دريد لحام لخامنئي: «لك الحب والإجلال.. عاشت إيران تحيا سوريا»

غوار الطوشة يحدث المفاجأة ويتقدم على رغدة في تأييد النظام

دريد لحام
دريد لحام
TT

دريد لحام لخامنئي: «لك الحب والإجلال.. عاشت إيران تحيا سوريا»

دريد لحام
دريد لحام

ذهب دريد لحام إلى أبعد مما كان متوقعًا، من فنان له جمهور عريض، سعى منذ مطلع ستينات القرن الماضي، ليفوز بتقديره وإعجابه. لم تكن المفاجأة هذه المرة بتأييد نظام بشار الأسد، الذي بات موقفه منه معلنًا، وإنما من تأييده المطلق للخامنئي، ولإيران، ضاربًا عرض الحائط بجزء من جمهوره، ربما كان يتمنى منه أن يحافظ على تلك الشعرة التي بقيت تربطهم به، ولو على خجل.
لم يتوانَ دريد لحام يوم الثلاثاء الماضي خلال حفل نظم في دمشق تحت عنوان «رفاق على درب الشهادة»، عن القول متوجهًا بالتحية إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي: «في روحك القداسة، في عينيك الأمل، في يديك العمل، وفي كلامك أمر يُلبّى».
وأضاف لحام مكملاً تحيته للمرشد الأعلى: «لك الحب والتقدير والإجلال من شعب صامد وجيش عتيد.. عاشت إيران تحيا سوريا».
وأكد لحام على موقفه من التدخل الإيراني في سوريا، بالقول: «ازدادت قدسية ترابنا بارتقاء بعض رجالاتك إلى سمائها».
وكان هذا الحفل قد أقيم بدعوة من مبادرة «سوريا المستقبل» وحملة «الفينيق السوري»، وحضره أيضًا المخرج نجدة أنزور، الذي قام بدوره بتوجيه التحية لخامنئي، قائلاً: «من كلماتك نستمد الأمل من حزمك نستمد القوة، يا من يقف في صفوف المظلومين في وجه الاستكبار، أبناؤك وإخوتك أتوا إلينا، الآن هم السادة».
وكان الفنان السوري دريد لحام قد أعلن، مع بدء الثورة السورية، أنه مع المطالب المحقة للمحتجين، لكنه ضد الفوضى، محاولاً إظهار شيء من الحياد، ثم سرعان ما أعلن بعد ذلك، تأييده المطلق للنظام، قائلاً إنه على استعداد للتخلي عن الجنسية السورية في حال سقط النظام. وأثار دريد لحام الكثير من الجدل حين اعتبر أن «مهمة الجيش هي حماية الشعب وتوفير الأمن والاستقرار وليس محاربة إسرائيل». كما وصف المعارضين بأنهم «مجرمون». ودافع الفنان باسم ياخور عن دريد لحام معتبرًا أن «من حقه كفنان أن يعبر عن رأيه وليست مشكلته أن يرضى فلان أو لا يرضى، لافتا إلى أن السلطة تعاملت بأسلوب القمع والاستبداد مع الفنانين المعارضين، وكذلك المعارضة قمعت الفنانين المؤيدين».
وانقسم الفنانون السوريون، كما هو حال المواطنين العاديين منذ بداية الثورة السورية قبل خمس سنوات بين مؤيد للنظام، ومعارض له، وحاول البعض أن يحافظ على شعرة معاوية، مع صعوبة المهمة. وعبرت الفنانة أصالة عن أشرس المواقف في مواجهة نظام بشار الأسد، حتى اتهمتها الفنانة ميادة الحناوي، بنكران الجميل في إحالة إلى تكفل النظام السوري بمعالجتها لفترة طويلة في صغرها، بسبب مرض كانت تعاني منه.
ومن أشهر المعارضين للنظام السوري الفنانة المعروفة منى واصف، وشريحة كبيرة، تضم على سبيل المثال لا الحصر، المخرجة رشا شربتجي وكنده علوش ويارا صبري وماهر صليبي، وكذلك الفنان عامر السبيعي الذي وافته المنية، معارضًا شرسًا، وتوفي في إحدى المستشفيات المصرية، إثر أزمة قلبية قبل أن يكمل عقده السادس. أما الأبرز على الإطلاق فهو الفنان جمال سليمان الذي انضم إلى المعارضة بشكل رسمي، وباتت له حوارات سياسية ومواقف وتصريحات، كأحد أركان المعارضة، الذين يشاركون في اجتماعاتها ومؤتمراتها الدولية.
أما أبرز المؤيدين للنظام، واتخذت مواقف متطرفة حد تقبيل الحذاء العسكري السوري، فهي الممثلة رغدة، التي كان يعتقد أنها ذهبت إلى تطرف استعراضي، لن يسبقها إليه أحد فإذا بدريد لحام يحدث المفاجأة الكبرى.
والسؤال الذي بات يطرح بعد موقف الممثل الأشهر في سوريا، الذي له عشرات المسرحيات والمسلسلات والأفلام، حول حقوق المواطن، وقيمة الإنسان، شكلت ضمير شعبه طوال أكثر من خمسين سنة، إن كان اتخاذ فنان له هذا التاريخ، وهذا القدر من الأهمية في بلاده، مواقف سياسية حادة، تزيد من الانقسام، هل هو ذو فائدة، لأحد، أم أنه أسلوب يسهم في تصعيد التشنج؟
وجدير بالذكر أن دريد لحام، الذي عرف طويلاً، بشخصية «غوار الطوشة»، الإنسان البسيط الذي لا يخلو سلوكه من المقالب، وبعض الخبث المبطن، كان قد عين سفيرًا للنيات الحسنة لشمال أفريقيا والشرق الأوسط، من قبل اليونيسيف، لكنه استقال من منصبه بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006. وهو من مواليد دمشق القديمة عام 1934، وكان يعتقد، من خلال أعماله الفنية النقدية، أنه المعارض الخفي الذي يحاول أن يدك مداميك النظام، ولكن منهم من كان يتهمه حينها بأنه المتنفس الذي يتواطأ مع السلطة لتخفيف الضغط عن الجمهور والمساهمة في تهدئة الغضب من خلال الضحكة والقفشة والنكتة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.