محافظ تعز لـ «الشرق الأوسط»: الميليشيات تتراجع في العديد من الجبهات

أكد وجود خطط عسكرية بالاتفاق مع قيادة الجيش والمقاومة والتحالف

محافظ تعز على المعمري، الذي عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي
محافظ تعز على المعمري، الذي عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي
TT

محافظ تعز لـ «الشرق الأوسط»: الميليشيات تتراجع في العديد من الجبهات

محافظ تعز على المعمري، الذي عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي
محافظ تعز على المعمري، الذي عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي

قال محافظ محافظة تعز على المعمري، الذي عينه الرئيس عبد ربه منصور هادي الأسبوع الماضي، إن العمل يجري لعملية تحرير محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وفك الحصار المفروض على المدينة والترتيبات في مراحلها النهائية. وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الحقيقة باتت معركة تحرير تعز في صدارة الأولويات لدى رئيس الجمهورية والحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة السعودية، فهناك إدراك متقدم بأهمية كسر الحصار المفروض على مدينة تعز وتحريرها من الميليشيات الانقلابية لما لهذه الخطوة من أهمية على صعيد المعركة الوطنية ضد الانقلابيين؛ فمعركة تحرير تعز ستكون مؤشرًا حقيقيًا لتداعي مشروع الانقلاب».
وأردف المحافظ المعمري أن «مدينة تعز التحقت بمركب الشرعية في وقت مبكر وقاوم الأهالي ميليشيات التمرد بالأسلحة العادية الكلاشنيكوف، وتمكنوا من الصمود في وجه ترسانة عسكرية ضخمة رغم العوائق الكثيرة والمتمثلة في الفراغ الإداري والأمني والعسكري الذي كانت تشهده المحافظة خلال الفترة السابقة، والآن تجاوزنا ذلك عبر تعيين قيادة للمحافظة».
وحول ما إذا كانت هناك ترتيبات وتنسيق بين المحافظة والمجلس العسكري والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، ذكر المعمري أن «الترتيبات تجري، ونحن نراهن على عامل الزمن، فالميليشيات تمر بمرحلة انهيار وتراجع في الكثير من جبهات القتال، والضرورة تقتضي دعم وتعزيز التقدم الحاصل للجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بما يفضي إلى فك الحصار ودحر الانقلابيين من تعز إلى الأبد بإذن الله». وأوضح أن قيادة المحافظة على تواصل وتنسيق دائم مع قيادة المقاومة الشعبية والمجلس العسكري في محافظة تعز، وأن عمل الجميع «يصب في اتجاه واحد هو تخليص تعز من الميليشيات الانقلابية التي تحاصرها وتمارس بحق المدنيين أبشع الجرائم عبر القصف الهمجي». وأكد المحافظ لـ«الشرق الأوسط» وجود خطط عسكرية تم الاتفاق بشأنها مع قيادة الجيش الوطني والمقامة ودول التحالف، وأنه قد تم نقاشها نقاشًا مستفيضًا بعمق وطرح الخبرات الميدانية والفنية لدى الطرفين، وتم تحديد المعوقات والمتطلبات وتم إقرارها من التحالف وهي مرتكزة على مستلزمات التحرير العسكرية واللوجستية».
وعلى الصعيد الميداني، تتواصل المواجهات العنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح من جهة أخرى، التي رافقها قصف عنيف على الأحياء السكنية من قبل الميليشيات من مواقع تمركزها، وتركز القصف على المواقع والأحياء السكنية الخاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية، بينما يشرف قائد اللواء 35 مدرع، العميد عدنان الحمادي، على جبهات القتال ويحث أبطال المقاومة والجيش الوطني على الثبات وتوحيد الصفوف، بالإضافة إلى توزيع المهامات للقادة الميدانيين بعد إعلان النفير من قبل قائد المقاومة الشعبية الشيخ حمود المخلافي.
وتمكنت عناصر المقاومة والجيش الوطني من صد هجمات الميليشيات الانقلابية التسللية على عدد من المواقع، وذلك بمساندة طيران التحالف التي تقودها السعودية التي شنت غاراتها المركزة والمباشرة على مواقع وتجمعات الميليشيات، ما كبد الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد. واشتدت المواجهات في جبهات المسراخ ووادي الدحي، حيث شنت القوات الموالية للشرعية هجماتها على أوكار الميليشيات الانقلابية في مديرية المسراخ، جنوب مدينة تعز، في محاولة منها استكمال تطهير المديرية من الميليشيات الانقلابية، وكذلك في جبهة وادحي الدحي حيث تمكنوا من دحر الميليشيات التي كانت متمركزة في عدد من المواقع. وشهدت مديرية المسراخ حالة نزوح للسكان الذين يعيشون في الأحياء القريبة من مناطق الاشتباكات.
وعلى الصعيد الإنساني، وبينما تشهد مدينة تعز كارثة إنسانية وصحية بسبب الحصار الذي تفرضه عليها ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح منذ ما يقارب تسعة أشهر، تمكن ائتلاف الإغاثة الإنسانية من إيصال ألف غسلة لمرضى الفشل الكلوي بمستشفى الثورة العام بمدينة تعز. وقال الائتلاف إنه قام «بنقل المستلزمات الطبية من محافظة عدن، وإيصالها إلى مدينة تعز المحاصرة عبر طرق جبلية شاقة ووعرة كلفت الكثير من الوقت والمال والجهد».
وقالت الإدارة الطبية في ائتلاف الإغاثة الإنسانية إن صندوق إعانة المرضى الكويتي تكفل بمصاريف النقل للمستلزمات. وقدرت القيمة الإجمالية للمواد التي تم إيصالها بـ22 مليون ريال يمني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.