رحيل المصمم اللبناني ويليام خوري «مهندس» أناقة صباح وسميرة توفيق

لبست من ابتكاراته الإمبراطورة فرح ديبا.. ونسيته الدولة اللبنانية

المصمم اللبناني ويليام خوري صنع نجاحاته بنفسه  -  مع الفنانة سميرة توفيق التي صمم لها مئات العباءات الشرقية  -  ويليام خوري أثناء قيامه بتنفيذ فستان لصباح
المصمم اللبناني ويليام خوري صنع نجاحاته بنفسه - مع الفنانة سميرة توفيق التي صمم لها مئات العباءات الشرقية - ويليام خوري أثناء قيامه بتنفيذ فستان لصباح
TT

رحيل المصمم اللبناني ويليام خوري «مهندس» أناقة صباح وسميرة توفيق

المصمم اللبناني ويليام خوري صنع نجاحاته بنفسه  -  مع الفنانة سميرة توفيق التي صمم لها مئات العباءات الشرقية  -  ويليام خوري أثناء قيامه بتنفيذ فستان لصباح
المصمم اللبناني ويليام خوري صنع نجاحاته بنفسه - مع الفنانة سميرة توفيق التي صمم لها مئات العباءات الشرقية - ويليام خوري أثناء قيامه بتنفيذ فستان لصباح

رحل المصمم اللبناني العالمي ويليام خوري إثر إصابته بداء الرئتين عن عمر يناهز الـ76 عاما. وكان الراحل الكبير الذي لمع اسمه في عالم تصميم الأزياء في لبنان والعالم فلقب بـ«مهندس أناقة المشاهير»، يلازم منزله منذ أكثر من عام، جراء معاناته أيضا من مرض هشاشة العظام الذي كان يتسبب له بآلام موجعة.
وفي اتصال مع ابنة شقيقته منى أسمر فقد أكدت لنا أن خالها رحل من هذه الدنيا مطمئنا وبسلام، كون أفراد عائلته كانوا يحيطون به دائما، وهو الأمر الذي كان يسعده في أيامه الأخيرة.
عرف ويليام خوري في عالم تصاميم الأزياء منذ أكثر من خمسين عاما، عندما صمم للإمبراطورة فرح ديبا زيا رائعا، نال على أثره شهرة واسعة جعلته مقصد أهم النساء في العالم. وجرى ذلك إثر دعوته من قبل زوجة سفير إيران في لبنان يومها، التي طلبت منه تصميما لعرضه على الشهبانو لترتديه في حفل تتويجها إمبراطورة. ونفذ وليم خوري الزي المطلوب بعد أن رصعه بكميات من حبوب اللؤلؤ الطبيعي التي أرسلت إليه من إيران خصيصا لهذا الهدف. فأعجبت فرح ديبا بالزي، واختارته من بين فساتين عدة تقدم بها إليها مصممون معروفون في فرنسا وإيطاليا. ونال ويليام خوري مكافأة مالية على تصميمه هذا من قبل الإمبراطورة، إضافة إلى ساعة يد غالية الثمن وسجادة عجمية كان بقي يحتفظ بها في منزله في منطقة فرن الشباك حتى وافته المنية.
ورغم كل الشهرة التي حققها لاحقا في لبنان والدول العربية والأجنبية، وبينها السعودية وأميركا وأوروبا وأستراليا والمكسيك وأفريقيا، إضافة إلى الجائزة التي حاز عليها عام 92 في مهرجان «كان» السينمائي، إذ نال أوسكار الموضة متفوقا على 25 مصمم أزياء من بلدان مختلفة، كما جرى تدريس تقنيته في تصميم الأزياء في إحدى المدارس الإيطالية المتخصصة في تعليم تصميم الأزياء (Institut Maragoni)، فإنه رحل من هذه الدنيا عاتبا على الدولة اللبنانية، لعدم تقدير فنه من خلال تكريمها له بصورة أو بأخرى.
لم يكن يعتمد ويليام خوري في تصاميمه على الأفكار الأجنبية، إذ كانت تحمل دمغة واحدة وهي «صنع في لبنان»، فكان يستوحي تصاميمه من الطبيعة اللبنانية كما ردد أكثر من مرة، وكذلك من الأزياء اللبنانية التراثية الذي كان معجبا بتطريزاتها وقصاتها الأنيقة.
أما شهرته الواسعة في لبنان فقد صنعها بفضل الفنانة الراحلة صباح. فهي كانت تعتمد عليه وتوليه ثقة عمياء ليخيط لها ملابسها، مما جعله يصمم لها أكثر من 400 قطعة، أصر على الاحتفاظ ببعض منها بعد أن كانت صباح قد أهدت عددا منها لمعجبات وسيدات مجتمع معروفات في الوطن العربي والدول الأجنبية، حيث كانت تحيي على مسارحها الحفلات، فكانت تقدمها لهم خجلا وهي المعروفة بسخائها الكبير. «كانت تعرف كيف تتعامل مع فساتينها بحنان، وكانت لا تتردد عن التخلي عن لقاء الحبيب لتتسلم أحد فساتينها من عندي». قال الراحل في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط»، الذي أكد خلاله يومها، إنه كان يستوحي تصاميمه لها من شخصيتها الفرحة.
وكما صباح كذلك سميرة توفيق، فقد رافقها في مشوارها الفني وصمم لها مئات العباءات الشرقية المطرزة، التي كانت تتطلب أشهرا لتنفيذها، وأحيانا أقل حسب دقة تفاصيلها.
لم يكن ويليام خوري معجبا بأسلوب العمل السائد مؤخرا على ساحة تصميم الأزياء في لبنان. وتقول منى أسمر التي رافقته في عمله ولازمته حتى لحظاته الأخيرة: «لقد كان ينتقدها بسبب استسهال بعض أشخاصها العمل في تصميم الأزياء، فبرأيه أنه صار أي واحد يرسم رسمتين أو ثلاثة لتصاميم معينة، يطلق على نفسه اسم مصمم، وهو أمر لا يمكن القبول به».
أما المصمم اللبناني الذي لطالما استحوذ على إعجابه وتابع أعماله في استمرار فهو العالمي إيلي صعب، إذ كان يصفه بالذكي وصاحب الأفكار الخارجة عن المألوف.
والمعروف أن ويليام خوري كان أول من وضع «كروكي» (رسم) تصميم الأزياء على الورق، فتربع على عرش عالم الأزياء لأكثر من ربع قرن.
ولد ويليام خوري في فبراير (شباط) 14 من عام 1946، وكانت هذه المناسبة (عيد ميلاده)، تتزامن مع عيد العشاق، فكان يطلب من أصدقائه والمحيطين به أن لا يحملوا له الهدايا بل فقط باقات الورود الحمراء. تابع دروسه الابتدائية في مدرسة سيدة المعونات في فرن الشباك، وكان يجد متعة في قص الورق على شكل فساتين. وفي إحدى المرات طلبت منه تصاميم أزياء لأبطال مسرحية تعتزم المدرسة تقديمها، فنفذ 35 زيا مرة واحدة، مما أثار دهشة المسؤولين في المدرسة، فتوقعوا له مستقبلا زاهرا في عالم الموضة والأزياء.
ورث ويليام خوري حبه للرسم من والده، وقد لعبت والدته ماري عطية دورا مهما في تنمية موهبته، فكانت تشجعه دائما وتحثه على تفصيل الأزياء، وكانت عمته آديل الزهار خياطة ماهرة ومعروفة في مدينة صيدا، وكذلك شقيقتها ملكة خوري المعروفة بوصفها خياطة مفضلة لدى نساء الملك فاروق، فورث عنهما حب التصميم والخياطة.
بقي ويليام خوري عزبا طيلة عمره فلم يتزوج، رغم أنه تعرف إلى أجمل نساء العالم كما ذكر في أحد أحاديثه، وكان يقول: «لم أجد المرأة التي يمكنها أن تتفهم ظروف عملي وغيابي الدائم عن البيت، كما كانت غالبيتهن تصيبهن الغيرة كلما شاهدوا لي صورة في إحدى الصحف، تجمعني مع فنانة أو وجه نسائي معروف، فقررت التفرغ لمهنتي فقط».
أما ما كان يعتز به دائما فهو بناء نفسه بنفسه، فلم يضطر كما يقول إلى شراء الأضواء والشهرة من أحد، وأن فنانات أمثال صباح وسميرة توفيق ونجاح سلام ساهمن دون شك في صناعة شهرته هذه.
وتصفه ابنة أخته منى أسمر قائلة: «كان لديه حس الفكاهة ومتفائل دائما وصاحب قلب طيب، كما كان لا يحب افتعال المشكلات. وكان عصبيا في العمل وجميع موظفيه في مشغله يهابونه، كان متطلبا أبدا وساعيا إلى الأفضل دائما بحيث يشرف على أدق التفاصيل ولا يقبل بالغلط».
من أكثر اللحظات التي حزن فيها هي عندما رحلت الفنانة صباح عندها ردد أمام أقربائه، إثر ذلك: «لقد رحلت الصخرة». وفي أيامه الأخيرة كان يعاني من آلام كبيرة في منطقة الظهر، فلم يعد قادرا على الاستيقاظ باكرا وارتشاف فنجان قهوته مع سيجارة يتيمة لا يحق له تدخينها أصلا. وقبل ليلتين على رحيله سمعته ابنة أخته الراحلة أنطوانيت ينادي باسمها ويقول «أنطوانيت أنطوانيت وينك»، فعرفت أن خالها على أهبة الرحيل عن هذه الدنيا. «لطالما كان متعلقا بوالدتي أنطوانيت، فهو كان الأصغر سنا بين إخوته الأربعة: أنطوان وديب وفيكتوريا وأنطوانيت، التي كانت تحن عليه وتطل عليه دائما، فورثت عنها مهمتها هذه، وبقيت مرافقته لسنين طويلة إن في عمله أو في منزله». اليوم يودع لبنان واحدا من فنانيه العمالقة أسوة بالراحلين وديع الصافي وصباح. وستقام مراسم الجنازة في بيروت وبالتحديد في مطرانية الروم الكاثوليك في منطقة المتحف. وبذلك يطوي ويليام خوري برحيله صفحة مضيئة من صفحات الفن اللبناني العريق، والذي كان يشكل، ومن خلال أعماله المبتكرة، عمودا من أعمدته الأساسية في عالم الأزياء.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».