الحرب على «داعش».. استعادة الأرض الافتراضية هي المعركة

موقع «يوتيوب» أزال 14 مليون فيديو و«تويتر» جمد 10 آلاف حساب للمتطرفين

إبراهيم عبد السلام أبرز انتحاريي تفجيرات باريس ظهر في شريط «داعش» الأخير («الشرق الأوسط»)
إبراهيم عبد السلام أبرز انتحاريي تفجيرات باريس ظهر في شريط «داعش» الأخير («الشرق الأوسط»)
TT

الحرب على «داعش».. استعادة الأرض الافتراضية هي المعركة

إبراهيم عبد السلام أبرز انتحاريي تفجيرات باريس ظهر في شريط «داعش» الأخير («الشرق الأوسط»)
إبراهيم عبد السلام أبرز انتحاريي تفجيرات باريس ظهر في شريط «داعش» الأخير («الشرق الأوسط»)

قبل عام على تأسيس تنظيم داعش خلافته المتطرفة في سوريا والعراق، لاحظ عبد المنعم المشوح تطورا مزعجا، على بعد أكثر من ألف ميل من السعودية. قال المشوح الذي يرأس برنامجا تموله الحكومة السعودية ويعمل على رصد المتطرفين عبر الإنترنت، إنه عاين ظهور أنماط في أوساط المتشددين منذ مطلع 2013، كانوا يشكلون مجموعة فنية لمساعدة المتشددين على إرسال رسائل مشفرة. وكانت هناك فورة نشاط في فرنسا، والدعوات تتصاعد للتطرف في أوروبا. وبعد ذلك بعامين، حصلت مذابح في باريس، في مجلة «تشارلي إيبدو» أولا، ثم في أهداف كثيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بحسب «أسوشييتد برس».
قال المشوح في مقابلة من مقر حملته في الرياض: «أدركنا أنهم كانوا يؤسسون لما هو واقع اليوم. إن ما يحدث فعليا الآن كانت له ظلال سابقة في العالم الإلكتروني». تقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنهم يحققون الانتصار في المعركة ضد «داعش»، ونجحوا على مدار العام الماضي في استعادة السيطرة على أراض، وتحرير بلدات مثل كوباني (عين العرب) في سوريا، والرمادي في العراق. ومع هذا، فهناك أرض لا تصل إليها الضربات الجوية، تسقط في أيدي التنظيم، وهي فضاء تسيطر عليه إلى حد بعيد شركات تعمل من الولايات المتحدة. ويعمل مديرون تنفيذيون من «غوغل» و«فيسبوك»، إلى جانب مسؤولين من الحكومة الأميركية، على حشد الدعم من أجل رد منسق.
وتشير المعلومات التي جمعها المشوح إلى مدى صعوبة تحويل التأخر في فهم التطورات إلى رؤى بعيدة النظر. لقد ساهمت حملة «داعش» على الإنترنت في جذب آلاف المقاتلين الأجانب وألهمت مهاجمين من نوعية «الذئاب المنفردة».
وقد أظهر الهجوم في سان برناردينو، بولاية كاليفورنيا، إلى أي مدى ساعدت الإنترنت «في حشد المصادر للإرهاب، لتسويق القتل»، بحسب جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي). قال كومي في كلمة بعد أسبوعين من هجوم ديسمبر (كانون الأول) الماضي إن هذا تضمن أشخاصا «يتجرعون السم الموجود في الإنترنت».
ومؤخرا جدا لاحظ المشوح زيادة في رسائل المتطرفين التي تأتي على ذكر إندونيسيا. وخلف هجوم أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه ثمانية قتلى هذا الشهر.
ويعد «(داعش) أول جماعة إرهابية تنجح في احتلال أراض والاحتفاظ بها، سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الرقمي»، على حد تعبير جيرد كوهين، مدير «غوغل أيدياز»، في عرض تقديمي على الإنترنت الأسبوع الماضي. قال كوهين إن الحرب البرية والحرب الإلكترونية لا بد من أن تعاملا بالأهمية نفسها، والأمر متروك للحكومات للتواصل مع الشركات لأجل إيجاد أفضل السبل للمقاومة.
وأظهر فيديو مدته 17 دقيقة، نشره «داعش» على ما يبدو، يوم الأحد الماضي، صورا لمن يفترض أنهم المهاجمون الـ9 الذي شاركوا في هجمات باريس في 13 نوفمبر الماضي، وكانوا في أرض يسيطر عليها التنظيم قبل تنفيذ الاعتداءات، يعلنون استهداف التنظيم رجال أعمال وقادة سياسيين فرنسيين. كان الفيديو يحمل عنوان: «اقتلوهم حيث ثقفتموهم».
وتواصل شركات التواصل الاجتماعي التعاون مع أجهزة الاستخبارات الغربية، ولكنها تسير على خط رفيع بين المساعدة في الحرب ضد التطرف، وإطلاق العنان لسيل من المطالبات من الدول في أنحاء العالم بحجب النشر.
وقالت مسؤولة التشغيل الرئيسية في «فيسبوك»، شيريل ساندبرغ، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إنه ما إن يتم حذف صفحة لـ«داعش»، حتى ينشأ التنظيم غيرها. وأضافت: «(خطاب الخير) أفضل دواء في مواجهة (خطاب الشر)»، وكانت تستشهد بنموذج لإحدى صفحات النازيين الجدد، قوضتها رسائل التسامح.
في العام الماضي أزال موقع «يوتيوب» 14 مليون فيديو، كما قام «تويتر» بتجميد 10 آلاف حساب لـ«داعش»، وفقا لجوانا شيلدز، وهي نائبة بريطانية مسؤولة عن الأمن الإلكتروني. وقالت شيلدز لمؤتمر في ميونيخ في 17 يناير (كانون الثاني) الحالي إن التنظيم ينتج مواد دعائية بأكثر من 20 لغة، في إطار جهوده لتجنيد عناصر جديدة.
وقالت شيلدز: «هناك دينامية جديدة بالنسبة للتهديد في هذا العصر الرقمي تتطلب ردا جديدا، ففي حين تعمل الضربات الجوية على إضعاف مواقع التنظيم في العراق وسوريا، يخوض (داعش) حربا أخرى لكسب قلوب وعقول الجيل المقبل، ونشر وجهة نظر عالمية مشوهة». وكما تتوسع هذه السطوة الإلكترونية، فكذا يتعين أن يقابلها توسع في جهود عمل أجهزة إنفاذ القانون لمواجهتها، مثلما فعلوا مع تنظيم القاعدة.
وقد أعلنت الولايات المتحدة هذا الشهر تأسيس «قوة مهام مكافحة التطرف العنيف»، وهي مجموعة جديدة ستعمل على تحقيق التكامل للجهود داخل الولايات المتحدة، كما أعلنت تشكيل مجموعة جديدة من أجل التواصل مع الشركاء الدوليين. وقال البيت الأبيض في 8 يناير الحالي إن فريق الرئيس باراك أوباما الأمني اجتمع مع عدد من الشركات التكنولوجية في كاليفورنيا.
تقوم وحدة متخصصة في جهاز شرطة لندن بحذف ألف مادة من المواد ذات المحتوى المتطرف أسبوعيا في المتوسط، في حين شكلت أوروبا فريقا في يونيو (حزيران) الماضي بهدف مكافحة وجود تنظيم داعش على مواقع التواصل الاجتماعي. والمهمة الذي أعلن لأجلها تأسيس هذا الفريق هي إغلاق أي حسابات جديدة ذات صلة بتنظيم داعش في غضون ساعتين من ظهورها على الإنترنت. ويكمن التحدي في تقويض قدرة «داعش» على التجنيد والتحريض على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، جنبا إلى جنب مع الاحتفاظ بمصادر استخباراتية كافية لتقليص قدرة التنظيم على جذب عناصر جديدة، وإحباط الهجمات.
وقال تريستان ريد، محلل أمني في شركة «ستراتفور» الاستشارية التي تقدم تحليلات ذات طابع استراتيجي: «الانتصار في الفضاء الإلكتروني لا يكمن بالضرورة في حجب وجود المتطرفين على الإنترنت». وأوضح أن الفوز يكون باستخدام «الأنشطة الإلكترونية لأغراض الاستخبارات».
وبالعودة إلى الرياض، فقد بدأت وحدة المشوح، المعروفة باسم «السكينة»، عملها في 2003. وتوصلت وحدة «السكينة» إلى مائتين من متشددي «داعش» من دول الخليج، وعملت على صياغة رسائل لاجتذاب كل حساب على «تويتر»، بناء على ما ينشرونه. فيما يخص المتشددين المهتمين بالفتاوى الدينية، طلبت حملة «السكينة» من كبار علماء الدين إصدار فتاوى تفند رسائل «داعش».
وفي حين أن هناك احتمالية للنجاح، فإن هذا الجهد ما زال يستهدف فقط حفنة من المتشددين ذوي الصلة، بحسب المشوح، الذي قال إن المطلوب هو نهج عالمي النطاق. وقال: «الفضاء الإلكتروني روح (داعش)».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.