مستشار ظريف يشبه الاعتداء على السفارة السعودية باغتيالات نفذتها المخابرات الإيرانية

اعتبر بيان منظمة التعاون الإسلامي الصادر من 50 دولة إسلامية دليلاً على عزلة إيران

مستشار وزير الخارجية الإيراني، محمد صدر
مستشار وزير الخارجية الإيراني، محمد صدر
TT

مستشار ظريف يشبه الاعتداء على السفارة السعودية باغتيالات نفذتها المخابرات الإيرانية

مستشار وزير الخارجية الإيراني، محمد صدر
مستشار وزير الخارجية الإيراني، محمد صدر

بعد مرور شهر لا يزال الجدل مستمرا في طهران حول تبعات الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية وقطع العلاقات العربية، وإدانة إيران في منظمة التعاون الإسلامي. ولم تترك السلطة الإيرانية بابا إلا طرقته في محاولة لتبرير ما حصل ووقف الخسائر المستمرة على المستوى الإقليمي والدولي.
وكانت الأيام التي تبعت إحراق السفارة السعودية في طهران شهدت موجة إقالات وتبادل اتهامات بين الجهات المسؤولة في طهران. وعلى ما يبدو اتفق الجميع على توجيه اتهامات لأطراف متخاصمة مع المرشد الأعلى علي خامنئي، وذلك بعد صريحات متباينة تظهر مدى التورط الحكومي في حشد المهاجمين.
ومع استمرار الهزات الارتدادية لاعتداء مقر البعثات الدبلوماسية وعزلة طهران في المنطقة، بحثت صحيفة «آفتاب يزد» الإيرانية في عددها أمس تبعات اعتداء الثاني من يناير (كانون الثاني) في حوار خاص أجرته مع المستشار الأعلى لوزير الخارجية الإيراني، محمد صدر. أعاد المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية ما أعلنته الوزارة سابقا، حول تحذيرها القوات الأمنية في طهران بعد لحظات من الاعتداء على مقر القنصلية السعودية في مشهد، مؤكدا أن الوزارة طلبت توفير الحماية العاجلة للسفارة، وتفريق قوات الباسيج التي حشدت عناصرها من مختلف مناطق طهران أمام السفارة.
ولم يتطرق صدر إلى المواقف الرسمية التي أدت إلى مهاجمة عناصر الباسيج على مقر البعثات الدبلوماسية وإحراقها، إلا أنه اعتبر ما قيل في السابق بأن الحادث «عفوي»، أشبه بـ«المزحة». وشبه الاعتداء بسلسلة اغتيالات قامت بها عناصر المخابرات الإيرانية في بداية التسعينات، وراح ضحيتها مفكرون وكتاب لامعون وأستاذة جامعات في إيران بتهمة العلمانية واليسارية.
وعلى الرغم من وعود السلطة الإيرانية بتقديم فريق الاغتيالات التي وقعت في التسعينات إلى المحكمة لم يعرف حتى اليوم المسؤول عنها، خاصة بعد تصفية قيادات في المخابرات الإيرانية على رأسهم القيادي سعيد أمامي الذي كشفت زوجته، لاحقا أنه هدد بنشر تفاصيل الاغتيالات قبل إعلان انتحاره في السجن. وكان سياسي إيراني شبه الشهر الماضي الاعتداء على السفارة السعودية برش مواد حارقة على السياسة الخارجية الإيرانية في إشارة ضمنية إلى إفلات عناصر من الباسيج من الملاحقة بعد رش مواد حارقة على وجوه النساء في شوارع طهران وأصفهان العام الماضي.
وأشار صدر في تصريحه إلى الضغوط التي تعرضت لها بلاده في الساحة الدولية بسبب تكرار حادثة الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية في طهران قائلا: «الاعتداء أساء لنظام الحكم في إيران قبل السعودية ورمى الكرة في الملعب الإيراني». ولمح صدر بصورة غير مباشرة إلى تحرك بلاده ضد الدول العربية فيما يخص الملفات الساخنة في الشرق الأوسط قبل الاعتداء، مؤكدا أن كل ما رتبت له طهران تغير الآن.
كما توقف صدر عند الضغوط الدولية الكبيرة التي تعرضت لها بلاده من قبل الدول التي لديها بعثات دبلوماسية في طهران خشية تعرضها إلى اعتداء مشابه. في سياق ذلك، اعتبر صدر أن أهم تلك التبعات تمثل في إدانة إيران في مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وقطع علاقات بعض الدول العربية وتخفيض أخرى مستوى العلاقات، ورأى صدر أن على الرئيس الإيراني اتخاذ تدابير جدية لمواجهة المجموعات التي حشدت للاعتداء على السفارة ومحاسبة المسؤولين عنها لـ«إنقاذ» السياسة الخارجية الإيرانية من المساءلة وتهديد ما يتوقع تحققه بعد إعلان الاتفاق النووي.
من جهة ثانية، تناول صدر التهكم والسخرية التي تعرضت لها دول مثل جيبوتي والصومال بعد إعلان قطع علاقاتها مع إيران، ورأى أن السخرية من الدول الأخرى يأتي في سياق الاعتداء على الدبلوماسية. كما انتقد تقسيم الدول التي تملك علاقات دبلوماسية مع إيران إلى دول كبيرة وصغيرة وحمل كلامه نقدا ضمنيا إلى وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي الذي سخر من جيبوتي عبر حسابه في إنستغرام واعتبر السخرية غير مقبولة على الإطلاق. وشدد صدر على أن استراتيجية إيران في العلاقات الدبلوماسية لا تقسم الدول على أساس حجمها الجغرافي والمادي.
في غضون ذلك، اعتبر بيان منظمة التعاون الإسلامي الصادر من قبل 50 دولة إسلامية دليلا على تراجع مكانة إيران بين تلك الدول ومن تبعات الاعتداء على مقر البعثات الدبلوماسية السعودية، وأعرب عن خشيته أن تناقش الدول الإسلامية موضوع الاعتداء تحت قبة الأمم المتحدة إذا ما صحت التقارير التي تناقلت ذلك حسب تعبير المستشار الأعلى لوزير الخارجية الإيراني.
وفي إشارة إلى توقيع بيان منظمة التعاون الإسلامي ضد الاعتداء الإيراني من قبل العراق، قال إن العراق ساير الدول العربية في تصويته الإيجابي على بيان إدانة إيران على خلاف لبنان، مضيفا أن وزارة الخارجية الإيرانية ستتابع الموقف العراقي. على هذا الصعيد، قال إن حضور عراقجي في جدة لم يتمكن من منع القرار الذي اتخذته الدول الإسلامية قبل اجتماع جدة العاجل، إلا أنه اعتبر ما تضمنه البيان من فقرات «مؤامرة» من الدول العربية ضد إيران.
وعلى الرغم من اتهام جهات خارجية من قبل المسؤولين الإيرانيين، وفي إشارة ضمنية إلى عناصر الباسيج، قال إن تلك الجهات قدمت أكبر خدمة للسعودية، و«أجبرت» الدول الإسلامية والعربية على الوقوف ضد إيران و«الإضرار» بالمصالح القومية. وعن إعلان دول استعدادها للتوسط بين إيران والسعودية رفض صدر أي محاولة للتوسط بين طهران والرياض ما لم تتراجع السعودية عن سياستها في المنطقة حسب المسؤول في الخارجية الإيرانية. وعن اجتماع واشنطن حول الأزمة السورية وتكليف الأردن بإعداد قائمة للمجموعات الإرهابية قال مستشار ظريف إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري تدخل في إزالة فيلق قدس والحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية في سوريا بعد احتجاج نظيره الإيراني محمد جواد ظريف.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».