موسكو تفرض لائحتها التفاوضية إلى جنيف بـ«مستشارين».. وواشنطن تسحب ضماناتها

المتحدث باسم المعارضة السورية: كيري طلب منا خوض الانتخابات مع الأسد

عناصر من الجيش السوري الحر تخوص معارك بالسلاح الثقيل منذ أيام في مواجهة «داعش» في قرية البل وتلة براغيدة بريف حلب (غيتي)
عناصر من الجيش السوري الحر تخوص معارك بالسلاح الثقيل منذ أيام في مواجهة «داعش» في قرية البل وتلة براغيدة بريف حلب (غيتي)
TT

موسكو تفرض لائحتها التفاوضية إلى جنيف بـ«مستشارين».. وواشنطن تسحب ضماناتها

عناصر من الجيش السوري الحر تخوص معارك بالسلاح الثقيل منذ أيام في مواجهة «داعش» في قرية البل وتلة براغيدة بريف حلب (غيتي)
عناصر من الجيش السوري الحر تخوص معارك بالسلاح الثقيل منذ أيام في مواجهة «داعش» في قرية البل وتلة براغيدة بريف حلب (غيتي)

لا تشير المعطيات والوقائع السياسية والعسكرية التي تسبق مفاوضات جنيف السورية المرتقبة في نهاية هذا الشهر، والتي انتقلت من الخلافات على الوفود المشاركة إلى غياب الضمانات والأسس التي يفترض أن تبنى عليها، إلى إمكانية التوصّل إلى أي حل قد ينهي الأزمة السورية. وهو الأمر الذي توصلت إليه المعارضة ولا سيما الهيئة العليا التفاوضية بعد لقائها في الرياض بوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي لم يقدّم ضمانات لأي حلّ سياسي، بل على العكس من ذلك وصل إلى درجة طرح تشكيل حكومة موسعة ومن ثم دعوتها إلى خوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما كشفه المتحدث الرسمي باسم الهيئة، رياض نعسان آغا لـ«الشرق الأوسط». بينما قال الدكتور خالد خوجة، رئيس الائتلاف السوري، إن مباحثات كيري مع الهيئة العليا للتفاوض لم تأت بجديد، مشيرا إلى أنها «مجرد رسالة بصياغة إيرانية روسية».
وقال كبير المفاوضين بوفد المعارضة السورية، أمس، إنه يتعرض لضغط من جانب وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحضور محادثات السلام المزمعة في جنيف هذا الأسبوع للتفاوض على مطالب المعارضة.
وقال المفاوض محمد علوش إنه سيكون هناك رد قوي على الضغط الأميركي، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. ويبدو أن روسيا نجحت بالضغط لإشراك وفد ثالث في المفاوضات من خلال إيجاد «مخرج» لإرضاء كل الأطراف، إنما بصفة «مستشارين» للمبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، بحسب ما أبلغ كيري الهيئة العليا أمس، وفق آغا. وفي هذا الإطار، أكّد قدري جميل: «إن اللائحة المكونة من 15 أسما كانت قد وضعت وسلمت الأسبوع الماضي لدي ميستورا بينهم، إضافة إلى اسمه، صالح مسلم (رئيس الحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) وهيثم مناع، ومازن مغربية ورندة قسيس. وقال لـ«الشرق الأوسط» «من المتوقع أن نتبلغ باعتماد هذه اللائحة يوم غد (اليوم)، كوفد مفاوض بعدما علمنا أن التأشيرات إلى جنيف باتت جاهزة، مع إصرارنا أن يكون لدينا نفس الصلاحيات لوفد المعارضة»، نافيا علمه بإمكانية أن تكون المشاركة بصفة مستشارين. وعن إمكانية رفض الهيئة العليا التفاوضية المشاركة في جنيف، قال جميل: «من سيرفض المشاركة في المفاوضات ذنبه على جنبه وهو سيكون الخاسر».
كذلك، أكد مصدر سياسي في «تجمع سوريا الديمقراطية» لـ«وكالة الأنباء الألمانية» أن «وفدا ثالثا تشكل من المعارضة للذهاب إلى مفاوضات جنيف 3 خلال الأيام القليلة المقبلة».
في المقابل، قال رياض نعسان آغا، لـ«الشرق الأوسط» «لم يطرح علينا لائحة ثالثة وما تبلغنا به من كيري هو تعيين دي ميستورا لمستشارين من المجتمع المدني، وهو الأمر الذي ربما سيكون مخرجا لإرضاء كل الأطراف».
وأكّد آغا «المشكلة اليوم لم تعد متعلقة بالأسماء بقدر ما باتت مرتبطة بالأسس التي يفترض أن تبنى عليها المفاوضات، والتي يمكن وصفها لغاية الآن بـ(غير المشجعة ولا تملك مقومات النجاح)، وذلك انطلاقا مما سمعناه من كيري يوم أول من أمس». وأوضح: «لم نجد لدى وزير الخارجية الأميركي أي ضمانات وشعرنا أنه ليست هناك أي مرجعية لمفاوضات جنيف وليس هناك من جدار إسنادي لنا لإنجاحها»، مضيفا: «عندما يطرح علينا المشاركة في حكومة موسعة ومن ثم خوض الانتخابات في مواجهة الأسد ليصل بعدها الفائز إلى السلطة، فذلك يعني أن أميركا قرّرت التخلي عن قضيتنا التي يبدو أنها ستبقى جرحا نازفا ولن نصل إلى نتيجة». وتساءل: «إذا لم تكن هناك إرادة دولية لإنهاء القضية السورية، لماذا عقد مؤتمر الرياض وشكلت الهيئة العليا التفاوضية؟».
وفيما لم تصل الدعوات لغاية الآن إلى المشاركين في المفاوضات التي من المرّجح أن تؤجل إلى نهاية هذا الأسبوع، أشار نعسان آغا، إلى أنه سيعقد اجتماعا للهيئة العليا التفاوضية خلال اليومين المقبلين لدراسة الأمر بناء على كل المعطيات التي أصبحت لدينا لنتخذ القرار بشأن المشاركة من عدمها. وأكّد: «متمسكون ببيان جنيف وبالانتقال السياسي للسلطة وسنتخذ قرارنا بناء على طبيعة الدعوة التي سترسل إلينا».
وخلال زيارة إلى السعودية السبت، بحث كيري مع نظيره السعودي عادل الجبير مسألة المحادثات من دون أن يحدد موعدا لها، إلا أنه أعلن أن مجموعة دعم سوريا المؤلفة من 17 دولة ستجتمع «على الفور بعد انتهاء الجولة الأولى» من المفاوضات.
إلى ذلك، قال د. خالد خوجة، رئيس الائتلاف السوري لـ«الشرق الأوسط»، إن المباحثات التي جرت بين جون كيري وزير الخارجية الأميركي، ورياض حجاب رئيس الهيئة العليا للمعارضة السورية للتفاوض، لم تأت بجديد، مشيرا إلى أنها مجرد رسالة بصياغة إيرانية روسية، مشيرا إلى أن التدخل الروسي - الإيراني ما زال مستمرا من أجل إفشال «هيئة التفاوض».
وقال خوجة إن الهيئة أكدت للوزير كيري، أن هناك أربعة شروط محققة لتهيئة الظروف لإطلاق عملية التفاوض، أو الحل والتسوية السلمية السياسية، ودونها لا مجال لأي تفاوض. وأشار رئيس الائتلاف السوري إلى أن موقفهم ثابت تجاه تلك المطالب الأربعة، «وإلا فلا نحسب أن هناك أي تغيير أو جديد في الأزمة السورية، فنحن لا نريد مباحثات وإنما نريد مفاوضات ومن الواضح أن دي ميستورا يريد أن يحوّل المفاوضات إلى مباحثات وحوار، وكأنها أزمة دبلوماسية».
وأكد على إن كيري لم يعدنا بشيء، ولم يقدّم لنا أي مبادرات، إذ إنه، منذ فترة طويلة وكيري يفرّغ نفسه لنقل رسائل إيرانية - روسية الصياغة، وهي نفس الرسائل التي هي في الأصل نتاج صياغة إيرانية تدعو لإقامة حكومة وطنية والسماح لبشار الأسد بأن يستمر ويرشح نفسه للانتخابات». ولفت رئيس الائتلاف السوري إلى أن «هناك تدخلا أميركيا لصالح (قوات سوريا الديمقراطية)، وهي نفس القوات العسكرية التي أنتجت المجلس السوري الديمقراطي، التي يدعمها الروس، ومن ثم إيجاد معارضة موالية للنظام بديلة للمعارضة الحقيقية التي تعبر عن الشعب السوري».
ولفت إلى أن فشل اجتماع يوم 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، كان موعدا على ورق، مؤكدا أنه لم يكن تاريخا واقعيا للمفاوضات، باعتبار أن الأجندة المتعلقة بالمفاوضات لم تصلهم حتى الآن، بشكل رسمي من قبل أي طرف من الأطراف.
وقال: «بالنسبة لنا لا يهمنا التاريخ وضرب المواعيد، فلو توفرت غدا، إرادة دولية سياسية، مهيئة الأجواء للمفاوضات فنحن جاهزون لها، حيث إننا جهزنا وفدنا المفاوض».

* برلين تطالب بمشاركة الفصائل العسكرية في مباحثات السلام
أكد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أمس، في تصريحات نقلتها صحيفة «فرانكفورتر ألغيمايني تسايتونغ» على ضرورة أن يتضمن وفد المعارضة السورية مجموعات مقاتلة، على ألا تكون «متطرفة أو إرهابية».
وسأل «أين تعتقدون أننا سنجد مجموعات معتدلة بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الأهلية وأقصى العنف؟»، مضيفا: «أخشى أننا تخطينا مرحلة الانتقاء الدقيقة لاختيار جميع الأطراف والمفاوضين».
وتابع: «بالطبع لا نريد على الطاولة إرهابيين وإسلاميين متطرفين يريدون فقط تخريب العملية السياسية، لكننا نريد تحالفا من كل الذين يمثلون شرائح من المجتمع السوري ويمتلكون قوة فعلية ويحترمون مبادئ فيينا وهم مستعدون لوقف القتال خلال محادثات جنيف».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».