ضجة كبيرة ترافق تصريحات رئيس المخابرات الفلسطيني

تصريحات الرجل القوي و«الخليفة المحتمل» لعباس تثير خلافات بين نهجين

ضجة كبيرة ترافق تصريحات رئيس المخابرات الفلسطيني
TT

ضجة كبيرة ترافق تصريحات رئيس المخابرات الفلسطيني

ضجة كبيرة ترافق تصريحات رئيس المخابرات الفلسطيني

تحولت تصريحات رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني، اللواء ماجد فرج، التي أدلى بها لمجلة أميركية قبل يومين إلى مادة نقاش وتحليل كبيرين، مثيرة الكثير من الجدل بين مؤيد ومدافع ومهاجم.
ولم يبق مسؤول في حركة حماس أو فصائل إسلامية معارضة، إلا وهاجم فرج على مدار اليومين الماضيين، قبل أن ينضم مسؤولون في فصائل منضوية تحت إطار منظمة التحرير، إلى الهجوم على الرجل رقم واحد في الجهاز الأمني الفلسطيني. وردت حركة فتح مدافعة عن فرج الذي التزم الصمت كعادته.
ومن المتوقع أن يستمر الجدل لأيام أخرى، بسبب مكانة فرج، ولأنه نادرا ما يدلي بتصريحات، إضافة إلى طبيعة تصريحاته، التي تعد أساسا، مثار جدل، وتظهر الخلاف الكبير بين نهجين فلسطينيين، هما نهج السلطة ونهج المعارضة.
وكان فرج أكد في مقابلة مع مجلة «ديفنس نيوز»، ‎ على سياسة السلطة الفلسطينية (السلطة الواحدة والسلاح الواحد)، محذرا من التطرف الديني الزاحف، الذي قال: إنه يشكل تهديدا حقيقيا ضد السلطة الفلسطينية والأردن وإسرائيل أيضا.
وتحدث فرج عن التنسيق الأمني، وقال: إنه بمثابة جسر لخلق جو لائق، إلى أن يعود السياسيون إلى المفاوضات الجدية، مؤكدا أن جهاز المخابرات وغيره من أجهزة أمن السلطة، منع منذ أكتوبر (تشرين الأول)، الماضي، 200 عملية ضد إسرائيليين، وصادرت أسلحة واعتقلت قرابة 100 فلسطيني.
وأرسل فرج رسالة إلى العالم الغربي قائلا: «لقد قاتلنا لعدة عقود بطرق مختلفة، ونحن الآن نقاتل من أجل السلام، وسأواصل القتال للحفاظ على جسر ضد التطرف والعنف، لنتمكن من الحصول على استقلالنا».
وفي تحالف نادر، أصدرت حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية أمس، بيانا مشتركا قالت فيه: «لقد تابعنا التصريحات والمواقف التي نقلتها مجلة (ديفنس) الأميركية، على لسان اللواء فرج، والتي جاءت في سياق الحديث عن الإرهاب والتطرف، الذي تعاني منه منطقتنا والعالم، باستهجان واستنكار شديدين». وأضاف البيان: «شكلت هذه التصريحات إساءة بالغة لمسيرة شعبنا وكفاحه وتضحياته، وهي تعزز في الوقت نفسه، الانقسام والشرخ الوطني، وتباعد المواقف بين المكونات الفلسطينية».
وأدانت الفصائل في بيانها هذه التصريحات التي وصفتها بواحدة «من تجليات التفرد واحتكار القرار، والتنكر للإجماع الوطني الفلسطيني الرافض لكل أشكال العلاقة القائمة بين السلطة والاحتلال».
وأشارت الفصائل إلى أن هذه التصريحات، تعكس إصرار السلطة على استمرار التنسيق الأمني، والأخطر من ذلك، إنها تساوي بين مقاومة شعبنا ونضاله المشروع ضد الاحتلال والإرهاب الذي نرفضه، بحسب البيان.
وحذرت الفصائل من تسابق بعض الأطراف في السلطة للدخول على خط التنافس على مستقبل السلطة، من الباب الأمني، باعتباره يشكل الهم المفصلي والوحيد لإسرائيل وداعميها. وأكدت الفصائل رفضها الزج بفلسطين وقضيتها وشعبها في لعبة المحاور والتحالفات والصراعات الدولية، تحت يافطة محاربة الإرهاب، من دون الإشارة دائما إلى أن راعي الإرهاب الصهيوني ضد شعبنا هي الإدارة الأميركية نفسها التي تقدم لها هذه المواقف، التي لا تعبر عن هموم وتطلعات شعبنا الفلسطيني.
ولم تعقب حركة فتح رسميا على بيان الفصائل، وفعلت المخابرات الفلسطينية الأمر نفسه، وكذلك باقي المؤسسة الأمنية. لكن مناصري فرج في حركة فتح، وبعضهم ناطقون ومسؤولون إعلاميون وفي الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ردوا بحملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وضعوا فيها صورة لفرج، ونصا جاء فيه «مهما علت الأصوات والمكائد في وجه كل من يحفظ سلامة وأمانة وطننا الغالي، لن يكون مصيره سوى ورقة مهترئة في يد العابثين والهواة من أصحاب الإعلام المأجور، ضد أسمائنا الوطنية الأصيلة والحريصة على بيتنا الفلسطيني، خاليًا من كل هذه الشوائب».
وبخط عريض كتب تحت صورة لفرج «يبقى الحق شامخا أصيلا راسخا مهابا».
وانتقل الجدل بشكل واضح، إلى وسائل الإعلام الفلسطينية، التي أظهر كل منها طبيعة ولائه، من خلال أسلوبه في التعاطي مع تصريحات فرج. وبطبيعة الحال، عملت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وليومين كاملين، على اقتباس مقاطع من مقابلة فَرج، وركزت أكثر على التعاون بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية، وتصريحه المُتعلق بإحباط الأجهزة الأمنية الفلسطينية لأكثر من 200 عملية خُطط لتنفيذها ضد إسرائيليين، وبمُصادرة أسلحة وتوقيف أكثر من 100 فلسطيني. وكذلك على أقواله إن «داعش» هو عدو مُشترك للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وإن الفلسطينيين اليوم: «على مُفترق طُرق، وإن القادم قد يكون أسوأ، متهما إسرائيل بالعمل في الضفة بطريقة ممنهجة، كأنها ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية أيضا.
وهاجمت مواقع محسوبة على حماس، فرج من دون رحمة، واتهمته بالعمل ضد المقاومة والانتفاضة. وفي المقابل، انتهجت وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة نهجين: واحد بإسقاط تصريحاته عن التنسيق الأمني، والثاني بالتركيز على قضايا أخرى، مثل مستقبل السلطة و«داعش».
هذا البازار دخله أيضا محللون سياسيون، دافعوا عن فرج باعتباره لم يقل شيئا غير واقعي، وتصرف كمسؤول أمني يرغب في حماية شعبه وبناء مستقبل منير له، وآخرون أكدوا ما ذهب إليه مسؤولو حماس وغيرهم. فيما اختار البعض التركيز على أنه تصرف كخليفة محتمل للرئيس عباس، ولذلك أعطى هذه المقابلة النادرة.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.