«سفاري».. سفير المطبخ الصومالي إلى نيويورك

المطعم الوحيد من نوعه في نيويورك

صاحبة أول مطعم صومالي في نيويورك
صاحبة أول مطعم صومالي في نيويورك
TT

«سفاري».. سفير المطبخ الصومالي إلى نيويورك

صاحبة أول مطعم صومالي في نيويورك
صاحبة أول مطعم صومالي في نيويورك

في قائمة الطعام يحمل اسم «فيدريشن كومبو»، وعلى أحد جانبيه يوجد أرز بسمتي يحمل ظلالا برتقاليا وذهبيا فوقه حبات من العنب المجفف المطبوخ، بينما يضم الجانب الآخر هناك معكرونة شريطية الشكل ودهنية القوام أشبه بصوص «ألفريدو».
في الصومال، كثيرًا ما تمتزج المعكرونة شريطية الشكل والأرز في الأطباق بكل تناغم، لكن داخل مطعم «سفاري»، الذي افتتح أبوابه بمنطقة هارلم في مايو (أيار)، فإنه يجري الفصل بينهما، في محاولة ذكية لمراعاة أذواق العملاء غير المعتادين على المطبخ الصومالي.
قد يكون «سفاري» المطعم الصومالي الوحيد على مستوى مدينة نيويورك، ويقع على امتداد 116 ستريت المعروف باسم «لو بيتي سنغال» (أو «السنغال الصغيرة»). وتضم الضاحية المحيطة أكبر تركز للمهاجرين القادمين من غرب أفريقيا في مانهاتن. إلا أن الصومال تقع على الساحل المقابل، ويحمل الطعام المقدم في هذا المطعم بعض التشابه مع الأطباق غرب الأفريقية اللزجة.
أيضًا، تعكس الأطباق المعروضة تأثيرات قادمة عبر البحر العربي، مع ظهور السمبوسك، وهي عبارة عن مثلثات من العجين مغلقة على لحم بقري مفروم أو لحم دجاج، ما يشبه إلى حد ما السمبوسك الهندي. ويصاحب الأطباق صوص بيسباس المعد من زبادي وكزبرة مع قليل من الليمون وفلفل هالبينو. عندما تذوقت هذا الصوص في إحدى المرات، بدا الطعم منعشًا، لكن في مرة أخرى شعرت بأن سقف حلقي على وشك الانفجار.
ويعد صوص «بيسباس» مرافقًا لجميع الأطباق تقريبًا، خاصة الأرز، حسبما شرح الشيف شكيب فرح. أما اللحوم فليست بحاجة لمزيد من الطهي، فهي عبارة عن قطع رقيقة من اللحم البقري تفوح منها رائحة نبات روزماري وعليها كمية كبيرة من «ميتميتا»، وهو أحد التوابل الممزوجة التي يغلب عليها الفلفل الحار، بجانب بعض من نبات الهال والقرنفل. تحمر شرائح اللحم الرقيقة بشدة، مع تغطيتها تمامًا بالخل والثوم. ويجري شي الماعز الذي تقطع منه قطع اللحم لمدة ست ساعات بصورة كاملة ومن دون فصل العظام عن اللحم.
أما الصوص الشبيه بصوص «ألفريدو» الذي تغطى به المعكرونة شريطية الشكل فعبارة عن كريمة كثيفة ممتزجة ببردقوش وروزماري وريحان، ومقتبسة من «تشيكن فانتاستيك»، وهو طبق شبيه باليخني يبدو أنه جرى ابتكاره للمرة الأولى في أحد المطاعم الصومالية في مينيابوليس التي تضم أكبر جالية صومالية في الولايات المتحدة.
ويعود وجود المعكرونة والأعشاب المميزة لإقليم البحر المتوسط إلى الإرث الذي تركه الاحتلال الإيطالي للصومال طيلة نصف قرن. بالنسبة لفرح فإنه ينتمي إلى غالكايو الواقعة إلى شمال البلاد. وقد فرت أسرته من البلاد عندما كان طفلاً وتمكنت من الوصول إلى الولايات المتحدة عبر كينيا وزامبيا.
أما مالكة مطعم «سفاري» التي تتولى شؤون خدمة الضيافة به فتدعى مايمونا بيرجيب، وتعرف باسم مونا. وقد ولدت في ميناء كيسمايو الجنوبي وترعرعت في السويد. وقررت ترك العمل بأحد المصارف لفتح هذا المطعم واستعانت بابن عمها جمال هاشي، شيف في مينيابوليس ومن أبناء مقديشو، لوضع قائمة الطعام بالمطعم. أما الطبق المعشوق لدى العاملين بالمطعم الذي يحثونني على تناوله في كل زيارة، فهو لحم الدجاج بالكاري والمانغو. يبدو هذا الطبق في البداية خشن المذاق ليتحول إلى طعم حلو بالفم بعد لحظات. ويهيمن المذاق الحلو على المشروبات أيضًا، منها عصير غريب فروت أبيض بالسكر وشاي غامق بالقرفة والقرنفل.
تقليديًا، يأتي الموز مع كل وجبة صومالية، لكن بعد أن قابله بعض العملاء غير الصوماليين بالرفض لشعورهم بعدم توافقه مع طبيعة الوجبة، قررت بيرجيب قصر تقديمه على الصوماليين فحسب.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
TT

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)
أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات، يعمل الشيف حسين فياض. وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام» لا بد أن يلفتك بذلك. فكأن الطبق الذي يحضّره يولد من رحم مقاييس يحسبها بأنامله وعقله.

يلتزم بأسلوب مشبعاً بـ«الديسيبلين» أو الانضباط. فكل ما يقوم به يجب أن يأخذ نفس الحجم إذا ما تألف من الكبة أو لفائف السباغيتي ورقائق اللحم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ صغري أحب القيام بأعمالي بهذا الأسلوب. وعندما كنت أدخل مطبخ والدتي كانت تشعر بالارتباك للدقة التي أنفذ بها الأطباق. وجاءت دراستي في معهد (كوردون بلو) الفرنسي ليزيدني تمسكاً بذلك. فما يميّز طبّاخاً عن غيره هو تأنيه بما يقوم فيه. وكما الشكل، كذلك المذاق والنكهة، يجب أن يشكلوا مجتمعين عناصر أساسية لطبق شهي».

أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

يملك حسين فياض مطعماً له في جنوب لبنان، ويعمل في هذا المجال منذ نحو 12 عاماً. أما قاعدته الأساسية في عمله فترتكز على الخبرة، «لا شك أن البدايات يجب أن تتألف من شغف وحب للمهنة. فهما يؤلّفان ميزان الطبخ عند الطاهي. كما أن الدقة في تحضير الأكلات الحلوة والمالحة يجب أن تنضج بفعل التجارب. صحيح أني أركن إلى معايير دقيقة ألتزم بها أثناء عملي، ولكن بعد تراكم الخبرات تصبح للعين مكانتها في الموضوع».

عمل في مطاعم فرنسية خلال دراسته خارج لبنان. فاستفاد من تجربته هذه بحيث راح يبتكر أطباقاً تجمع بين المطبخين اللبناني والفرنسي، «صرت أمرر بعض الخلطات الخفيفة للزبائن. وبعد أن لاقيت استحساناً كبيراً من قبلهم رسمت الخطة في رأسي».

وتقضي خطّته بابتكار أطباق بين المطبخين، فهناك كثير من المكونات المشتركة بينهما، «لا أركن أبداً إلى البهارات والمنكهات التي تغطي على الطعم الأساسي للطبق. أكتفي بإضافة منكهات مستخرجة من الأعشاب الخضراء. أحياناً أستخدم الصعتر والحبق. أما المكون الرئيسي في أطباقي الحلوة والمالحة فهو زيت الزيتون. فأستعمله حتى في تحضيري للمثلجات وفي الحلويات. وفي بلاد الغرب يقدّرون كثيراً هذا المكون الشائع في بلادهم. وهو اليوم ينافس بشدّة الزبدة. أنا شخصياً أفضله عليها إذ يتمتع بمذاق ألذ ولا يؤثر على صحتنا سلبياً».

في مطبخ مطعمه الجنوبي المقفل اليوم بسبب الحرب الدائرة هناك يبتكر أطباقاً لذيذة.

فمتبل «بابا غنوج» يحضّره بطريقة فريدة من نوعها. بعد شيّ الباذنجان في الفرن مع لمسة من زيت الزيتون، يهرسه في وعاء بعد تفريغه من قشرته. يضيف إليه مكعبات البندورة والبصل والثوم بقطعه الصغيرة. ومع قطع مماثلة من الفلفل الأخضر والأحمر والبقدونس يؤلّف الخلطة. ويختمها بمزجها مع عصير الحامض والطحينة. وبعد خلطها بشكل جيد يضعها من جديد في جوف قشرة الباذنجان المفرغة. ويزينها بطبقة من حبوب الرمان ليضفي إليها نكهة مميزة.

الشيف حسين فياض (الشرق الأوسط)

ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الطبق لاقى انتشاراً واسعاً حتى إن البعض في لبنان راح يقلّده. فالتجديد في أي طبق لبناني أصيل كـ(بابا غنوج) يستحوذ على أفكاري التجددية. وهناك بعض الأطباق التي تذكرني بطفولتي وبمائدة والدتي، أنوي تحديثها أيضاً».

كثافة المواقع الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي تلفته. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها لا تزعجني ولكني نادراً ما أتوقف عند واحدة منها. فجميعها متشابهة، وهناك نوع من فوضى لا أحبها يتبعها الطباخون في تحضيرهم الطعام. وفي المقابل، أعتقد أن هناك مواهب لافتة في مجال الطبخ في لبنان. وأتوقّع لها مستقبلاً زاهراً».

أطباق جميلة ومبتكرة (الشرق الأوسط)

وعن سبب ارتكازه بمشروعه المستقبلي على الجمع بين المطبخين الفرنسي واللبناني، يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «المطبخ الفرنسي منتشر بشكل كبير في لبنان. ونحن نعرفه منذ نعومة أظافرنا. كما أن تحول جيل كبير من شباب اليوم إلى معاهد وجامعات فرنسية لتعلم الطبخ وثّق هذه العلاقة بشكل أكبر. وإذا ما دخلنا معظم المطاعم في لبنان فسنلاحظ حضور أطباق فرنسية فيه. فأي مطعم ندخله لا بد أن يقدّم أيضاً الحلوى الفرنسية كالفوندان والبافلوفا والكريم بروليه».