إردوغان يدافع عن إجراء استفتاء لتعديل الدستور التركي

قال إنه سيتصدى لكل من يحاول تأسيس دويلات داخل البلاد

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يدافع عن إجراء استفتاء لتعديل الدستور التركي

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أ.ف.ب)

دافع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، عن فكرة تنظيم استفتاء لتعديل الدستور، مؤكدًا أن مسألة الرئاسة بصلاحيات معززة التي يصر عليها ليست «مسألة شخصية».
وصرح إردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة أمام ناشطين في المجتمع المدني: «إننا نعتقد أن النظام البرلماني في تركيا بات منهكًا. كما نعتقد أن تركيا بحاجة إلى نظام رئاسي»، مضيفًا أنه يريد «تصحيح فكرة خاطئة. إن النظام الرئاسي ليس مسألة شخصية بالنسبة إلى طيب إردوغان.. يمكن للبرلمان إعلان قراره، لكن يجب استشارة الشعب لاحقًا. والقرار النهائي يعود إلى الشعب، لا إلى النواب».
ومنذ انتخاب إردوغان رئيسًا للبلاد عام 2014 بعد تولي رئاسة حكوماتها 11 عامًا، وهو يسعى إلى تعديل الدستور المنبثق من انقلاب عسكري في 1980، الذي يضع الجزء الأكبر من السلطة التنفيذية في يد رئيس الوزراء. لكن معارضيه يرون في إصراره مؤشرًا جديدًا على نزعته السلطوية.
وتابع الرئيس التركي موضحًا: «من ينتظرون من رئيس انتخب في اقتراع شعبي أن يبقى جالسًا لا يعلمون شيئًا عن هذه البلاد».
وفاز حزب العدالة التنمية الإسلامي المحافظ، الذي ينتمي إليه إردوغان، بالأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية. لكنه حصل فقط على 317 مقعدًا من أصل 550 مقعدًا، أي أقل من الأكثرية التي تؤهله لتنظيم استفتاء أو التصويت على إصلاح دستوري.
ومن المقرر أن تبدأ لجنة برلمانية متخصصة في الأسبوع المقبل بحث مشروع دستور جديد. فيما أعلنت الأحزاب المعارضة الثلاثة في البرلمان تأييدها للإصلاح فقط، وليس للنظام الرئاسي، علما بأنه في 2013 فشلت لجنة برلمانية في الاتفاق على دستور جديد.
وأمام حشد من مؤيديه أضاف إردوغان: «نعتقد أن النظام البرلماني في بلادنا انتهى عمره، ويتعين صياغة دستور جديد، يصاحبه الانتقال إلى نظام رئاسي يتناسب مع حاجاتنا وثقافتنا، وأقترح أن نترك القرار الأخير للشعب الذي اختار رئيسه بشكل مباشر عام 2014».
كما أكد الرئيس التركي على موقف بلاده الحازم في مواجهة الدعوات الصادرة عن حزب الشعوب الديمقراطي، لإقامة إدارات ذاتية في المناطق ذات الغالبية الكردية، جنوب شرقي البلاد، لافتًا إلى أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة النزعات الانفصالية. وبهذا الخصوص قال إردوغان: «سنهدم الدنيا فوق رؤوس الذين يحاولون تأسيس دويلات داخل البلاد، تحت اسم الإدارة الذاتية، مثلما ضيقنا الخناق على الذين حاولوا تأسيس كيان موازٍ داخل الدولة تحت غطاء الجماعة»، في إشارة إلى جماعة فتح الله غولن.
جدير بالذكر أن السلطات التركية تصف جماعة غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1998، بـ«الكيان الموازي»، الذي تتهمه بالتغلغل في سلكَي الشرطة والقضاء.
من جهته، قال مسؤول حكومي بارز: «نحن نهدف للحصول على دعم 14 نائبا آخرين، وإذا تحقق هذا فسيكون بوسعنا الدعوة لاستفتاء على الدستور الجديد والنظام الرئاسي الجديد بحلول نهاية العام الحالي»، مضيفا أنه «من الواضح أن هذا لن يكون سهلا. لكننا سنبلغ الشعب وسنضغط على البرلمان»، رغم شكوك البعض داخل حزب العدالة والتنمية، وإن كان دعمهم لرؤية إردوغان الرئاسية في ازدياد، حسب تعبيره.
وفي هذا السياق، قال كاتب عمود في صحيفة «ميليت» الواسعة الانتشار إن بوسع حزب العدالة والتنمية الدعوة لانتخابات مبكرة، والمراهنة على تحقيق أغلبية برلمانية أكبر لتغيير الدستور دون معارضة.
لكن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو قال إن مثل هذه الخطط غير مطروحة. وقد يؤدي إجراء انتخابات أخرى لحالة من عدم الاستقرار في تركيا، التي شهدت 4 انتخابات خلال العامين الماضيين.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».