وزيرة العدل الأميركية: نبحث مع حلفائنا طرقًا غير تقليدية لمواجهة «داعش»

أكدت في جلسة خاصة حضرتها {الشرق الأوسط} ضرورة التعاون لوقف التجنيد الإلكتروني

لوريتا لينش (رويترز)
لوريتا لينش (رويترز)
TT

وزيرة العدل الأميركية: نبحث مع حلفائنا طرقًا غير تقليدية لمواجهة «داعش»

لوريتا لينش (رويترز)
لوريتا لينش (رويترز)

أكدت وزيرة العدل الأميركية، لوريتا لينش، أن واشنطن تبحث مع حلفائها الأوروبيين طرقا غير تقليدية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يأتي على وجه الخصوص في جزئية مكافحة توظيف مزيد من العناصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت لينش، في جلسة خاصة عُقدت أمس على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس بسويسرا، إنه «من الصعب أن نمنع المنظمات الإرهابية من استخدام شبكة الإنترنت، وحاليا تبحث الولايات المتحدة لتفويض المجتمعات المحلية، حيث الشباب المتعثر الذي قد ينضم إلى تنظيم داعش، وذلك لإيجاد طرق للتواصل معهم».
وردا على تساؤل «الشرق الأوسط» حول الجهود القائمة حاليا، أكدت وزيرة العدل الأميركية أن «جهود واشنطن حاليا تركز على البحث مع شركائها الأوروبيين عن طرق جديدة لمواجهة التنظيم، من أجل منعه من توظيف المزيد من الأشخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي»، متابعة: «علينا أن نركز جهودنا على تنفيذ قوانين جديدة، لمواجهة رسالة تنظيم داعش عبر تلك الوسائل».
وتعتبر الجرائم الإلكترونية من مصادر القلق العالمية التي تؤثر على الأمن العام وأمن الشركات والأعمال في جميع أرجاء العالم.
وشددت لينش، التي تحدثت إلى جانب جيركن سكوت، الأمين العام للإنتربول الدولي، أنه «بالنظر إلى مستوى الابتكار والسرعة التي ترتكب بها الجرائم الإلكترونية، ينبغي أن يتحول التركيز نحو العثور على الوسائل العملية لمكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص».
وأضافت وزيرة العدل أنه «من الضروري وجود إطار عام لإقامة تشريعات على المستوى العالمي قابلة للتطبيق والنفاذ بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية. وكذلك تحديد الحلول المشتركة لتولي هذه المسألة ومعالجتها في جميع أنحاء العالم»، مشيرة إلى أن «مكافحة الجرائم الإلكترونية والتهديدات الإلكترونية هي من أهم أولوياتي بصفتي النائب العام للولايات المتحدة. ومع زيادة التواصل والترابط ما بين مختلف دول العالم، ومع انتقال الكثير من مستويات حياتنا إلى الإنترنت، فإن المجتمع العالمي بات يواجه مجموعة من التحديات المتنامية والتهديدات الناشئة للأمن والرفاهية وأساليب حياتنا».
ويزداد مجرمو الإنترنت تطورا ومقدرة على التكيف، وصاروا أكثر طموحا في ظل ضعف المواجهة، والتي يستهدفون خلالها المعلومات المهمة والبنية التحتية الحيوية.
وقالت لينش: «الحقيقة أنهم يوجهون هجماتهم إلى عوالم من دون جدران أو حدود، ما يتطلب منا الاستمرار في إعادة التصور وإعادة صياغة ردود الفعل من جانب وكالات إنفاذ القانون التقليدية». وتابعت: «ندرك جميعا حجم التهديدات الصادرة عن الجماعات الإرهابية، والتي تعتمد على الإنترنت ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الدعاية، واستمالة المزيد من الأتباع والتجنيد والتآمر لشن المزيد من الهجمات الواقعية. وللتعامل مع تكرار وتعقيد وخطورة هذه التهديدات، تعمل حكومة الولايات المتحدة على متابعة وتطبيق منهج حكومي شامل ومنظم وفق الاستجابة الشاملة للتهديدات الإرهابية في أعقاب الهجمات الأخيرة، وذلك بالتركيز على تسهيل التنسيق بين مختلف الوكالات وتبادل المعلومات بسرعة وعلى أوسع نطاق ممكن».
ومن جهته، أعلن روب واينرايت، مدير المكتب الأوروبي للشرطة (يوروبول)، أن المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب الذي أنشئ حديثا، سيباشر عمله في يناير (كانون الثاني) الحالي، ويهدف إلى تقاسم المعلومات بشكل أفضل بين البلدان الأوروبية، وذلك بعد أسابيع على اعتداءات باريس التي كشفت عن ثغرات على صعيد الاستخبارات في أوروبا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.