تبادل إطلاق النار بين كتائب وميليشيات ليبية على الحدود التونسية

الاتحاد الأوروبي يمدد قرار تجميد ممتلكات 48 شخصًا من عائلة بن علي

تبادل إطلاق النار بين كتائب وميليشيات ليبية على الحدود التونسية
TT

تبادل إطلاق النار بين كتائب وميليشيات ليبية على الحدود التونسية

تبادل إطلاق النار بين كتائب وميليشيات ليبية على الحدود التونسية

شهد المعبر الحدودي رأس الجدير، الرابط بين تونس وليبيا، تبادلا لإطلاق النار بين كتائب وميليشيات ليبية، وهو ما دفع بالسلطات إلى غلق المعبر رأس جدير الحدودي من الجانب التونسي.
وذكرت وزارة الداخلية التونسية أن غلق المعبر الحدودي جاء على إثر تسجيل تبادل لإطلاق النّار داخل القطر اللّيبي، بين ما يسمّى بكتيبة «طارق الغايب»، وبعض العاملين بالمعبر من الجانب اللّيبي. لكن لم تدم عملية الإغلاق أكثر من عشر دقائق، حيث عادت سلطات تونس إلى فتح حدودها مع ليبيا من جديد. ووفق مراسلة لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، فقد عادت حركة العبور إلى سالف عهدها، وشهد المعبر نسقا عاديا على مستوى حركة المسافرين في الاتجاهين.
وكانت تونس قد قررت غلق معبر رأس الجدير الحدودي لمدة 15 يوما، إثر الهجوم الإرهابي الذي استهدف في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي حافلة للأمن الرئاسي داخل العاصمة، مما أدى إلى وفاة نحو 13 شخصا.
وفي السياق ذاته، أفاد بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع، في تصريح إعلامي، أن السلطات الليبية أطلقت صباح أمس عيارات نارية في الهواء في منطقة «ظهرة الخص» الليبية لمنع مهربين عن التقدم نحو معبر رأس الجدير الحدودي، وعلى بعد نحو خمسة كيلومترات.
وأكد المصدر ذاته أن أنشطة المجموعات المتطرفة والعناصر التي تمارس التهريب والتجارة غير المشروعة لا تهدأ، حيث حجزت قوات الجيش التونسي في المنطقة العسكرية العازلة بين تونس وليبيا نحو 18 سلاحا من نوع «كلاشنيكوف»، و12 بندقية صيد، وتصدت خلال السنة الماضية لنحو 478 سيارة مشبوهة، كما اعترضت سبيل 537 مترجلا في محاولة لمكافحة ظاهرتي الإرهاب والتهريب، والتصدي لمحاولات تسلل العناصر المتشددة إلى البلاد.
على صعيد آخر، قالت مصادر رسمية من وزارة العدل إن الاتحاد الأوروبي قرر تمديد تجميد أملاك وأموال عدد من أفراد عائلة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وبعض أصهاره، وأقاربه إلى يوم 31 يناير (كانون الثاني)2017، مشيرة إلى أن إجراءات تجميد الأملاك والأموال تهم 48 شخصا من أفراد عائلة بن علي وأصهاره وأقاربه الموجودة بفضاء الاتحاد الأوروبي، أو المودعة بأحد بنوكه لمدة سنة كاملة، وأكدت نشر المجلس الأوروبي بلاغا رسميا حول صدور هذا القرار، سينشر في تاريخ لاحق بالجريدة الرسمية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
ووفق متابعين لملف الأموال المهربة والأملاك المصادرة لرموز النظام السابق، فإن هذا الإجراء يمثل أحد أهم التفاعلات والنتائج المباشرة للمجهود الذي بذلته وزارة العدل والقضاة في الفترات السابقة، بهدف تحيين المعطيات المتعلقة بالقضايا المنشورة ضد المعنيين بقرار التجميد، قصد تيسير صدور هذا القرار.
من جهة ثانية، كشف تقرير صادر عن البنك المركزي التونسي أن عدد التصاريح، المتعلقة بالعمليات المشبوهة الوافدة على تونس، بلغ خلال الفترة المتراوحة ما بين 2011 و2015 نحو 1446 تصريحا، وتوزّعت على 691 تصريحا للمقيمين في تونس، و686 تصريحا لغير المقيمين في البلاد. وأشار التقرير ذاته إلى إحالة ملفات المعنيين بتلك العمليات إلى السلطات المختصة لمواصلة التحري والتثبت من مشروعية مصادرها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.