«داعش» يخطط للدفع بالأطفال في «العمليات الانتحارية»

مرصد الأزهر: التنظيم المتطرف يطلق عليهم «أشبال الخلافة» وأعمارهم من 5 إلى 15 عامًا

فيلم دعائي من {داعش} لأطفال التنظيم الإرهابي
فيلم دعائي من {داعش} لأطفال التنظيم الإرهابي
TT

«داعش» يخطط للدفع بالأطفال في «العمليات الانتحارية»

فيلم دعائي من {داعش} لأطفال التنظيم الإرهابي
فيلم دعائي من {داعش} لأطفال التنظيم الإرهابي

حذر الأزهر من اتجاه تنظيم داعش الإرهابي للدفع بالأطفال الصغار للقيام بعمليات انتحارية. وقال الأزهر إن «التنظيم يتجه بقوة خلال الفترة المقبلة لإقحام الأطفال والقُصَّر في حروب وأعمال قتالية، والقيام بهجمات انتحارية مماثلة لما نفذته (4 انتحاريات شابات) عندما استهدفن سوقا في قرية (بودو) في أقصى شمال شرقي الكاميرون، قبل أيام».
وقالت مصادر مطلعة بالمرصد، إن الكثير من الدول الأوروبية تعاني الآن من تجنيد مئات الأطفال بين صفوف تنظيم داعش الإرهابي، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم يؤثر على الأطفال والقصر بعمليات (غسيل للأفكار) التي تعتمد على الترغيب في الشهادة في سبيل الله، فضلا عن اعتياد الأطفال الذين يتم تجنيدهم على مشاهدة مناظر العنف، حتى يألفوا القتل واستخدام الأحزمة الناسفة للتضحية بأنفسهم»، لافتا إلى أن «هؤلاء الصغار قد لا يعرفون أي شيء عن هذه العمليات الانتحارية.. فقط من المُرجح أن يتم إلباسهم الأحزمة الناسفة وتوجيههم لمكان محدد».
وقال تقرير مرصد الأزهر إن «حب التقليد لدى الصغار قد يكون من بين الأسباب التي تساعد الداعشيين في إقحامهم للقيام بالعمليات الانتحارية، عقب القيام بتجنيد هؤلاء القصر، الذين يرون في حمل السلاح واستعماله بطولة وفدائية يطمحون إلى تحقيقهما»، لافتا إلى أن ما عرضه التنظيم من مشاهد مصورة الأشهر الماضية، ومنها لطفل يذبح «دُمية»، وآخر يحمل السلاح ويرتدي زى المتشدديين.. يعكس حرص «داعش» على تأهيل القصر ليصبحوا أكثر قدرة على إراقة الدماء، ويستخدمهم في تنفيذ مخططه في العمليات الانتحارية التي قد يعتمد التنظيم عليها بشكل كبير مستقبلا، مؤكدا أن «التنظيم يلجأ للأطفال في العمليات الانتحارية لإنتاج انتحاريين جُدد، ولبعد احتمالية الاشتباه بهم من قبل سلطات الدول خلال قيامهم بأي عمليات غير متوقعة».
ويؤكد تقرير مرصد الأزهر أن ما يقرب من «ثلاثة آلاف طفل يتدربون في معسكرات التنظيم في سوريا والعراق ويطلق عليهم (أشبال الخلافة) وتتراوح أعمارهم من سن 5 إلى 15 عاما، ويتم تدريبهم على القتل وقطع الرقاب وكيفية ارتداء الأحزمة الناسفة»، لافتا إلى أن الأطفال من سن الخامسة حتى العاشرة غالبا ما يأتون مع النساء أو الفتيات اللاتي سافرن للانضمام لـ«داعش» من الأوروبيات. أما فوق سن العاشرة وحتى الخامسة عشرة ويطلق عليهن المراهقات أو القاصرات يتم ضمهن للتنظيم عن طريق تجنيدهن عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث تقوم الفتيات مثلا بإقناع أو جذب مثيلاتهن، عن طريق مداعبة حلم الفتيات في الغرب بالعيش بجانب بطل مُقاتل ومشاركته في وطن جديد يكن فيه زوجات وأمهات الأبطال أو عن طريق التخويف من شبح العنوسة أو تحقيق حلم الاستقلالية وإثبات الذات.
وأضاف أن «داعش» يعتمد على غسل أفكار الصغار بإقناعهم بأن القتال جهاد في سبيل الله، بعدها يتم شرح بعض المفاهيم الدينية عليهم وتلاوة بعض آيات من القرآن الكريم التي تدعو للجهاد في سبيل الله وفي سبيل دولة الخلافة.. وكل هذا بهدف إقناعهم بأنهم سيموتون شهداء وسيفوزون بالجنة.. كما يعرضون الأطفال لمشاهدة رجال تقطع أيديهم وأرجلهم ويعلمونهم أن هذا بسبب كفرهم وحربهم ضد «الدولة الإسلامية» المزعومة.
وكشف الأزهر عن سعى التنظيم لخلق أجيال من الأطفال كمقاتلين جدد للقيام بعمليات انتحارية في أماكن مكتظة بالرواد، مما ينتج عنه ضحايا كثر وتصدير للعالم جبروت وقوة هذا التنظيم الإرهابي.
في السياق ذاته، قال تقرير مرصد الأزهر، إن «داعش» استطاع تجنيد مئات المراهقين في البلاد الغربية من الذين يفتقدون الهوية ولا يستطيعون تحديد هدفهم في الحياة، فيتخذ من هذا التخبط وفقدان الهدف وسيلة أساسية لاستقطاب ضحاياه كعنصر فعال بين صفوفه بعد هيمنته عليهم فكريا وماديا والعمل على تغييب العقول وتزييف الحقائق التاريخية، لأجل إقناعهم بنبل مقصد التنظيم وصحة توجهه، لافتا إلى أن التنظيم يجتهد في رسم صورة مثالية جذابة لدولتهم المزعومة يستقطب بها هؤلاء الصغار.. والمرأة الأوروبية خاصة حديثة العهد بالإسلام تساهم في تجنيد الصغيرات وحثهن على السفر وتسهيل الانتقالات لهن وتأمين الرحلة، حتى لا يتم كشفهن من قبل الجهات الأمنية، بناء على قناعتها بأن هذا دورها في الجهاد وخدمة الدين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم