البرلمان الليبي يرفض حكومة الوفاق الوطني ويعتمد اتفاق «الصخيرات»

68 مليار دولار خسائر نفطية منذ 2013

البرلمان الليبي يرفض حكومة الوفاق الوطني ويعتمد اتفاق «الصخيرات»
TT

البرلمان الليبي يرفض حكومة الوفاق الوطني ويعتمد اتفاق «الصخيرات»

البرلمان الليبي يرفض حكومة الوفاق الوطني ويعتمد اتفاق «الصخيرات»

بعد طول انتظار، أعلن مجلس النواب الليبي أمس رفضه لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، مصوتا ضدها في جلسة علنية عقدها بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق.
ومن بين 104 أعضاء شاركوا في الجلسة التي عقدت بعد طول غياب بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم، صوت 89 عضوا على رفض مقترح حكومة الوفاق الوطني المقدم من مجلسها الرئاسي وطالبوا بإعادة تشكيل حكومة مصغرة مكونة من 17 حقيبة وزارية فقط بدلا من 32 كما هو في حكومة رجل الأعمال الليبي فائز السراج، خلال عشرة أيام. وطلب مجلس النواب من علي القطراني وعمر الأسود، عضوَي المجلس الرئاسي للحكومة الجديدة، إنهاء تعليق عضويتهما في المجلس والعودة لممارسة عملهما فيه مجددا بعد زوال أسباب التعليق.
وألغى المجلس المادة الثامنة في الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه برعاية بعثة الأمم المتحدة نهاية العام الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب بين ممثلين عن البرلمان الحالي والسابق، والمتعلقة بصلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنیة العلیا.
وكان الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في البلاد انتقد هذه المادة في تصريحات علنية قبل يومين، واعتبر أنها تمس بالجيش الذي يواجه الجماعات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا وتمنع إعادة تسليحه مجددا.
ويعني هذا التصويت اعتماد مجلس النواب بشكل ضمني لاتفاق الصخيرات، الذي سبق أن انتقده رئيس المجلس عقيلة صالح، علما بأنه نص على تشكيل مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني بالإضافة إلى مجلس أعلى للدولة الليبية.
ومن المقرر أن يستأنف مجلس النواب جلسته اليوم في طبرق لمناقشة عملية تصحيح لجنة الحوار الممثلة له في مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة.
والتزمت البعثة الأممية الصمت ولم تصدر حتى مساء أمس أي بيان رسمي تعليقا على ما دار في جلسة البرلمان الليبي المعترف به دوليا، لكن رئيس البعثة مارتن كوبلر دعا في المقابل في تصريحات أدلى بها لقناة تلفزيونية موالية للإخوان في طرابلس، إلى إحداث ما وصفه بتوافق عام حول اتفاق الصخيرات، دون أن يحدد الآليات اللازمة لذلك.
وأضاف: «نعم، هناك قرار صادر من مجلس الأمن، الطريقة لوحيدة لاكتساب الشرعية هي عبر الشعب الليبي، هذه توجيهات من مجلس الأمن، وفي النهاية أنا موظف وهم رؤسائي ويجب أن يكون هناك توافق في هذا الصدد». وكشف النقاب عن اعتزامه العودة مجددا إلى العاصمة طرابلس للقاء نوري أبو سهمين رئيس البرلمان غبر المعترف به دوليا. كما لم يصدر أي بيان عن فائز السراج رئيس الحكومة الليبية المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، الذي بدأ أمس زيارة رسمية إلى الجزائر بدعوة من الوزير الأول الجزائري عبد المالك السلال الذي كان في مقدمة مستقبليه.
وقال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي إنه أجرى أمس بمقر الحكومة الجزائرية جولة مباحثات رسمية بين الجانبين بشأن دعم خيار الشعب الليبي في إنهاء حالة الانقسام السياسي والعمل مع حكومة الوفاق الوطني ومحاربة الإرهاب وتأمين الحدود والاستفادة من التجربة الجزائرية في المصالحة الوطنية وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية. وأوضح أنه كان مقررا أن يلتقي في وقت لاحق من مساء أمس مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
من جهتها، قالت الحكومة الجزائرية إن زيارة السراج تندرج في إطار «مواصلة جهود الجزائر لاستكمال الحل السياسي التوافقي بين الليبيين، الوحيد الكفيل بالحفاظ على سيادة هذا البلد الشقيق والجار وسلامته الترابية ووحدة شعبه». وأكدت أن الجزائر ستؤكد بهذه المناسبة «دعمها» لليبيا التي تواجه «تحديات كثيرة، لا سيما تلك المتعلقة بإنشاء مؤسسات جديدة ومكافحة الإرهاب واستتباب السلم والأمن».
وكانت الجزائر رحبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، ودعت الليبيين والأطياف السياسية إلى الالتفاف حولها لمواجهة مختلف التحديات.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الموالية للسلطات غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس إن خمسة ضباط تابعين للقوات الخاصة البريطانية وصلوا على متن طائرة خاصة إلى مطار حقل النافورة النفطي الواقع شمال مدينة جالو قادمين من قاعدة طبرق العسكرية.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني وصول الضباط البريطانيين الخمسة، لافتا إلى أن حقل النافورة التابع لشركة الخليج العربي للنفط كانت تديره شركة «بي بي» البريطانية، وما زال يعمل بالحقل عدد من العمالة البريطانيين.
من جهته، أعلن مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن تراجع إنتاج البلاد من الخام في السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات أضاع إيرادات قدرها 68 مليار دولار.
وقال صنع الله إن الإنتاج تراجع إلى 362 ألف برميل يوميا من 400 ألف برميل يوميا بعد سلسلة هجمات شنها مسلحو تنظيم داعش على أكبر مرافئ النفط الليبية الأسبوع الماضي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم