مصادر ليبية تنفي اجتماعًا سريًا بين السراج وبلحاج.. وتعهدات بحكومة مصغرة خلال أيام

بينما أعلنت الحكومة الانتقالية في ليبيا، التي يترأسها عبد الله الثني، أن البلاد على وشك مواجهة أزمة كبيرة في مخزونها الاستراتيجي من القمح، قال مقربون من فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأم المتحدة، إنه سيعمل على إنجاز تشكيلة جديدة للحكومة خلال عشرة أيام، عوضا عن القائمة التي رفضها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي أول من أمس.
ونفى فتحي بن عيسى، الناطق الصحافي باسم السراج، لـ«الشرق الأوسط» ما أشيع عن عقد السراج اجتماعا سريا خلال زيارته للجزائر مع عبد الحكيم بلحاج، أحد قادة الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة سابقا، ورئيس أحد الأحزاب السياسية المنتمي إلى ما يسمى بتحالف ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة، التي تهيمن بقوة السلاح على العاصمة طرابلس منذ العام الماضي.
وأضاف بن عيسى أن «السراج لم يلتق أي شخصية ليبية خلال زيارته للجزائر، التي كان برنامجها معلنا وتم نشره»، مشيرا إلى أن الزيارة «استغرقت ست ساعات فقط، حيث أمضى ساعتين في لقاء مع الرئيس بوتفليقة وساعة مع الحكومة وساعة ونصفا مأدبة غذاء، وساعة ونصفا في الاستقبال والوداع»، مؤكدا أن اجتماعا سريا بين السراج وبلحاج هو مجرد شائعة بالمطلق، على حد تعبيره.
وقال السراج إنه بحث مع كبار المسؤولين في الجزائر «قضايا المناطق الحدودية ومحاربة الإرهاب وتطوير العلاقات الاقتصادية»، معتبرا أن «الجزائر مرت بدروس نحاول الاستفادة منها». وبعدما أوضح أن «ليبيا تمر حاليا بمرحلة تحتاج فيها لكل هذه العبر»، رأى السراج أن «سياسة الوئام المدني التي انتهجتها الجزائر تعد مدرسة للسلم الاجتماعي»، في إشارة إلى مبادرة بوتفليقة لإقناع الجماعات المسلحة بإلقاء السلاح مقابل العفو في الجزائر.
وتزامنت هذه التطورات مع تسريبات بأن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض حظر سفر، وتجميد لأصول سياسيين ليبيين اثنين على الأقل، يعتبرهما يعرقلان جهود الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مصادر بالاتحاد الأوروبي أن نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وخليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، وكلاهما يعمل من العاصمة الليبية طرابلس، قد يواجهان عقوبات مطلع الشهر القادم إذا توصل الدبلوماسيون إلى اتفاق قريبا، مشيرة إلى أنه يجري أيضا بحث أسماء أخرى لفرض عقوبات عليها.
واستمرت إيطاليا أمس في توجيه رسائل متناقضة حول إمكانية قيامها بعمل عسكري في ليبيا، حيث اشترطت وزارة الدفاع الإيطالية أن تطلب ذلك حكومة السراج، بينما أعلنت الحكومة الإيطالية أن «إيطاليا مستعدة للقيام بعمل عسكري إذا لزم الأمر ضد تنظيم داعش ليبيا»، مشيرة إلى أن «كل تحرك للأميركيين (في ليبيا) يتم بالاتفاق معها.
ونقلت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية عن مصادر في الحكومة الإيطالية قولها «سنعمل مع حلفائنا، بناء على طلب من حكومة طرابلس، وفي الإطار الذي تمليه قرارات الأمم المتحدة»، وأضافت أنه «قبل 29 الشهر الحالي، ينبغي أن تبدأ مهام السراج، وسيكون لديه وزير دفاع يمكنه وضع الخطط معه، وتقييمه لكيفية مكافحة الإرهاب في ليبيا»، وبالتالي «رفع مطالبه للمجتمع الدولي».
وشهدت الفترة الأخيرة تكثيفا ملحوظا في معدل الرحلات الاستطلاعية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد مواقع لتنظيم داعش، وسط احتمالات بإقدام الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة على القيام بعمل عسكري مشترك، بهدف تثبيت حكومة السراج في مواجهة تهديدات «داعش».
ورغم إعلان مقربين من فائز السراج أنه سيعمل على الانتهاء من إعادة تقديم قائمة جديدة بأعضاء حكومته إلى مجلس النواب خلال الأسبوع المقبل، أعادت وكالة الأنباء الليبية الرسمية نشر رسالة رسمية، وجهها نائبه علي القطراني إلى رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، أعلن فيها رفضه لما وصفه بتشكيلة الحكومة القاصرة وغير الملبية لمتطلبات هذه المرحلة.
واستأنف النواب العشرة، المقاطعون لجلسات مجلس النواب، عضويتهم بعدما أدوا على امتداد يومين اليمين القانونية إيذانا بإنهاء مقاطعتهم للمجلس الموجد في طبرق. ومن المنتظر أن يعقد اليوم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في ليبيا مارتن كوبلر مؤتمرا صحافيا في تونس، يتناول آخر تطورات العملية السياسية في ليبيا.
وكان كوبلر قد رحب بإقرار مجلس النواب الاتفاق السياسي الليبي الذي رعته البعثة الأممية في المغرب العام الماضي، إقرارًا مبدئيًا، وقال كوبلر في بيان إنه أحيط علمًا بتحفظ مجلس النواب على المادة الثامنة من الاتفاق، والمتعلقة بالمناصب العسكرية والأمنية، وذكر جميع الأطراف بأن أي تعديل للاتفاق السياسي الليبي يجب أن يكون متماشيا مع الآلية التي وضعها الاتفاق»، وأضاف موضحا «سوف نستمر بعقد المشاورات مع جميع الأطراف لإيجاد حل توافقي لجميع القضايا العالقة».
كما أعلن كوبلر أنه أحيط علمًا بقرار مجلس النواب بإعادة التشكيلة الوزارية لحكومة الوفاق الوطني إلى المجلس الرئاسي، وقال إنه يحث في المقابل كلا من المجلس الرئاسي ومجلس النواب على اتخاذ القرارات اللازمة في أسرع وقت ممكن.
وكان مجلس النواب الليبي قد رفض حكومة السراج، المكونة من 32 حقيبة وزارية، وطالب بإعادة تشكيلها من 17 وزيرا فقط خلال مهلة عشرة أيام.
من جهته، قال حاتم العريبي، الناطق الرسمي باسم حكومة الثني، إن ليبيا قد تواجه أزمة وشيكة في صناعة رغيف الخبز بسبب قرب نفاذ مخزون الدقيق، محملا المسؤولية للمصرف المركزي في طرابلس وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا. وقال العريبي في هذا الصدد: «بحلول الشهر المقبل ستخلو المخازن من القمح ما لم يفتح المصرف المركزي في طرابلس اعتمادات توريد جديدة على وجه السرعة».
وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إنه رغم أن معظم المخابز في مناطق شرق ليبيا، قد رفعت أسعار الخبز إلى الضعف، فإن معظم المخابز مغلقة، ما أدى إلى عودة طوابير الخبز.