السيستاني يبدي قلقه من استمرار أزمة نازحي الأنبار

مخاوف من اتساع نطاق سيطرة «داعش»

السيستاني يبدي قلقه من استمرار أزمة نازحي الأنبار
TT

السيستاني يبدي قلقه من استمرار أزمة نازحي الأنبار

السيستاني يبدي قلقه من استمرار أزمة نازحي الأنبار

عبر المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، آية الله علي السيستاني، عن قلقه حيال المهجرين والنازحين لأسباب طائفية وأمنية في عموم البلاد من مختلف أطياف الشعب وخاصة النازحين جراء العمليات العسكرية وسيطرة التنظيمات المسلحة في محافظة الأنبار. وقال بيان لمكتب السيستاني أثناء لقائه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، الذي يزور العراق حاليا إن المرجع الديني «أبدى قلقه بشكل خاص على أحوال المهجرين والنازحين من مناطق سكناهم لأسباب طائفية أو أمنية أو بسبب العمليات العسكرية في الأنبار»، داعيا في الوقت نفسه الجهات الإنسانية الدولية إلى «الاهتمام بأحوال هذه الشرائح وتقديم المزيد من المساعدات إليهم».
كما دعا السيستاني «البعثة الدولية إلى بذل جهود مضاعفة لإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة، ليس في العراق فحسب، بل في مناطق النزاع في الشرق الأوسط وخاصة سوريا، وفي مختلف إرجاء العالم، وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين شعوب المنطقة».
وجرى أيضا خلال اللقاء «بحث ملف المفقودين في الحرب العراقية - الإيرانية والمفقودين في حرب الكويت».
من جانبه دعا رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحكومة العراقية إلى «إبداء التعاون لوصول فرق المساعدات والبحث والتقصي في مختلف أنحاء العراق»، مؤكدا في الوقت ذاته صعوبة الوصول إلى العائلات المنكوبة في مناطق وجود الجماعات المسلحة أو في مناطق المواجهات العسكرية رغم التعاون الحاصل من قبل في هذا المجال.
وكانت دائرة الهجرة والمهجرين في محافظة صلاح الدين أعلنت أن «عدد العائلات النازحة من محافظة الأنبار إلى مناطق محافظة صلاح الدين والمسجلين في دائرتنا قد بلغ أكثر من ثلاثة آلاف عائلة». وقال فزع الشمري، مدير الدائرة، في تصريح أمس، إن «دائرتنا تقوم بإعداد قاعدة بيانات للعائلات النازحة لتسهيل الأمور الإدارية واللوجيستية».
وأضاف أن «منحة الحكومة العراقية البالغة 300 ألف دينار تم تسليمها لأكثر من عائلة وأن دائرة الهجرة في المحافظة تنسق بين الهيئات والمنظمات الإغاثية لإيصال المساعدات إلى العائلات النازحة وتوزيع المواد الغذائية عليهم».
وبعدما أعلنت قيادة عمليات الأنبار الأسبوع الماضي أنها تمكنت من تحرير المناطق التي كانت ساخنة في أطراف مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وأن المعركة المقبلة ستكون في الفلوجة، برزت مخاوف عشائرية حتى من قبل شيوخ وزعماء العشائر الداعمين للحكومة في معركتها ضد تنظيم «داعش» من عودة هذه التنظيمات وسيطرتها على مناطق كثيرة وإجبار الناس على النزوح.
وفي أول إشارة إلى التناقض بين التصريحات التي تصدر عن المؤسسة العسكرية العراقية، ومنها جهاز مكافحة الإرهاب الذي سبق له أن أعلن عن مقتل شاكر وهيب أحد أبرز زعماء تنظيم القاعدة في المنطقة الغربية، فإن حميد الهايس، رئيس مجلس إنقاذ الأنبار وأحد أبرز داعمي الحكومة، أعلن أن وهيب لم يقتل وهو موجود في الرمادي. وقال الهايس أن «لدى ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام قادة كبارا أخطر وأهم من شاكر وهيب وظهوره لضمان التغطية على عدد من المطلوبين تم كشفهم وتحديد أسمائهم وتجري ملاحقتهم في الرمادي والفلوجة وهناك توجيه بسحقهم بالقوة»، مبينا أن «القوات الأمنية اخترقت صفوف (داعش) وهناك معلومات توصلنا إليها وحققت نجاحا باهرا في مكافحة الإرهاب وتدمير أوكاره».
من جهته أكد الشيخ غسان العيثاوي، أحد الناطقين السابقين باسم ساحات الاعتصام وأحد شيوخ ووجهاء محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم العائلات التي تضطر للنزوح من محافظة الأنبار وبخاصة من مدينة الرمادي إنما بسبب عودة الجماعات المسلحة وبالأخص تنظيم داعش إلى السيطرة من جديد على بعض المناطق ومن أهمها منطقتا البوعبيد والبوبالي»، كاشفا عن أن «هذه التنظيمات تدخل إلى منازل الناس وتأمرهم بالخروج وتفخخ بعض المنازل لغرض
اتهام الجيش بالقيام بذلك والاستفادة من الجهد الإعلامي في هذا المجال». وأضاف العيثاوي أن «تنظيم داعش يدخل المناطق ويتوجه عناصره إلى مراكز الشرطة حصرا، لأنها باتت الحلقة الضعيفة، ويستولي عليها مستفيدا من وجود معظم هذه المراكز داخل الأحياء السكنية».
وردا على سؤال بشأن إعلان الجيش العراقي فرض سيطرته على معظم المناطق التي كانت ساخنة، قال العيثاوي إن «الجيش يواجه مشكلة الأهالي والمواطنين ففي الوقت الذي يعمل على التمييز بين المواطنين الأبرياء والإرهابيين فإن مسلحي داعش لا يهمهم مثل هذا الأمر بل إنهم غالبا ما يستخدمون الأهالي دروعا بشرية وهو ما زاد من نسبة النزوح من الرمادي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.