إعلان حالة الطوارئ في 6 ولايات أميركية بسبب العاصفة الثلجية

تحذيرات لنحو 50 مليون شخص

إعلان حالة الطوارئ في 6 ولايات أميركية بسبب العاصفة الثلجية
TT

إعلان حالة الطوارئ في 6 ولايات أميركية بسبب العاصفة الثلجية

إعلان حالة الطوارئ في 6 ولايات أميركية بسبب العاصفة الثلجية

غطت طبقة سميكة من الثلوج منطقة واشنطن العاصمة اليوم (السبت) مع قدوم عاصفة ثلجية ربما كانت قياسية إلى ساحل شرق الولايات المتحدة مما شل حركة المرور على الطرق والسكك الحديدية والطيران من ساوث كارولاينا إلى نيويورك.
ومن المتوقع أن يكون للعاصفة أكبر أثر على منطقتي واشنطن وبالتيمور. وقالت الهيئة القومية للأرصاد إنه من المرجح تكون طبقة ثلجية يتراوح سمكها بين قدمين وثلاثة أقدام تصحبها رياح سرعتها بين 48 و80 كيلومترا في الساعة قبل أن تهدأ الرياح عصر اليوم (السبت).
وظلت الثلوج تتساقط على جنوب شرقي بنسلفانيا بما فيها منطقة فيلادلفيا في ساعة مبكرة. ومن المتوقع أن تتجه العاصفة شمالا اليوم باتجاه مدينة نيويورك.
وأصدرت السلطات تحذيرات لنحو 50 مليون شخص من سكان أكثر من 10 ولايات بالبقاء في منازلهم بينما تتحرك العاصفة شمالا، وقد يصل ارتفاع الثلوج في العاصمة واشنطن إلى رقم قياسي يصل إلى 76 سنتيمترا عندما تمر العاصفة يوم الأحد.
وقال خبير الأرصاد فرانك بيريرا: «ننتظر في جميع الأحوال حدثا كبيرا»، وسجلت مستويات تساقط الثلوج القياسية السابقة عام 2010 حين بلغ مستوى سمك الثلوج 2.‏45 سنتيمتر ومن قبلها عام 1922 حين بلغ السمك 71 سنتيمترا.
وأثرت الأجواء على أجزاء كبيرة من البلاد من أركنساس جنوبا وحتى ماساتشوستس في الشمال الشرقي.
وتأهب السكان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في البيوت فتهافتوا على تخزين السلع الغذائية وعبوات الماء حتى أن أرفف بعض المتاجر باتت خاوية.
وذكرت قناة «ويذر» المتخصصة في إذاعة أخبار الطقس أن أكثر من 85 مليون نسمة في 20 ولاية على الأقل شملهم تحذير من سوء الأحوال الجوية أو نصح يتعلق بالمناخ.
واشتدت العاصفة بطول ساحل خليج المكسيك وأسقطت ثلوجا على ولايات أركنسو وتنيسي وكنتاكي أمس الجمعة.
ومن المتوقع أن تتحرك العاصفة باتجاه البحر في جنوب نيو إنغلاند بعد بضعة أيام. وفي فيلادلفيا ونيويورك يتوقع تساقط ثلوج ارتفاعها بين 30 و46 سنتيمترا قبل أن تهدأ العاصفة.
وقال مسؤولون إن المناطق المنخفضة في نيويورك ونيوجيرسي والتي لا يزال بعضها يجري عمليات إعادة بناء بعد العاصفة «ساندي» التي اجتاحت المنطقة عام 2012 - قد تشهد فيضانات خلال موجات مد عالية يومي السبت والأحد.
وأعلنت حالة الطوارئ في عدد من الولايات منها نيوجيرسي وبنسلفانيا وميريلاند وفرجينيا ونورث كارولاينا وجورجيا وكذلك في واشنطن العاصمة. وحذر المسؤولون المواطنين من القيادة على الطرق.
وتوفي ستة أشخاص على الأقل في حوادث في نورث كارولاينا وكنتاكي وتنيسي، حيث حذر المسؤولون من أن الجليد يجعل الطرق زلقة.
وقال أندرو كومو حاكم نيويورك في مؤتمر صحافي بعد ظهر أمس الجمعة: «عند مقارنة الثلوج بالسيول فأنا شخصيا أخشى السيول أكثر».
ويتزامن هبوب العاصفة مع اكتمال القمر مما يؤكد أن الرياح القوية ستشترك مع الأمواج العالية وتحدث سيولا كبيرة. ولا تزال بلدات بالمنطقة تكافح للتعافي من الدمار الذي خلفته العاصفة «ساندي».
ويعيش في مدينة سيسايد هايتس في نيوجيرسي حاليا نحو ألف شخص، أي أقل بكثير من عدد سكانها قبل العاصفة «ساندي» وهو ثلاثة آلاف شخص، إذ لا يزال الكثيرون غير قادرين على العودة إلى منازلهم التي دمرتها السيول.
وقال كريستوفر فاز وهو مسؤول منطقة إدارية إن المسؤولين ينصحون كبار السن والمرضى بالتفكير في مغادرة المناطق المنخفضة. وأضاف أن السيول تثير مخاوف أكبر بالقطع. وتابع: «يمكننا التعامل مع 6 أو 12 بوصة من الثلوج».
ودفعت العاصفة الوشيكة كريس كريستي حاكم نيوجيرسي إلى العودة إلى ولايته مساء أمس الجمعة بعدما قال في أول الأمر إنه سيواصل حملته الانتخابية لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية في مدينة نيوهامبشير.
وذكر مسؤولون أن البنية الأساسية تحسنت في السنوات التي أعقبت العاصفة «ساندي»، وأن مئات المنازل رفعت إلى ما هو أعلى من مستويات السيول لكن العمل لم يستكمل بعد.
وذكر موقع «فلايت أوير.كوم» الذي يتتبع حركة الطيران أن أكثر من 7100 رحلة طيران ألغيت في أنحاء البلاد يومي الجمعة والسبت.
وتقرر أيضًا تعديل مسارات القطارات وأوقفت بعض شركات النقل خدماتها إلى حين تحسن الأحوال الجوية.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.