غياب السجالات في الثقافة العربية

فاضل السلطاني
فاضل السلطاني
TT

غياب السجالات في الثقافة العربية

فاضل السلطاني
فاضل السلطاني

أين المعارك الثقافية الكبرى في الحياة العربية؟ لماذا اختفت مع أن زمننا صار أكثر تركيبًا وتعقيدًا؟ واستخدام كلمة معارك هنا تجوزًا بالطبع، والمعنى المقصود تلك السجالات والحوارات الثقافية، التي قد تكون حادة أحيانًا، وجارحة أحيانًا، لكنها تتعلق بصلب العملية الثقافية، والقضايا الفكرية التي يطرحها التطور الثقافي والاجتماعي في فترة من الفترات، ربما بشكل كان غامضًا، أو ملتبسًا، وحتى محصورًا ضمن فئة معينة، اعتدنا أن نسميها النخبة. ولكن هذه النخبة (أو الفاعلين الحقيقيين فيها) ربما حتى فترة السبعينات، لم يحصروها ضمن الحدود الأكاديمية الضيقة، وإنما، بسبب التزامهم الفكري، وإيمانهم بدورهم الطليعي في التثقيف والتنوير خرجوا بها إلى الناس عبر الصحافة والمجلات الثقافية، التي كانت توزع عبر الوطن العربي كله، بسهولة نفتقدها الآن.
وهكذا، كانت مثل هذه السجالات، الساخنة وغيرها، تشغل الساحة الثقافية كلها، وبالتالي تحركها وتبث الحيوية فيها، مستولدة أفكارًا وقضايا جديدة.
كانت السجلات الأدبية والثقافية، على سبيل المثال، بين طه حسين وعباس محمود العقاد، والأخير مع مصطفى الرافعي وأحمد شوقي حول قضايا فنية وأدبية وتراثية وفقهية أيضًا، يصل صداها إلى اللبنانيين والعراقيين والسوريين والمغاربة في الوقت نفسه، فتصبح معاركهم أيضًا، لأنها تمس صميم شواغلهم واهتماماتهم. وفي نهاية الأربعينات، انشغلت الساحة الثقافية العربية كلها بمعركة الجديد والقديم في الشعر، التي بدأت في العراق، وامتدت إلى البلدان الأخرى.
وبسبب الجدال الثقافي الواسع، الذي اشترك فيه نقاد وكتاب وشعراء معروفون على صفحات الصحف والمجلات الثقافية، ولعل أبرزها «الرسالة» في مصر، و«لغة العرب» لصاحبها أنستاس ماري الكرملي في بغداد، و«الآداب» في لبنان، حصلت ثورة حقيقية في مفاهيمنا عن الشعر والنقد، والثقافة عمومًا، ساعدت على وضعنا في قلب العصر الأدبي الحديث الذي نعيش، وانتقلت بالشعر إلى آفاق أرحب لا تزال مفتوحة لحد الآن.
وقبل كل ذلك، كانت المعارك الفقهية والفكرية والأدبية وحتى القانونية التي أشعلها صدور كتاب «الإسلام وأصول الحكم» لعلي عبد الرازق، و«في الشعر الجاهلي» لطه حسين. ما الذي نشهده الآن؟ على الرغم من التقدم العلمي والمعرفي الهائل، ومرور أكثر من قرن على ثورة جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده على الجمود الفكري، ودعوتهما لتكريس مفاهيم تواكب متطلبات العصر، يحاول الكثيرون للأسف أن يحيوا مرحلة الانحطاط في القرن الوسيط، فكريًا ولغويًا، بإثارتهم النعرات الإقليمية والإثنية والطائفية، مستندين لتاريخ وتراث هما محل خلاف واسع.
وقد يستمر هذا الخلاف لوقت طويل، ما لم تحصل ثورة فكرية كبيرة في العقول والنفوس. وبدلا من تضيق هذا الخلاف، على قاعدة «أن نعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»، التي أطلقها فقهاء حتى في العصر الوسيط، رحنا نحفر في زوايا ماضينا لنستخرج منه ما يلائم أهواءنا، وبدلاً من أن نسلط الضوء على جوانبه النيرة، كما تفعل كل الأمم من أجل المستقبل، سلطنا الضوء على المفازات الموحشة فيه، التي تفتح أفواهها دائمًا، ولا تشبع أبدًا.



«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة
TT

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية» تُعلن قائمتها الطويلة

أعلنت «جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في الكويت، اليوم (الأحد)، عن القائمة الطويلة لدورتها السابعة (2024 - 2025)، حيث تقدَّم للجائزة في هذه الدورة 133 مجموعة قصصية، من 18 دولة عربية وأجنبية. وتُعتبر الجائزة الأرفع في حقل القصة القصيرة العربيّة.

وقال «الملتقى» إن جائزة هذا العام تأتي ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، والإعلام العربي لعام 2025، وفي تعاون مشترك بين «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، و«جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية»، في دورتها السابعة (2024 - 2025).

وتأهَّل للقائمة الطويلة 10 قاصّين عرب، وهم: أحمد الخميسي (مصر) عن مجموعة «حفيف صندل» الصادرة عن «كيان للنشر»، وإيناس العباسي (تونس) عن مجموعة «ليلة صيد الخنازير» الصادرة عن «دار ممدوح عدوان للنشر»، وخالد الشبيب (سوريا) عن مجموعة «صوت الصمت» الصادرة عن «موزاييك للدراسات والنشر»، وزياد خدّاش الجراح (فسطين) عن مجموعة «تدلّ علينا» الصادرة عن «منشورات المتوسط»، وسامر أنور الشمالي (سوريا) عن مجموعة «شائعات عابرة للمدن» الصادرة عن «دار كتبنا»، وعبد الرحمن عفيف (الدنمارك) عن مجموعة «روزنامة الأغبرة أيام الأمل» الصادرة عن «منشورات رامينا»، ومحمد الراشدي (السعودية) عن مجموعة «الإشارة الرابعة» الصادرة عن «e - Kutub Ltd»، ومحمد خلفوف (المغرب) عن مجموعة «إقامة في القلق» الصادرة عن «دار إتقان للنشر»، ونجمة إدريس (الكويت) عن مجموعة «كنفاه» الصادرة عن «دار صوفيا للنشر والتوزيع»، وهوشنك أوسي (بلجيكا) عن مجموعة «رصاصة بألف عين» الصادرة عن «بتانة الثقافية».

وكانت إدارة الجائزة قد أعلنت عن لجنة التحكيم المؤلّفة من الدكتور أمير تاج السر (رئيساً)، وعضوية كل من الدكتور محمد اليحيائي، الدكتورة نورة القحطاني، الدكتور شريف الجيّار، الدكتور فهد الهندال.

النصّ والإبداع

وقال «الملتقى» إن لجنة التحكيم عملت خلال هذه الدورة وفق معايير خاصّة بها لتحكيم المجاميع القصصيّة، تمثّلت في التركيز على العناصر الفنية التي تشمل جدة بناء النصّ، من خلال طريقة السرد التي يتّخذها الكاتب، ومناسبتها لفنّ القصّ. وتمتّع النصّ بالإبداع، والقوّة الملهمة الحاضرة فيه، وابتكار صيغ لغوية وتراكيب جديدة، وقدرة الرؤية الفنيّة للنصّ على طرح القيم الإنسانيّة، وكذلك حضور تقنيّات القصّ الحديث، كالمفارقة، وكسر أفق التوقّع، وتوظيف الحكاية، والانزياح عن المألوف، ومحاكاة النصوص للواقع. كما تشمل تمتّع الفضاء النصّي بالخصوصيّة، من خلال محليّته وانفتاحه على قضايا إنسانية النزعة.

وقالت إن قرارها باختيار المجموعات العشر جاء على أثر اجتماعات ونقاشات مستفيضة ومداولات متعددة امتدت طوال الأشهر الماضية بين أعضاء اللجنة، للوصول إلى أهم المجاميع القصصيّة التي تستحق بجدارة أن تكون حاضرة في القائمة الطويلة للجائزة، المكوّنة من 10 مجاميع، بحيث تقدّم مشهداً إبداعياً قصصياً عربياً دالّاً على أهمية فن القصة القصيرة العربية، ومعالجته لأهم القضايا التي تهم المواطن العربي، ضمن فضاء إبداعي أدبي عالمي.

وستُعلن «القائمة القصيرة» لجائزة «الملتقى» المكوّنة من 5 مجاميع قصصيّة بتاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2025، كما ستجتمع لجنة التحكيم في دولة الكويت، تحت مظلة «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، في منتصف شهر فبراير (شباط) 2025، لاختيار وإعلان الفائز. وسيُقيم المجلس الوطني احتفالية الجائزة ضمن فعاليات اختيار الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي لعام 2025. وستُقام ندوة قصصية بنشاط ثقافي يمتد ليومين مصاحبين لاحتفالية الجائزة. وذلك بمشاركة كوكبة من كتّاب القصّة القصيرة العربيّة، ونقّادها، وعدد من الناشرين، والمترجمين العالميين.