قطاع الأعمال السعودي: زيارة ولي العهد ستفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين في البلدين

الجريسي يتوقع حسم كل القضايا التي تهم الطرفين خلالها

جانب من احتفال مجلس الأعمال السعودي ــ الصيني بالذكرى العاشرة («الشرق الأوسط»)
جانب من احتفال مجلس الأعمال السعودي ــ الصيني بالذكرى العاشرة («الشرق الأوسط»)
TT

قطاع الأعمال السعودي: زيارة ولي العهد ستفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين في البلدين

جانب من احتفال مجلس الأعمال السعودي ــ الصيني بالذكرى العاشرة («الشرق الأوسط»)
جانب من احتفال مجلس الأعمال السعودي ــ الصيني بالذكرى العاشرة («الشرق الأوسط»)

يرى قطاع الأعمال السعودي أن زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إلى الصين، ستفتح الأبواب بقوة أمام المستثمر السعودي للدخول إلى السوق الصينية، متوقعا طرح مزيد من التسهيلات وتخفيف الإجراءات المتعلقة بها.
وتوقع رجال أعمال بارزون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يقفز حجم التبادل التجاري خلال الأعوام الخمسة المقبلة إلى أكثر من 120 مليار دولار بنسبة نمو لا تقل عن 20 في المائة، مشيرين إلى أن الرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتمتين العلاقات بين البلدين، قفزت بالمعاملات من الصفر عام 1968 إلى أكثر من 76 مليار دولار في 2014.

ويأتي ذلك في ظل تقدير مفاده أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يتراوح بين 73 و76 مليار دولار، بينما يقدر حجم الاستثمار السعودي في الصين بأكثر من عشرة مليارات دولار، فيما يبلغ حجم الاستثمار الصيني بالسعودية أكثر من 60 مليار دولار.

وفي هذا السياق، قال عبد الرحمن الجريسي، رئيس مجلس الأعمال السعودي - الصيني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، لها مدلولات كبيرة جدا.

وأوضح الجريسي أن خصوصية وأهمية هذه الزيارة تكمن في أنها تتعلق ببلدين لهما موقعان مرموقان ومهمان على مستوى العالم، مبينا أن الصين أصبحت الآن في موقع قوي جدا في الاقتصاد وفي الصناعة والسياسة والعلاقات الإنسانية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن للسعودية موقعا متميزا حيث أصبحت أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط.

وقال الجريسي: «كل دول العالم تنظر إلى السعودية على أنها شريك استراتيجي مهم»، مبينا أن «الصين، وتحديدا منذ نحو 35 عاما، لم يكن بينها وبين المملكة علاقات مباشرة ولا علاقات استيراد ولا تصدير ولو بقيمة دولار واحد، ثم قفزت لتكون من أكبر الشركاء الرئيسين، علما بأن الصين مضت في تنام متصاعد حتى غدت من الدول التي يشار إليها بالبنان على مستوى العالم».

وأوضح رئيس مجلس الأعمال السعودي - الصيني، أن المبادلات التجارية والاقتصادية بين البلدين تجاوزت 76 مليار دولار، خلال الفترة الماضية، «مما يؤكد أن زيارة ولي العهد السعودي للصين جاءت في وقتها المناسب، إلى جانب قناعة البلدين بأهميتها، وتطلعهما لها»، متوقعا نجاحها بكل المقاييس.

وحول مواضيع المباحثات المتوقعة، يعتقد الجريسي أن لكل جانب ما يريد مناقشته وبحثه تجاه الآخر فيما يتعلق بتعزيز وتأطير كل العلاقات بين البلدين، مبينا أن ما يعني قطاع الأعمال بشكل خاص هو موضوعات الاستيراد والتصدير، والمبادلات الاستثمارية، في وقت أصبحت فيه السعودية محط أنظار العالم على كل الصعد، متوقعا حسم كل القضايا التي تهم الطرفين في هذه الزيارة، وإبرام اتفاقيات لصالح الطرفين.

وعلى صعيد مجلس الأعمال السعودي - الصيني، أكد الجريسي أن المجلس وجمعية الصداقة السعودية - الصينية، لعبا دوار رائدا في ربط العلاقات وتحقيق الأهداف التي تخدم الشريكين، في وقت بدأ فيه المجلس ولم تكن التعاملات بينهما صفرا، وجذب استثمارات ضخمة للسوقين، مشيرا إلى أن الصين هي الشريك المهم جدا للمملكة على مستوى العالم.

وتنشط الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، وفق الجريسي، برؤوس أموال كبيرة وفي قطاعات متنوعة ومهمة جدا للاقتصادين. وقال إن المجلس حفز عملية زيادة حجم الصادرات والواردات، وبالتالي، «فإن المجلس يعد من أنجح مجالس الأعمال نظرا لأنه حقق كل الأهداف المرجوة».

وفيما يتعلق بأهم الاستثمارات أو الشركات العاملة في السعودية، أوضح الجريسي، أنه توجد شركات صينية في قطاع المقاولات وفي مجال التقنية والاستيراد والتصدير وفي الصناعات وقطاعات أخرى.

ويعتقد الجريسي، الذي يشغل أيضا منصبي رئيس جمعية الصداقة الشعبية والسفير الشعبي للصين لدى الأمم والشعوب، أن «مهمة هاتين الهيئتين، هي تلبية وتنفيذ توجهات وتوجيهات القيادتين في البلدين؛ خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، وسمو النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز، بما يحقق رؤية الملك عبد الله، الذي تبنى فكرة الذهاب إلى الصين من أجل تفعيل الإمكانات المتاحة».

وزاد الجريسي: «قال لنا خادم الحرمين الشريفين، اذهبوا إلى الصين، فإنها سوف تكون في يوم من الأيام شريكا مهما جدا للمملكة. وذلك عندما ذهبنا للصين لأول مرة في عام 1968، أي قبل أكثر من 40 عاما، حيث كان لي شرف اللقاء آنذاك مع الرئيس الصيني هوجن هاو، ورئيس الوزراء، اللذين أكدا أن الصين تنظر للسعودية على أنها أهم شريك وستكون كذلك على مستوى غرب آسيا».

وزاد قائلا: «هذا الذي حدث بالفعل، وأصبحت الصين الشريك المهم للسعودية والعكس صحيح. هذا تحقق بفضل توجيه القيادة السعودية والجهود التي بذلها مجلس الأعمال السعودي - الصيني وجمعية الصداقة السعودية - الصينية، مما يدل على عمق الرؤية لدى الملك عبد الله».

وعزا الجريسي التصاعد المستمر لمستوى العلاقة بين البلدين إلى «التشابه في عدد من محاور الالتقاء، تأتي في مقدمتها قوة البلدين من حيث الاقتصاد، ولذلك فالسعودية، تمثل لها أهم دولة على امتداد منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تنظر المملكة للصين على أنها دولة ذات أهمية قصوى لأكثر من اعتبار، حيث تعد الدولة الثانية على مستوى العالم».

من ناحيته، قال عبد الله المليحي، عضو مجلس الغرف السعودية في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقات الصينية التاريخية والاقتصادية بدأت منذ فترة ليست بالطويلة، ولكنها حققت قفزات كبيرة خاصة بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عندما كان وليا للعهد، وهي من الزيارات المهمة في بداية الألفية الثانية».

ولفت إلى أن تلك الزيارة أثمرت تعزيز العلاقات وزيادة التبادلات في ظل دعم كبير من قبل الحكومتين بالنظر للمجال الاقتصادي بالنسبة للمملكة، وبالتالي تسهيل دخول الشركات السعودية للسوق الصينية. وأشار إلى أنه كانت هناك استثمارات سعودية من بينها استثمارات لشركتي «أرامكو» و«سابك» في الأسواق الصينية، كما كان هناك تعاون بين الصين والمملكة في مجالات كبرى، منها مجال المقاولات التي دخلت في مشاريع أساسية وشكلت البنية التحتية لها، منها قطار «رأس الخير»، وهو في رأي المليحي، أكبر ميناء لتصدير المعادن في المملكة، ويعد مشروعا عملاقا يمتد على 4000 كيلومتر، من شرق السعودية إلى غربها ونفذته شركات صينية.

وأشار المليحي إلى أن هناك مشاريع صينية أخرى في مجالات أخرى متنوعة، منها ما يتعلق بصناعات البتروكيماويات، وبدأت في الهيئة الملكية للجبيل، ودخلت في تنفيذ مشروعات أخرى منها الطرق والبنى التحتية في عدد من مدن المملكة؛ منها الرياض وجدة والمنطقة الشرقية، كما أن هناك وجودا للشركات الصينية في مناطق أخرى بالمملكة بشكل كبير.

ويطمح المليحي إلى أن تثمر زيارة ولي العهد السعودي مزيدا من الاستثمارات المشتركة، مشيرا إلى أن هناك شركات عالمية تنظر إلى صناعة السيارات في المملكة لسد حاجة السوق السعودية من السيارات، مشددا على تطلع قطاع الأعمال إلى دخول مزيد من الشركات الصينية في مجالات الصناعات المختلفة الجديدة، ومبينا أن التكنولوجيا الصينية تعد الأقل تكلفة مقارنة بالأميركية والأوروبية.

وعدّ المليحي أن زيارة ولي العهد السعودي جاءت في توقيت مهم لتدعيم العلاقات بين البلدين، فضلا عن أنها تمثل فرصة لدعوة الشركات للدخول إلى السوق السعودية، مبينا أن رجال الأعمال يتطلعون لأن تكون هناك مزايا خاصة بحماية الاستثمار لدى المستثمر السعودي في الصين، وكذلك تطلعات تتعلق بضرورة الالتزام بمواصفات ومقاييس للمنتجات الصينية المصدرة للمملكة، مشيرا إلى أن الجهات الحكومية المعنية بذلت جهدا كبيرا في هذا الصدد. وقال المليحي: «إننا نتطلع لأن يضطلع مجلس الأعمال المشترك بمسألة اعتماد معايير الجودة في المنتجات الصينية المصدرة للملكة، بحيث يمنع دخول المنتجات الرديئة لأسواق المملكة لأنها تسبب إشكالات عدة في أكثر من قطاع خاصة مجال الكهرباء». وأضاف: «لمسنا رغبة أكيدة لدى الجانب الصيني لتلبية ذلك، كما نرجو من المستثمر السعودي ألا ينظر فقط لانخفاض السعر وإنما عليه النظر أيضا لأهمية جودة المنتج لأن هناك منتجات صينية بجودة عالية تصدر لأميركا وأوروبا، بينما الموجود منها في السعودية أغلبه رديء».

ولفت إلى أنه «في دبي بدأت حملة في هذا الصدد ونجحت، ولا يوجد منتج غير مطابق لمواصفات الجودة العالية»، مبينا أن وزارة التجارة والصناعة في السعودية تعمل على تحقيق ذلك، ومؤكدا تطلع مجلس الغرف لأن يؤخذ ذلك في عين الاعتبار، حتى لا تتسبب هذه المنتجات في الإضرار بالاقتصاد السعودي.

وحول أهم الموضوعات التي يمكن أن تناقش وتبحث بين البلدين على أثر زيارة الأمير سلمان للصين، يعتقد قطاع الأعمال السعودي أن أهمها يتلخص في وضع آلية للدفع بقوة التبادل التجاري بين البلدين، و«هذا ما نلمسه وما نتوقعه، فضلا عن الموضوعات السياسية كون الصين تمثل دولة عظمي ولها مقعد دائم في مجلس الأمن، وبالتالي لها صوت مسموع، مما يكسبها أهمية على مسار العلاقات السياسية مع السعودية التي لها دور محوري تلعبه في الساحة الإقليمية والدولية».

ومن أبرز المشروعات الصينية القائمة الآن في السعودية وفق رجال الأعمال السعوديين، هناك الاستثمار في مجال الإسمنت، كما أن هناك استثمارات مشتركة مع «سابك» التي ستفتتح مركزا لها في الصين، إلى جانب مشروعات أخرى كثيرة مع شركات صينية دخلت السوق السعودية.

وأشار المليحي إلى أنه من بين الاستثمارات السعودية الموجودة في الصين صناعة النسيج، حيث يعد «العجلان وإخوانه» من أكبر المستثمرين في الشماغ والغتر والملابس الجاهزة.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)