«الحر» يؤكد مشاركة قوات المشاة الروسية في السيطرة على ربيعة

انتحاري من «داعش» يستهدف موقعًا لـ«أحرار الشام».. وصاروخ باليستي على اجتماع مصالحة لها مع «النصرة»

سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفته غارة للطائرات الروسية على بلدة تورمانين في إدلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفته غارة للطائرات الروسية على بلدة تورمانين في إدلب أمس (رويترز)
TT

«الحر» يؤكد مشاركة قوات المشاة الروسية في السيطرة على ربيعة

سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفته غارة للطائرات الروسية على بلدة تورمانين في إدلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون آثار الدمار الذي خلفته غارة للطائرات الروسية على بلدة تورمانين في إدلب أمس (رويترز)

أحكمت القوات الموالية للنظام السوري سيطرتها على بلدة الربيعة في محافظة اللاذقية، التي كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة السورية، معززة بذلك تقدمها في منطقة الساحل، قبل انطلاق محادثات السلام المفترض أن تبدأ هذا الأسبوع في جنيف بين النظام والمعارضة. في وقت أكد فيه الجيش السوري الحرّ أن «قوات المشاة الروسية هي التي قادت معركة السيطرة على بلدة الربيعة، بدعم جوي كثيف واعتماد سياسة الأرض المحروقة». وأكد أن «الثوار انسحبوا إلى نقاط خلفية وبدأوا قتالهم من ضمن حرب العصابات وعمليات الكرّ والفرّ».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «استعادة النظام بلدة الربيعة في محافظة اللاذقية، مهدت الطريق أمام تقدمه حتى الحدود مع تركيا»، واصفًا الربيعة بأنها «ثاني أهم قاعدة لمقاتلي المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي، بعد بلدة سلمى التي سيطرت عليها القوات النظامية هذا الشهر، وتعدّ أحد أهم أبرز النجاحات منذ أن تدخلت روسيا في الصراع السوري».
هذا التطور رأت فيه المعارضة المسلّحة نتيجة طبيعية للتدخل الروسي القوي في المنطقة، وفق القيادي في الجيش الحرّ العقيد عبد الجبار العكيدي، الذي أكد أن «السيطرة على بلدة الربيعة جاءت بعد معركة شرسة قادها مقاتلون روس على الأرض بغطاء جوي كثيف للطيران الروسي».
وأوضح العكيدي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الروس يستخدمون الآن سياسة الأرض المحروقة، مما اضطر مقاتلي المعارضة إلى الانسحاب إلى نقاط خلفية أخرى، لكنهم لم يخلوا المنطقة بشكل نهائي، فهناك قوات من الثوار توجد في كثير من النقاط». وقال: «نحن الثوار ليست لدينا ثكنات ولا مواقع ثابتة، ولا نقاتل من ضمن جبهات عسكرية، بل نعتمد على عمليات كرّ وفرّ، وعبر تكتيك حرب العصابات، والسبب هو عدم وجود توازن قوى على الأرض».
وعمّا إذا كان لإقفال الحدود مع تركيا في هذه النقطة الجغرافية تأثير على طرق إمداد المعارضة، لفت القيادي في الجيش الحرّ إلى أن «الأتراك وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، لم يفتحوا حدودهم لدخول وخروج الثوار أو إمدادهم بالأسلحة والذخيرة»، مشيرًا إلى أن «الدعم التركي كان من خلال مجموعة أصدقاء الشعب السوري فقط».
وفي وقت لم يخف فيه التداعيات السلبية للسيطرة على بلدتي سلمى والربيعة، وارتداداتها على جبهة جسر الشغور، قال العكيدي: «نحن نعرف أن الروس يسعون لرسم حدود الدولة العلوية في الساحل السوري»، لكنه طمأن إلى أن «جبهة جسر الشغور عريضة ومتماسكة، وفيها مقاتلون أشداء، ولن يمكن النظام والروس من السيطرة عليها».
ميدانيًا أيضًا، قتل عدد من المدنيين وأصيب آخرون، بقصف للطيران الروسي على مدينة الباب ومحيطها الخاضعة لسيطرة «داعش» بريف حلب الشرقي، بحسب «مكتب أخبار سوريا» المعارض الذي أكد أن «ما لا يقل عن 19 شخصًا لقوا مصرعهم، وأصيب أكثر من ثلاثين آخرين بجروح، بغارات شنها الطيران الروسي بالصواريخ العنقودية والفراغية». وأوضح أن «معظم الضحايا سقطوا في القصف الذي استهدف موقفا للباصات وسط المدينة، مما أدى إلى احتراق عدد من السيارات ومصرع من كانوا بداخلها»، مشيرا إلى أن «عددا من الجثث لا تزال مجهولة الهوية نتيجة تفحمها وتشوهها بشكل كامل، فيما تم نقل المصابين إلى المشافي الميدانية في المدينة».
في هذا الوقت، أفاد ناشطون بأن «قوات النظام والميليشيات الموالية لها حققت تقدمًا على حساب تنظيم داعش، خلال اليومين الماضيين، بالقرب من مدينة الباب شرق حلب، وأصبحت على بُعد كيلومترات معدودة من معقل التنظيم، بعد معارك عنيفة شهدتها بلدتا حطابات والقطر والتلال المحيطة بهما إلى الشمال الغربي من مطار كويرس العسكري».
ويسعى النظام من خلال عملياته العسكرية المستمرة في الشمال والغرب من كويرس، للوصول إلى مدينة الباب باعتباره هدفا رئيسيا، ومحاصرة التنظيم الذي يسيطر على المحطة الحرارية في الغرب التي تعد مورد طاقة مهما يغذي مناطق حلب بالطاقة الكهربائية، وبالتحديد مناطق سيطرة النظام في الأحياء الغربية.
إلى ذلك، فجر انتحاري يقود شاحنة صهريج مفخخة نفسه عند نقطة تفتيش تديرها حركة «أحرار الشام» الإسلامية في حي السكري داخل مدينة حلب، مما أسفر عن مقتل سبعة من أعضائها. ورجّح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن يكون «أربعة من قادة الحركة بين القتلى». وأضاف أن «الهجوم دمر ثلاثة مبانٍ وأصاب العشرات بجروح وحاصر كثيرين تحت الأنقاض».
إلى ذلك، قتل 16 شخصا بينهم 11 مقاتلاً من جبهة النصرة وفصائل إسلامية أخرى، جراء سقوط صاروخ باليستي على مقر تستخدمه الجبهة محكمة في مدينة سلقين في ريف إدلب الشمالي الغربي، ولم يتضح ما إذا كانت قوات النظام السوري أم قوات روسية هي من أطلقت الصاروخ، بينما تزامن سقوط الصاروخ مع تحليق لطائرات حربية.
وأعلنت وكالة الصحافة الفرنسية، أن الصاروخ «استهدف مقر المحكمة فور انتهاء اجتماع مصالحة بين جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية، إثر توتر شهدته المدينة بين الطرفين، على خلفية مداهمة الجبهة أحد مقار الحركة وتبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتل أحد عناصر جبهة النصرة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.