المعارضة السورية ترفض «ضغوطات كيري» وتتمسك بشروطها للتفاوض مع النظام

ستيفان دي ميستورا: المحادثات السورية تبدأ في 29 يناير لثلاثة أسابيع وتستمر 6 أشهر

المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في طريقه إلى المؤتمر الصحافي في جنيف ظهر أمس (أ. ف. ب)
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في طريقه إلى المؤتمر الصحافي في جنيف ظهر أمس (أ. ف. ب)
TT

المعارضة السورية ترفض «ضغوطات كيري» وتتمسك بشروطها للتفاوض مع النظام

المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في طريقه إلى المؤتمر الصحافي في جنيف ظهر أمس (أ. ف. ب)
المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في طريقه إلى المؤتمر الصحافي في جنيف ظهر أمس (أ. ف. ب)

أبلغ مسؤول دبلوماسي بالأمم المتحدة «الشرق الأوسط»، أمس، أن المعارضة السورية «أرسلت قائمة تشمل 15 شخصًا إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا»، مشيرة إلى أن هذه القائمة «تمثل وفد المعارضة السورية إلى مباحثات (جنيف3)»، المزمع عقدها يوم الجمعة المقبل، بحسب ما أعلن دي ميستورا أمس.
وتزامن ذلك، مع تأكيد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه «من الأفضل الإعداد الجيد للمحادثات لتجنب انهيارها في اليوم الأول». وقال على هامش زيارته إلى لاوس وكمبوديا: «ما نحاول القيام به هو التأكد من أنه عند بدء المحادثات يكون لدى الجميع وضوح حول ما يحدث حتى لا يتم الذهاب (إلى المحادثات في جنيف) وننتهي بالفشل».
وأكد كيري دعم الولايات المتحدة للمعارضة السورية بعد تصريحات أشار فيها مسؤولو المعارضة إلى أنهم يتعرضون لضغوط بشأن المحادثات. وقال كيري: «موقف الولايات المتحدة لا يزال كما هو لم يتغير، وما زلنا ندعم المعارضة سياسيا وماليًا وعسكريًا، وكما قلت مرارا إن للسوريين حق تقرير مستقبل بلادهم وتحديد مصير الأسد».
وانعكست تصريحات كيري على مواقف المعارضة السورية، خصوصًا في ما يتعلق بـ«حتمية ذهاب وفد المعارضة المفاوض إلى جنيف خلال هذين اليومين، قبل تنفيذ شروطها الأربعة»؛ إذ أكد سفير الائتلاف في باريس وعضو الوفد المفاوض إلى «جنيف3» منذر ماخوس لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارضة «لن ترضخ لضغوطات كيري»، مشيرًا إلى أن اجتماعها في الرياض اليوم «سيحدد مصير الموقف من (جنيف3)».
وأكد ماخوس أن المعارضة السورية «ترفض ضغوطات وقرار كيري بقطع الدعم عنها، جملة وتفصيلا»، لافتا إلى أن المعارضة «على قلب رجل واحد»، مبيّنًا أنها «تعتزم بلورة موقفها من عدة إشكاليات وتحديات تواجهها في اجتماع اليوم، من بينها ربط كيري الدعم الأميركي بالذهاب إلى (جنيف3)».
وقال ماخوس في اتصال هاتفي، قبيل مغادرته باريس في طريقه للمشاركة في اجتماع الرياض، إن «المعارضة السورية بكل مكوناتها، ترفض بشدة الضغوطات التي يمارسها جون كيري وزير الخارجية الأميركي، ولن ترضخ لتهديده بقطع الدعم عن المعارضة ما لم تستجب لقراره بدفعها نحو المفاوضات في جنيف»، مشيرا إلى أن قرار كيري، «نتاج ضغوط روسية – إيرانية، تبنتها الأمم المتحدة».
ولفت عضو الوفد المشارك في «جنيف3» إلى أن اجتماع المعارضة السورية في الرياض اليوم، «سيسعى إلى البتّ في عدد من القضايا والإشكاليات التي نواجهها، وكل ما له صلة بإجراءات بناء الثقة، من أجل تهيئة بيئة مناسبة للوصول إلى حل سياسي، وهي مسألة فتح الممرات الإنسانية، ورفع الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، ووقف إلقاء البراميل المتفجرة الثقيلة، وإطلاق المساجين والمعتقلين في سجون النظام.
وأوضح أن تنفيذ الشروط الأربعة «هي جواز سفر وفد المعارضة إلى جنيف»، مشيرًا إلى أن حلفاء النظام السوري، «يعتبرونها شروطًا مسبقة، بينما المعارضة تعتبرها شروطًا أساسية لإطلاق أي عملية للتفاوض»، لافتًا إلى أن تحقيقها قبل العملية التفاوضية، «ضرورة ملّحة تحتمها الظروف السيئة التي يعيشها الشعب السوري في المناطق المحاصرة والمستهدفة بقصف الحلفاء والنظام».
وقال سفير الائتلاف السوري في باريس: «حلفاء النظام السوري، يريدون مناقشة بدء المفاوضات وليس تنفيذ ما يسبق هذه المفاوضات، وهذا ما توصلوا له مع النظام، وهذا التوجه يمثل إشكالية حقيقية بالنسبة لنا لا بد من اتخاذ موقف قوي وصارم تجاهها».
ووفق ماخوس، ينظر الاجتماع في الرياض اليوم إلى أن «مؤتمر جنيف يفترض أن يؤسس للهدف الرئيسي، وهو عملية الانتقال السياسي عبر آلية وتصريح (جنيف1) الذي يتحدث عن هيئة حكم انتقالي يتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية»، في مقابل النظام وحلفائه الذين يتحدثون عن حكومة وحدة وطنية، في وقت ترفض فيه المعارضة هذا التوجه، الذي عدّه نتاج المقاربة الإيرانية والروسية.
وما يؤسف له، وفق ماخوس، أن المقاربة الأميركية أصبحت أقرب إلى ذلك من أي وقت مضى، و«ليست مقبولة لدى المعارضة السورية، وتمثل بالنسبة لها عقبة»، متوقعا أن يبحث اجتماع اليوم كل هذه الإشكاليات، بغية القدرة على بلورة موقف محدد، يحدد موقف المعارضة منها عامة، ومن ربط كيري الدعم الأميركي لها بالذهاب من عدمه إلى جنيف.
وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، أعرب للصحافيين المرافقين له خلال زيارته إلى فينتيان في لاوس، أمس، عن أمله في أن تصبح الأمور واضحة خلال يوم أو يومين في ما يتعلق بمحادثات السلام حول سوريا المرتقبة هذا الأسبوع في جنيف.
وأكد ماخوس أن حديث كيري بأن أمله في أن تتضح صورة محادثات السلام السورية خلال يوم أو يومين، «تعتبر صورة من الضغوط التي تعتمد نتائجها على مدى التحقق من بناء الثقة التي تفضي إلى إطلاق العملية السياسية والتفاوض، وشرح المواقف المحورية من مؤتمر جنيف، والذي يحتم الانتقال السياسي والذي له هناك مقاربة أخرى».
وقال: «هناك أمور وأهداف أخرى تتعلق بأجندة الاجتماع؛ من بينها المحافظة على هيكلة الدولة، بشرط أن تعاد صياغة الاحتفاظ بالأمن والجيش، في حين أن الوثائق التي أعدها دي ميستورا فقيرة، وليست فيها أي إشارة إلى إعادة هيكلة الجيش والأمن، وهذا نعتبره قضية أساسية وليست استمرارية بشكل ترقيعي يحتفظ به نظام الأسد».
وكان دي ميستورا أعلن بدء محادثات السلام السورية في جنيف في 29 يناير (كانون الثاني) الحالي، مشيرا إلى أن إرسال الدعوات إلى الأطراف المشاركة سيكون بدءا من اليوم الثلاثاء.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي عقده في جنيف ظهر أمس الاثنين، إن المحادثات ستركز على وقف إطلاق النار، ووقف تنظيم «داعش»، وإدخال المساعدات الإنسانية، مشددا على أن الأطراف المشاركة «يجب أن تأتي إلى المحادثات دون شروط مسبقة». وأضاف: «سنجري محادثات غير مباشرة، إلى أن نصل إلى محادثات مباشرة، والمبدأ الأساسي لدينا أنه لا شروط مسبقة».
ولفت دي ميستورا إلى أن المحادثات «تأجلت بسبب الرؤى المتباينة حول الدعوات، وهي مشكلة مستمرة، ولا تزال المحادثات مستمرة بين مختلف العواصم في المنطقة وبين واشنطن وموسكو»، مشيرا إلى مواصلة «وضع اللمسات الأخيرة حول قائمة المشاركين، خصوصًا في ما يتعلق بتوضيح جماعات المعارضة وتوضيح الجماعات الإرهابية».
وأشار المبعوث الأممي إلى أن المحادثات يوم الجمعة المقبل ستبدأ «بمن يحضر» إلى جنيف، مشيرا إلى احتمالات مواجهة بعض المشاركين عقبات لوجيستية تتعلق بتأشيرات الدخول أو عدم القدرة على المشاركة. وأوضح أنه لن يكون هناك افتتاح رسمي للمحادثات، مع مرونة كاملة حول الاجتماعات التي يعقدها دي ميستورا مع الأطراف المشاركة. وقال: «لن أدخل في تفاصيل اللقاءات وكيف سننظمها، ولدي المرونة حول متى ومن سأقابل».
وقال: «قرار مجلس الأمن (2254) يحدد تكليفي بمهمة اختيار المشاركين، ووفقا للقرار نفسه، فسيتم أيضا دعوة النساء والمجتمع المدني، وستكون الأولوية في أجندة المحادثات هي وقف إطلاق النار، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، إضافة لتشكيل حكومة انتقالية، ومناقشة وضع الدستور، وإجراء انتخابات جديدة».
ورفض المبعوث الأممي تسمية المحادثات بـ«جنيف3»، مشيرا إلى أنه يحاول تجنب تكرار فشل «جنيف2»، والبدء في طريق سليم، ورفض التعليق حول تأكيدات المشاركة أو إعلان المقاطعة، وقال: «سنركز على بدء المحادثات في الوقت المحدد».
وأشار دي ميستورا إلى أن من العقبات التي تعوق الحل في الأزمة السورية، فقدان الثقة، وفقدان الإرادة السياسية، مشددا على أنه لا يوجد حل عسكري داخل سوريا، و«إنما حل سياسي فقط». وأوضح أن وقف إطلاق النار الذي تسعى المحادثات لتحقيقه، سيشمل كل أعمال القتال باستثناء القتال ضد «داعش» و«جبهة النصرة» وقال: «وقف إطلاق النار سيكون شاملا لكل الأطراف لوقف القتال، باستثناء القتال ضد (داعش) و(النصرة)».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.