مصادر دبلوماسية فرنسية: باريس لا ترى فائدة من مفاوضات لا تتوافر لها شروط النجاح

أبدت شكوكًا في رغبة موسكو وطهران بالضغط على النظام السوري

حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وصلت إلى ميناء زايد في أبوظبي أمس ضمن جولة لها في المنطقة (إ.ب.أ)
حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وصلت إلى ميناء زايد في أبوظبي أمس ضمن جولة لها في المنطقة (إ.ب.أ)
TT

مصادر دبلوماسية فرنسية: باريس لا ترى فائدة من مفاوضات لا تتوافر لها شروط النجاح

حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وصلت إلى ميناء زايد في أبوظبي أمس ضمن جولة لها في المنطقة (إ.ب.أ)
حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وصلت إلى ميناء زايد في أبوظبي أمس ضمن جولة لها في المنطقة (إ.ب.أ)

تريد فرنسا أن تكون 2016 «سنة الانتقال السياسي» وفق التعبير الذي استخدمه الرئيس فرنسوا هولاند أمس في الكلمة التقليدية التي ألقاها أمام السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد في باريس. وتريد باريس كذلك انطلاق المفاوضات في جنيف باعتبارها الطريق إلى ذلك، كما أنها تريد من المعارضة السورية التي شكلت وفدها المنبثق من أعمال مؤتمر الرياض في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن تشارك في المفاوضات. لكنها لا تريد لها أن تذهب إلى طاولة المفاوضات وهي في وضع ضعيف. لذلك، فإنها تتفهم المطالب أو الشروط التي ترفعها هذه المعارضة «وقف القصف ضد المدنيين، ورفع الحصار عن المدن والبلدات، وإطلاق سراح الموقوفين وتنفيذ خطوات بناء الثقة المنصوص عليها في القرار الدولي رقم 2254..». لكن باريس تسير على حبل مشدود؛ إذ إنها من جهة تدعم المعارضة في موقفها المتشدد من شروط التفاوض الذي لا يشمل فقط تشكيل وفدها والاعتراضات الآتية من النظام ومن روسيا. وفي الوقت نفسه، تحرص على أن لا تحمل المعارضة مسؤولية عدم انعقاد المفاوضات في جنيف مما يعني استمرار الحرب لشهور وربما لسنوات.
تقول المصادر الدبلوماسية الفرنسية إن ما لا تريده باريس هو «تكرار التجربة الفاشلة» لمفاوضات جنيف 2 لأن ذلك يعني «إغلاق باب التفاوض لشهور طويلة». ولذا، ثمة حاجة لتوفير الظروف لمفاوضات «جدية بحيث لا تبدأ المفاوضات ثم تنتهي في اليوم الذي يليه أو الذي بعده». وفي هذا السياق، تحث باريس فرنسا المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا على «الاستفادة» من الإنجاز المهم الذي تحقق في مؤتمر الرياض في موضع تشكيل وفد المعارضة والبناء عليه لأن المؤتمر المذكور «جمع أوسع تمثيل سياسي وعسكري» للمعارضة. وفرنسا «تعمل مع هيئة التفاوض ومع وفدها». ويترافق هذا الجانب مع تركيز باريس على الوضع الميداني والحاجة لتحقيق عدد من الالتزامات المنصوص عليها في القرار الدولي ومنها وصول المساعدات الإنسانية لكل المدنيين ورفع الحصار وتوقف النظام وروسيا عن استهدافهم. وحجة باريس التي تعي أن التوصل إلى وقف شامل وكامل لإطلاق النار لا يمكن أن يتحقق من غير إحراز تقدم ذي معنى في الملفات السياسية الرئيسية، متيقنة من أن استمرار الوضع الميداني على حاله «سيعني تفسخ إنجاز الرياض لأن الفصائل المسلحة لن تجلس إلى طاولة المفاوضات والمدنيون يردون يوميا». ولذا تعتبر أن المعارضة محقة في مطالبها وهي توفر لها الدعم بهذا الخصوص كما في مطالبتها في أن تنطلق المفاوضات على أساس وجود أجندة واضحة ودقيقة تلحظ بوضوح عملية الانتقال السياسي. ومرة أخرى، كرر الرئيس الفرنسي أن باريس لا ترى أن رئيس النظام السوري «يمكن أن يكون هو مستقبل سوريا» بمعنى أن يبقى في السلطة.
لكن المصادر الدبلوماسية الفرنسية تعي أن جنيف سيكون مصيرها الفشل ما لم تمارس الأطراف الفاعلة ضغوطا على النظام، مشيرة إلى أن مفاوضات جنيف 2 فشلت لأن هذه الضغوط كانت غائبة. وتتساءل باريس عما إذا كانت موسكو راغبة وجاهزة للعب هذا الدور، وتسرع في الإجابة سلبا مستدلة على ذلك من اعتراضات موسكو على وفد المعارضة، وخصوصا من دلالات الأهداف التي تقصفها طائراتها، ومن الدعم غير المشروط الذي توفره للنظام. والأمر نفسه ينطبق على قراءة باريس لموقف طهران. وتعول باريس على المحادثات التي سيجريها الرئيس حسن روحاني في العاصمة الفرنسية يوم 28 الحالي مع الرئيس هولاند لتعرف حقيقة «ما إذا كانت القيادة الإيرانية ستلعب الدور الإيجابي الذي ينتظره منها الجميع» في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي الأخير. وتقول مصادر فرنسية أخرى إنها «لم تلحظ» حتى الآن مؤشرات تدفع إلى التفاؤل بدور إيراني إيجابي في المستقبل القريب. يبقى النظام وماهية المواقف التي ستصدر عن وفده. وفي هذا السياق، ترى باريس أن تعيين بشار الجعفري لإدارة الوفد السوري «لا تنبئ» بأنه راغب في الحل، ولا تعتقد أن الجعفري ستكون له صلاحيات للتفاوض في العمق وللقيام بالخيارات الصعبة.
لا تدفع القراءة والتوقعات الفرنسية لكثير من التفاؤل بما يمكن أن يصدر عن مفاوضات جنيف الموعودة. كما أن قلق باريس يذهب أبعد من ذلك؛ إذ إنها «تتخوف» من استعداد الوزير الأميركي جون كيري «لمزيد من التنازلات» في الملف السوري لإرضاء موسكو بشأن تشكيل وفد المعارضة أو بشأن المواضيع الخلافية الأخرى وأهمها مصير الرئيس السوري الذي يبدو أن واشنطن «غير مستعجلة» على رحيله من المشهد السياسي. وأفادت المصادر الدبلوماسية أن الوزير فابيوس سيتصل بكيري لترتيب كل المسائل معه.
يجادل كثيرون في موضوع غض باريس النظر عن غياب الأكراد وتحديدا حزب الاتحاد الديمقراطي عن وفد التفاوض المنبثق عن مؤتمر الرياض. والجواب الفرنسي مزدوج: فمن جهة، ترى باريس أنه لا يتعين «تخريب» ما توصلت المعارضة إليه في العاصمة السعودية، ومن جهة ثانية أن الحزب المذكور غير معتبر أنه ينتمي إلى المعارضة، فضلا عن أن جهات كردية أخرى كانت موجودة في الرياض. كذلك، فإن باريس ترفض الفيتو الروسي على بعض من شارك في المؤتمر المذكور وتحديدا جيش الإسلام وأحرار الشام حيث تعتبرهما من التنظيمات الإرهابية. ثم جاء تعيين محمد علوش في موقع رئيسي في وفد التفاوض ليزيد من الانتقادات الروسية. ورد باريس أن كل المجتمعين في الرياض قبلوا وتبنوا خطة عمل تقوم على مبادئ منها «ليس لنا مآخذ عليها» حول وحدة سورية وعلمانيتها وديمقراطيتها والمحافظة على مؤسسات الدولة وإصلاحها، وغيرها من المبادئ التي لا نجد غبارا عليها. وأبعد من ذلك، لا تعترف باريس بدور لروسيا في تشكيل وفد المعارضة، كما أنها تعارض وجود وفدين للمعارضة؛ لأن ذلك من شأنه إضعافها، وإعطاء النظام ورقة اللعب على حبل التناقضات والخلافات.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.