النظام و«حزب الله» يطوقان مضايا بالأسلاك الشائكة والسواتر.. وتحذير من «مجاعة جديدة»

أهالي البلدة يناشدون إخراج المرضى المهددين بالموت

النظام و«حزب الله» يطوقان مضايا بالأسلاك الشائكة والسواتر.. وتحذير من «مجاعة جديدة»
TT

النظام و«حزب الله» يطوقان مضايا بالأسلاك الشائكة والسواتر.. وتحذير من «مجاعة جديدة»

النظام و«حزب الله» يطوقان مضايا بالأسلاك الشائكة والسواتر.. وتحذير من «مجاعة جديدة»

شدد النظام السوري و«حزب الله» اللبناني من الطوق على بلدة مضايا، ووجها الإنذارات إلى سكانها بضرورة إخلائها، بالتزامن مع تطويقها بشريط شائك من كل الاتجاهات، لمنع أي عملية فرار من البلدة أو إدخال مساعدات إليها.
وأعلن مصدر في مضايا، فضل عدم ذكر اسمه، أن «عناصر القوات النظامية وحزب الله اللبناني طوقوا البلدة بأسلاك شائكة بارتفاع بلغ نحو أربعة أمتار، إضافة إلى سواتر ترابية تراوح ارتفاعها بين ثلاثة وأربعة أمتار، خاصة من الجهة الجنوبية للبلدة وبمحاذاة الطريق المتجه إلى العاصمة دمشق، وذلك منعًا لأية عملية فرار محتملة من البلدة أو محاولة لإدخال المواد الغذائية إليها».
وأعلن الناشط الميداني في مضايا أبو عبد الرحمن، أن «عملية رفع الأسلاك والسواتر الترابية في محيط البلدة بدأت منذ أيام، والهدف منها إحكام الطوق وتضييق الخناق على البلدة وسكانها». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن مضايا باتت «على أبواب مجاعة جديدة بعدما شارفت مساعدات الأمم المتحدة التي وصلت قبل أسبوعين على النفاد». وقال أبو عبد الرحمن: «إن عاصفة الثلج الحالية عمّقت مأساة الناس، الذين يفتقدون إلى مواد التدفئة مثل المازوت والحطب، وهم يلجأون الآن إلى إحراق الأحذية والثياب القديمة والمواد البلاستيكية للتدفئة عليها، رغم مخاطرها الصحية وانبعاثاتها السامة».
وأفادت مصادر مدنية وإعلامية في مضايا، أن «حزب الله اللبناني الذي يحاصر البلدة إلى جانب القوات النظامية، تقدم من جهة المدخل الجنوبي للبلدة وتمركز في أبنية لم يكن يوجد فيها سابقا، ليصبح على مسافة تقل عن 300 متر من ساحة البلدة الرئيسية». وقالت المصادر لـ«مكتب أخبار سوريا» المعارض: «إن القوات النظامية أنذرت خلال اليومين الماضيين سكان المنازل المطلة على الطريق العام الذي يصل بلدة مضايا بمدينة الزبداني والعاصمة دمشق، والممتد من معمل بقين وحتى محطة بترول السعيد، بإخلاء منازلهم خلال الـ48 ساعة القادمة، وذلك استكمالاً لعمليات التهجير التي قامت بها القوات النظامية خلال الأشهر الفائتة، بحق أهالي المناطق الخاضعة لسيطرتها في محيط بلدة مضايا، باتجاه البلدة الحاصرة، تزامنًا مع حرق وتفجير الأبنية المهجورة، وقطع الأشجار في منطقة السهل المتاخمة للبلدة».
وأوضح أبو عبد الرحمن، أن «التقدم المشار إليه، هو من الجهة الجنوبية»، بحيث إن «حزب الله» تقدم نحو خمسين مترًا من الحاجز الرئيسي الذي يسيطر عليه عند المدخل الجنوبي للبلدة. وأشار إلى أن الإنذار لم يوجه إلى السكان المحاصرين في الداخل، إنما إلى سكان الأبنية الواقعة تحت الطريق الرئيسي وفوق الطريق القريب من أتوستراد دمشق الزبداني إلى نهاية مضايا، وهؤلاء في الأصل كانوا تحت سيطرة النظام وحزب الله. وقال أبو عبد الرحمن: «لقد وجّه النظام و(حزب الله) إنذارا حاسمًا إلى هؤلاء السكان لضرورة إخلاء منازلهم خلال 48 ساعة، وخيروهم بين الذهاب إلى لبنان أو إلى دمشق، لكن مسألة إخلاء المنازل إلزامية وليست اختيارية»، متهمًا النظام والحزب بـ«السعي إلى احتلال هذه المنازل في عملية قضم وتطهير متدرجة لمناطق الريف الغربي لدمشق».
وفي سياق متصل، ناشدت فعاليات مدنية وإعلامية من البلدة على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، جميع الهيئات المحلية والعالمية «العمل على إخراج المرضى من ذوي الحالات الحرجة المهددين بالموت، لتلقي العلاج اللازم لهم». وأشاروا إلى أن «سيدة تجاوزت الستين من عمرها لا تزال في غيبوبة منذ يومين بسبب الجوع وسوء الحالة الصحية، كما يعاني رجل عجوز من انتفاخ وجفاف حاد في جسمه بسبب تناوله لأوراق الشجر».
وقال معارضون إن عدد المتوفين في بلدة مضايا بسبب الجوع ونقص التغذية خلال الأسبوعين الفائتين بلغ ثمانية أشخاص، على الرغم من دخول أطباء الهلال الأحمر السوري وتوزيع السلال الإغاثية التي أدخلتها الأمم المتحدة إلى البلدة خلال تلك الفترة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.