن يعتذر مودي عن أعمال لشغب في ولاية غوجارات لأن فريق تحقيق عينته المحكمة العليا برأته من أي جُرم. ولم يخف ملك بوليوود شهروخ خان علاقته القديمة مع عائلة غاندي المشهورة فعبر صراحة عن إعجابه برئيسة حزب المؤتمر سونيا غاندي، رغم أنه قال: إن إعجابه الشديد بسونيا هو سياسي تماما. وكثيرا ما يظهر شهروخ مع ابنة سونيا غاندي بريانكا غاندي علانية.
كما لا يخفي أمير خان إعجابه بالموظف المدني الذي تحول إلى سياسي، حاكم دلهي السابق ارفيند كيجريوال. وكان حضور أمير أيضا ملحوظا في احتجاجات عام 2012 للناشط الاجتماعي أنا هازار الذي يطلق عليه كيجريوال زعيمه ومعلمه (غورو).
في الهند ظلت السينما والسياسة متلازمتين، فالكثير من نجوم السينما انتقلوا بسلاسة من عالم السينما إلى عالم السياسة. ورغم أن إسهام نجوم بوليوود ظل في الحد الأدنى حتى الآن، فإن الصورة الكاريزمية للنجوم تجذب وتحفز الجُموع، وتحقق نجاحا فوريا بسبب كثرة المعجبين. وبينما غامر القليلون من النجوم بخوض غمار سياسة الانتخابات اتجه الآخرون إلى مسار البرلمان الأقل خطرا.
ومن أشهر نجوم بوليوود الذين اقتحموا مجال السياسة النجم أميتاب باتشان الذي فاز بمقعد في البرلمان الهندي بفارق كبير عن منافسيه. ودخل باتشان إلى عالم السياسة لدعم صديق عائلته راجيف غاندي. لكن لم يدم دوره في السياسة طويلا حيث ظهر اسمه في فضيحة سياسية اقتصادية. وترك السياسة في منتصف فترته في البرلمان، إلا أن زوجته جايا باشان انضمت هي الأخرى إلى البرلمان ولا تزال تحتفظ بمقعد.
زوجان آخران من بوليوود دخلا عالم السياسة هما الممثل دارمندرا الذي خاض الانتخابات وفاز بمقعد في البرلمان بينما انضمت زوجته هيما ماليني إلى مجلس الشيوخ بالتعيين. ونجم آخر من نجوم بوليوود هو شاتروغان سينها تقلد حقيبتي وزارة الصحة ورعاية الأسرة ووزارة الملاحة في عام 2004 في الحكومة التي قادها حزب بهاراتيا جاناتا.
أما نجم بوليوود الذي يتمتع بشهرة كبيرة في المجال الكوميدي والرقص، فدخل إلى عالم السياسة من خلال حزب المؤتمر الحاكم، لكن بعد أن هُمش في الحزب فضل ترك السياسة وعاد إلى مجال السينما. لكن عمله في الأفلام تدهور وصار يمثل في أفلام محدودة المستوى. وخاض الممثلان فينود ووراجيش خانا الانتخابات وفاز بمقعدين في البرلمان.
أما مجلس الشيوخ الحالي فيضم من بين أعضائه الممثلة الهندية ديفا ريكا، من جنوب الهند، الذي يوجد به صناعة سينما خاصة، حيث تتداخل الخطوط تقليديا بين السياسة والسينما، فحاكمة ولاية تاميل نادو في جنوب الهند الحالية جي جاياليثا كانت ممثلة وأستاذها إم جي راماشاندران، الذي حكم بدوره الولاية، كان ممثلا مسرحيا ثم أصبح نجما سينمائيا. وعندما توفى رماشندران حضر جنازته مليونا شخص. أما حاكم ولاية تاميل نادو السابق إم كارونانيدي فكان كاتبا للسيناريو. وكان حاكم ولاية براديش لفترة طويلة الراحل إن. تي. راما راو ممثلا أيضا.
ويقول الناقد السينمائي تارون أدارش «في الجنوب أن السينما تعد وسيلة ترفيه وحركة سياسية. وفي الواقع تأخذ الحركة السياسية الأفضلية. فعندما يدخل أحد نجوم بوليوود السياسة يكون أكثر ما يميزه هو مشهد شخصيته الكاريزمية. ولا يكون محفزا للتغيير».
وحظي ممثلو صناعة السينما في جنوب الهند (والتي تعرف باسم توليوود) بقبول أكبر وسط الجماهير كزعماء سياسيين مقارنة بمجمل من ولج السياسة من ممثلي بوليوود. وبينما كان من النادر أن يطلق ممثلو بوليوود كيانات سياسية خاصة بهم، وفضلوا الانضمام إلى الأحزاب السياسية القائمة، أطلق الممثلون من صناعة السينما في جنوب الهند أحزابهم السياسية الإقليمية الخاصة والتي نجحت نجاحا كبيرا.
وكثيرا ما يوصف أبطال الأفلام في الجنوب بأنهم فاعلو الخير ومنقذو الفقراء وهذه الصورة تذهب إلى أبعد من الشاشات بصورة جيدة. ونتيجة لذلك يدخل أبطال الأفلام عالم السياسة عند نهاية عملهم في السينما مستفيدين من رصيدهم الشعبي.
ورغم أن نظرة الإعلام إلى نجوم السينما كسياسيين سلبية بسبب الأعداد الكبيرة من الممثلين التي تدخل إلى عالم السياسة، إلا أن نجوم السينما يستطيعون تحفيز الناس وتسليط الضوء على القضايا وجمع الأموال للمشروعات المختلفة بسهولة لأن الناس يحبونهم.
ويقول أحد منظمي حملة حزب بهاراتيا جاناتا «لنجوم السينما المقدرة على اجتذاب الجمهور وصنع الإثارة. واليوم نجد الكثير من نجوم بوليوود يتمتعون بوعي سياسي وليس كما كان في الماضي. ونحن نضع الكثير منهم في الاعتبار بالنسبة لحملتنا بل وحتى لخوض الانتخابات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».