المغرب: مؤتمر «الأصالة والمعاصرة» المعارض ينتخب أمينه العام اليوم

جدد هيكلته التنظيمية في أفق الانتخابات المقبلة

المغرب: مؤتمر «الأصالة والمعاصرة» المعارض ينتخب أمينه العام اليوم
TT

المغرب: مؤتمر «الأصالة والمعاصرة» المعارض ينتخب أمينه العام اليوم

المغرب: مؤتمر «الأصالة والمعاصرة» المعارض ينتخب أمينه العام اليوم

تتجه أنظار المغاربة اليوم صوب منتج بوزنيقة (جنوب الرباط)، حيث يجري مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي يرتقب أن تتمخض أشغاله عن انتخاب أمين عام جديد، ومرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة التي ستشكل عقب الانتخابات التشريعية، التي ينتظر أن تنظم الخريف المقبل.
ويعزز طموح الحزب للفوز في الانتخابات التشريعية ورئاسة الحكومة المقبلة النتائج التي حققها خلال الانتخابات البلدية والجهوية، التي جرت في 4 سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي حصل فيها على حصة 22 في المائة من الرئاسات البلدية، و20 في المائة من رئاسات الجهات، بالإضافة إلى حصوله على 23 مقعدا في انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي فاز أيضا برئاستها.
ومنذ تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في صيف 2008 طرح نفسه كبديل للإسلاميين، خصوصا حزب العدالة والتنمية الذي يتولى رئاسة الحكومة الحالية. وتشكل الحزب، الذي أطلق عليه آنذاك «الوافد الجديد»، من اندماج خمسة أحزاب صغيرة، جلبت للحزب عددا مهما من الأعيان والسياسيين المحترفين، والمتمرسين على العمل الانتخابي بالمغرب، بالإضافة إلى مجموعة من المثقفين والسياسيين اليساريين السابقين، وجلهم متحدر من حركات اليسار الراديكالي، التي عرفتها البلاد في عقد السبعينات من القرن الماضي.
وانطلق مؤتمر الحزب بمشاركة 3500 مؤتمر أول من أمس تحت شعار «مغرب الجهات، انخراط واع ومسؤول»، بعقد جلسات مغلقة خصصت لمناقشة وثائق المؤتمر والمصادقة عليها، وعلى رأسها القانون الأساسي الجديد للحزب، الذي يأخذ بعين الاعتبار التحولات التي عرفها المغرب على مستوى التنظيم الترابي جراء تطبيق قانون الجهات، الذي هيكل الانتخابات البلدية والجهوية الأخيرة، بالإضافة إلى الوثيقة المذهبية للحزب التي تصبو إلى صقل وترسيخ هويته السياسية والآيديولوجية كحزب حداثي ديمقراطي اجتماعي.
وفي انتظار من سيفوز بالأمانة العامة للحزب، تروج عدة أسماء في كواليس المؤتمر، منها على الخصوص اليساري السابق إلياس العمري، نائب الأمين العام الحالي للحزب مصطفى بكوري، وفاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش السابقة، وأحمد خشيشن وزير التعليم الأسبق، ورئيس جهة مراكش. بالإضافة إلى مصطفى بكوري، الذي لم يتأكد بعد إن كان سيترشح لولاية ثانية. وشددت الوثيقة المذهبية للحزب على التزامه في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية وتوطيد المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، وتنظيم الحزب على مبادئ الديمقراطية واللامركزية والقرب. كما نصت على «اتخاذ تدابير إيجابية من أجل تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء»، وشددت على ضرورة ألا تقل نسبة تمثيلية النساء عن الثلث في جميع أجهزة الحزب، وألا يقل نسبة الأعضاء الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة في هذه الأجهزة 25 في المائة.
ومن أبرز المستجدات التي جاء بها النظام الأساسي الجديد للحزب على المستوى التنظيمي التركيز على الدور الجديد للأجهزة التنظيمية الجهوية للحزب في إطار الجهوية الموسعة، والتي حددها في المؤتمر الجهوي وندوة التنسيق الجهوي والأمانة الجهوية.
وعلى المستوى المركزي، أقر النظام الأساسي الجديد هيئتين قياديتين هما: المكتب السياسي المكلف التوجيه الاستراتيجي للحزب والمكتب الفيدرالي التدبير العملي، ووضع المكتبين تحت رئاسة الأمين العام المنتخب من طرف المجلس الوطني (برلمان الحزب).
ويتشكل المكتب الفيدرالي من أمناء التنظيمات الجهوية للحزب بالإضافة إلى 12عضوا، يمثلون المنظمات الموازية التابعة للحزب، و26 عضوا من الكفاءات الحزبية يختارهم الأمين العام. ويتولى المكتب الفيدرالي الإشراف على التنظيم والحياة الداخلية للحزب وتوجيه وتنسيق الاستراتيجية الانتخابية للحزب، والبث في الترشيحات لمختلف الاستحقاقات الانتخابية، بالإضافة إلى تدبير ممتلكات ومالية الحزب ووضعية وزراء الحزب في علاقتهم ببنيات الحزب وأجهزته والعلاقات مع باقي الأحزاب السياسية.
أما المكتب السياسي فسيتولى التوجيه الاستراتيجي لسياسة الحزب. ويتكون من 14عضوا منتخبا من المجلس الوطني نصفهم نساء، بالإضافة إلى رئيسي فريقي الحزب في غرفتي البرلمان، ووزراء الحزب في الحكومة ورئاسة الغرفة البرلمانية التي يتولاها الحزب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.