مع حصولهن على رخصة مزاولة المهنة.. المحاميات السعوديات يتأهبن لقاعات المحاكم

مع إصدار أول رخص لممارسة المهنة لأربع محاميات، أول من أمس، تدخل المرأة السعودية بثقلها في مجال القانون لتجني ثمرة أعوام من الدراسة والمطالبة بحق العمل كمحامية. وكانت وزارة العدل قد منحت أربع محاميات الرخص، في خطوة إيجابية تعترف بأهمية ودور المرأة السعودية في المجتمع. المحامية بيان زهران احتفلت بحصولها على الرخصة بتعليق على «تويتر»، قالت فيه: «حصلت على رخصة لمزاولة مهنة المحاماة.. أسأل الله أن أنفع بها ديني ووطني وأمة محمد (صلى الله عليه وسلم)». وخلال حديث لـ«الشرق الأوسط» تناولت مراحل عملها في مجال القانون ومشاريعها المستقبلية.
تخرجت زهران في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، حيث درست القانون، وقامت بعد تخرجها في مجال حماية النساء والأطفال من العنف، وبعدها انتقلت للعمل في جمعية «تراحم» في مجال حماية السجناء، تقول: «كان دوري فيها تقديم الدعم القانوني في قضايا حقوق السجناء، والتأكد من إجراءات التقاضي أوضاعهم القانونية».
وعلى الرغم من التصور المسبق، الذي يربط بين عمل المحاميات وقضايا المرأة، التي هي جزء من عملها، وليس كله. تعلق زهران بأن تجربتها في هذا المجال سمحت لها بالتعامل مع قضايا مختلفة، وإن كانت أيضا عملت بشكل موسع مع السجينات وأسر السجناء.
وتضيف أن المحاميات سيعملن في جميع المجالات، وليس فقط في مجال المرأة وقضايا الأحوال الشخصية: «لا توجد أي اشتراطات علينا كمحاميات، وكل ما ينطبق على المحامي الرجل ينطبق علينا من بداية تقديم رخصة المحاماة إلى فتح مكتب إلى مباشرة القضايا».
المعروف أن خريجات القانون في السعودية يعملن في مجالات الاستشارات القانونية؛ سواء من خلال مكاتب المحاماة المملوكة للرجال من المحامين، أو من خلال عملهم بالأقسام القانونية بالشركات.
وإلى جانب ذلك، قام عدد من خريجات القانون بإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم الاستشارات القانونية. ولكن الحصول على رخصة مزاولة المحاماة تنتقل بالمستشارات إلى قاعات المحاكم للترافع أمام القضاة، هنا تشير زهران إلى أنها قامت بالفعل بالترافع أمام المحاكم، ولكن بصفة مستشارة قانونية، تضيف: «أثناء عملي مع جمعية حماية الأسرة قمت بالترافع في عدة قضايا بصفة مستشارة قانونية، وبموجب تفويض من الجمعية بكل الحالات التي تلجأ لها، وأيضا بموجب خطاب من رئيس المحكمة لتسهيل دوري كقانونية».
وعن خططها للمستقبل، تقول: «لديّ خبرة كافيه في جميع المجالات تؤهلني لأن أفتح مكتبا، وسيكون به مستشارات ومستشارون معي لتقديم أفضل الخدمات للمجتمع».
ومع تغير المسمى من «مستشارة» إلى «محامية» تستطيع المحاميات السعوديات العمل بشكل مستقل، تحت مظلة وزارة العدل.
ومن جانبها، علقت الدكتورة وحي فاروق لقمان أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، قائلة: «كنت أقول لطالباتي منذ أن شاركت في تأسيس قسم القانون في جامعة الملك عبد العزيز بأن الترخيص سيصدر بالتأكيد، مهما طالت المدة».
الدكتورة وحي شهدت تخريج دفعات من القانونيات؛ سواء في جامعة الملك عبد العزيز أو في كلية دار الحكمة، التي قضت بها خمسة أعوام، بعد أن أسست قسم القانون هناك.
وبتفاؤل شديد، تؤكد لنا أن المحاميات لن يواجهن صعوبات كبيرة في تقبل المجتمع لهن: «المجتمع سيتقبل، لأن فكرة وجود محاميات يعملن مطروحة لمدة خمسة سنوات وكثيرات من الخريجات عملن بعد التخرج في مكاتب قانونية وشركات، كل ما في الموضوع الآن هو أن الترخيص سيسمح لهن بأن يفتتحن مكاتب خاصة بهن».
وتقلل لقمان من دور المواقع الإلكترونية في تمهيد الطريق للمحاميات، وترى أن خطة وزارة التعليم العالي كانت حكيمة.. «عندما يوافق التعليم العالي على فتح أقسام قانون للفتيات فالشيء الطبيعي أن يمنح الخريجات تصريحا لممارسة المهنة».
وعن طبيعة القضايا التي ستواجه المحاميات وتأثير وجودهن على تناول قضايا المرأة بشكل خاص، تعلق: «لا شك أن كثيرا من النساء سيشعرن بشيء من الطمأنينة والأمان لدى حديثهم مع محامية. وأعتقد أنهم يعرفن الكثير عن قضايا الأحوال الشخصية التي تواجه فيها المرأة من الظلم. ولهذا يوجد حماس لديهن لتقديم شيء في سبيل المرأة، فهذا الحماس يمكن أن يؤثر في البداية، وقد يكون سببا في تسريع الإجراءات».
ولكن لقمان تقدم نصيحة للمحاميات السعوديات بالتأني واكتساب الخبرة والثقة الكافية التي تؤهلهن للاستقلال: «أنصح كل خريجة بأن لا تسارع بفتح مكتب خاص، فهي غير معروفة ولكن عندما تعمل مع محام معروف تصنع اسما، ويتعرف عليها الناس، وبعدد ذلك يصبح فتح المكتب أمرا سهلا. فالقانون مثل الطب، ولا يمكنني كقانونية أن أتعلم المهنة على حساب قضايا الناس ومصالحهم، فيجب اكتساب كثير من الخبرة قبل ذلك».
وكانت وزارة العدل وعدت منذ ست سنوات بمعالجة الترخيص للمرأة بالمحاماة بشكل عاجل، إلا أن الفكرة اصطدمت بآلية الترخيص المتوافق عليها والنص الانتقالي المقترح لها، واستمر الوضع طيلة الفترة الماضية في خطابات متبادلة بين الوزارة والجهات التنظيمية. وخلال ذلك الوقت، لجأ عدد من خريجات أقسام الشريعة والقانون والعاملات في المحاماة، بشكل غير رسمي، لإطلاق حملة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، أطلقن عليها اسم «أنا محامية»، تهدف إلى الاعتراف بهن كمحاميات بشكل رسمي، والسماح لهن بمزاولة المحاماة دون عوائق، وطالبت أكثر من 100 طالبة في قسم القانون في جامعة الملك عبد العزيز، عبر الصفحة المخصصة للحملة على الـ«فيس بوك»، بتمكينهن من وظائف المحاماة، والعمل في المحاكم.