نشر قطع بحرية روسية في المتوسط رسالة لتركيا ودورها العسكري

تحويل مطار رميلان إلى قاعدة أميركية مقدمة لصراع واشنطن وموسكو في سوريا

نشر قطع بحرية روسية في المتوسط رسالة لتركيا ودورها العسكري
TT

نشر قطع بحرية روسية في المتوسط رسالة لتركيا ودورها العسكري

نشر قطع بحرية روسية في المتوسط رسالة لتركيا ودورها العسكري

تحولت الأراضي السورية إلى ساحة للصراعات العسكرية وعرض عضلات بين الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا، خصوصًا بعد الإعلان عن اعتماد الطائرات الحربية الأميركية مطار رميلان في ريف الحسكة الشمالي الشرقي مهبطًا لها، في مقابل مطار حميميم في ريف اللاذقية التي تتخذ منه موسكو قاعدة عسكرية جوية لها. ويتلاقى هذا التطور مع الإعلان عن نشر قوات بحرية روسية في المتوسط بحجة حماية قاعدتها الجوية في حميميم.
وإذا كانت هذه التعقيدات تؤشر إلى أن الحرب السورية ستطول كثيرًا لتبقى حقل اختبار القوى العظمى، في ظلّ تراجع حظوظ العملية السياسية، فإن العامل الأميركي الداخل بقوة على الخط، وإن كان لا يوحي بمواجهة روسية أميركية في سوريا، إلا أنه يؤشر إلى حرب خفيّة تعدّ لها واشنطن وحلفاؤها في أوروبا ستظهر علاماتها في ألشهر المقبلة.
وفي القراءة الاستراتيجية للمحلل السياسي السوري سمير التقي، فإن «الخطوة الأميركية جاءت ردًا على الجسر الجوي الذي أقامه الروس والذي يمتد من بحر قزوين إلى إيران وصولاً إلى المتوسط، بعدما فقدوا القدرة على التواصل البري، بسبب قطع (داعش) لخطوط الإمداد البرية».
وتوقع التقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تكون التطورات القادمة هي أكبر مما نشهده الآن»، مشيرًا إلى أن «الروس قالوا إنهم جاءوا إلى سوريا وسيخرجون سريعًا، لكن يظهر أن الاتفاقية التي أبرموها مع بشار الأسد طويلة الأمد». وقال: «بتقديري إن الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا لن يسمحوا بأن تقع سوريا في قبضة الروس، وأن ينجح الجسر الجوي في وضع شرق البحر المتوسط تحت الهيمنة الروسية»، مذكرًا بأن «ستالين لم يستطع أخذ الشرق الأوسط». وأكد أن «مطار رميلان ليس إلا رأس جبل الجليد، وهو أقل بكثير مما يحضر على الأرض، ونلاحظ الآن بدء فرض حدود جوية على موسكو في سوريا بدءًا بقطع جسرها الجوي».
ولا يخفي الخبير العسكري السوري عبد الناصر العايد، أن سوريا «تحولت منذ زمن طويل إلى مجرّد ساحة للصراعات الإقليمية والدولية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ أشهر أقرّ الأميركيون بوجود 50 خبيرًا عسكريًا لهم في سوريا، ويبدو الآن أن المسألة باتت أكبر من موضوع الخبراء، وهذا يعني أنهم يقولون للروس نحن لن نترك لكم الميدان، وسنحافظ على نفوذنا في سوريا».
ويشير العايد إلى أن «مطار رميلان ليس إلا قاعدة رمزية للأميركيين الذين يريدون منه مهبط لطائراتهم، لكن بالتأكيد لن يكون تهديدًا للنفوذ الروسي في سوريا، خصوصًا وأنهم لا يستطيعون أن ينشئوا قاعدة جوية كبيرة شبيهة بمطار حميميم، التي أنشأتها موسكو بموجب اتفاق وقعته مع بشار الأسد الذي تعتبره يمثل الشرعية في سوريا، بينما تعجز الولايات المتحدة عن توقيع هكذا اتفاق مع الأكراد لأنهم لا يمثلون الشرعية في سوريا».
الخبير العسكري يؤكد أن «الولايات المتحدة غير منزعجة من الدور الروسي في سوريا، لأنها تريد لموسكو أن تغرق أكثر في المستنقع السوري، وتستقطب التطرف إلى المنطقة بشكل أكبر».
إلى ذلك، أفادت معلومات بأن روسيا نشرت في الساعات القليلة الماضية قوة بحرية في المتوسط لحماية قاعدتها في حميميم، في الساحل السوري. هذا التطور رأى فيه أما المحلل السياسي سمير التقي «تثبيت للاحتدام العسكري في المنطقة». وأشار إلى أن «القطع البحرية الروسية باتت أكثر من القطع العائدة للحلف الأطلسي». وقال: «هذا الحشد ليس موجهًا ضد (داعش) بل موجه تحديدًا إلى تركيا وفيه عرض عضلات وتهديد مباشر لأنقرة ودورها في سوريا».
أما العابد، فاعتبر فيه «رسالة ليست موجهة إلى المعارضة السورية، إنما إلى الدول الإقليمية وبالأخص تركيا لسببين، الأول أن روسيا تعتقد أن تركيا زودت الثوار بصواريخ بعيدة المدى ومتطورة تستهدف عبرها مطار حميميم، وبدأت تلوح لتركيا بعمل ما، والسبب الثاني، تحذير لأنقرة من احتمال التورط بعمل بري في سوريا انطلاقًا من جرابلس والتلويح بأنها قادرة على تهديدها بأسطولها البحري في المتوسط».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.