تعز تتحول إلى قرية صغيرة بسبب الحصار

إمكانياتها أصبحت محدودة.. والحمير والجمال جزء من الاقتصاد غير المشروع

تعز تتحول إلى قرية صغيرة بسبب الحصار
TT

تعز تتحول إلى قرية صغيرة بسبب الحصار

تعز تتحول إلى قرية صغيرة بسبب الحصار

تحولت مدينة تعز، أولى المدن اليمنية من حيث كثافة السكان، وعدد مديرياتها 23 مديرية، إلى قرية صغيرة بسبب انعدام الكهرباء المياه وكل المستلزمات الأساسية جراء حصار ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح التي تمنع عنهم دخول المواد الغذائية والطبية والإغاثية، وآخرها إغلاق منفذ الدحي، غرب مدينة تعز، المنفذ الوحيد المتبقي الذي كانت تفتحه من حين إلى آخر.
وبينما كان قد تم الاستغناء بشكل جزئي عن الحمير والجمال في نقل البضائع والمواد الغذائية والطبية وجميع المستلزمات بما فيها مواد البناء، أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من عمليات النقل الأساسية والاقتصاد غير المشروع في محافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء.
الطرق الجبلية والوعرة والصخرية التي تؤدي إلى مدينة تعز، أصبحت ملاذات تهريب لمستلزمات أهالي المدينة، إذ يقف الرجال بمختلف الأعمار وحتى النساء في الطريق ويحملون أكياسًا تحتوي على مواد غذائية أساسية ومواد طبية يتم تهريبها من مناطق غير محاصرة، مثل العاصمة صنعاء والحديدة وعدن.
ويقول أنور، من أهالي مدينة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الحمير والجمال أصبحت شيئًا مهمًا جدًا لوسائل التهريب، ومن يملك أحدها فقد أصبح مهربًا، خصوصًا في ظل انعدام الأعمال والكثير من أرباب العمل الخاص استغنوا عن موظفيهم، مما جعلهم يكسبون رزقهم من خلال نقل البضائع عبر الطرق الجبلية الوعرة وغير المعبّدة».
وأوضح: «في الحقيقة حتى مردود عملية التهريب، مواد غذائية وطبية ومستلزمات، لا يكفي سوى لسد الجوع اليومي، إذ إن تكلفة النقل لكيس القمح يزن خمسين كيلوغرامًا، تصل إلى 600 ريال يمني، أي ما يقارب 2.5 دولار أميركي، لقطع مسافة من سبعة إلى خمسة كيلومترات، وفي اليوم الواحد يكرر العملية مرتين». ومنذ بداية العام الحالي 2016، اشتد الحصار على أهالي تعز خاصة بعدما نفذ بشكل كامل مياه الشرب وانعدام الخدمات الأساسية وحتى انقطاع الكهرباء وانعدام المشتقات النفطية.
ولا تزال الجهود الرامية لتخفيف الكارثة الإنسانية التي حلت بأهالي مدينة تعز مستمرة حيث تسعى المنظمات المدنية المحلية والدولية إلى إدخال المساعدات الغذائية العاجلة إلى المدينة، حيث أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، بداية الأسبوع، أنها أدخلت شاحنتين محملتين بالمساعدات الطبية تعز. ونجح التحالف التي تقوده السعودية، منتصف الشهر الحالي، في كسر الحصار عن مدينة تعز من خلال إنزال جوي يحتوي على مساعدات طبية وأدوية من مركز الملك سلمان، وذلك استجابة لنداءات الاستغاثة من النساء والأطفال المحاصرين في تعز.
وعلى الصعيد الميداني، سقط العشرات من ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح على أيدي قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز خلال مواجهات عنيفة شهدتها جبهات القتال، وجراء غارات التحالف المركزة والمباشرة على مواقع وتجمعات الميليشيات.
وقال الناطق الرسمي للمجلس العسكري، العقيد الركن منصور الحساني، لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الانقلابية تواصل قصفها العشوائي على المواطنين العزّل بكل أسلحتهم الثقيلة، وذلك تعويضًا عن فشلهم الذريع في التسلل إلى مواقع المقاومة الشعبية بما فيها جبهة البعرارة، المحور الغربي، ومواقع كريف القدسي ودار القبة وجبل الراهش في مديرية المسراخ، جنوب المدينة، وجبهة الشف، شرق جبل صبر».
وأضاف: «تمكنت قوات الجيش والمقاومة من الرد على نيران ميليشيات الحوثي وصالح وأسكتتها، حيث تصدت وبقوة لهجماتهم في البعرارة وجبهة المسراخ والشقب وجبهة ميلات والمقهاية في الضباب، وأجبرتهم على الانسحاب بعدما كبدتهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، بالإضافة إلى تنفيذ هجوم على مواقع الميليشيات في جبهة الأربعين».
وعلى الصعيد ذاته، تواصل طائرات التحالف شن غاراتها المكثفة على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة من مدينة تعز وأطرافها، دمرت فيها آليات عسكرية وتسببت في سقوط قتلى وجرح.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.