بري وجنبلاط «يهربان» من تسمية عون مرشحًا

«القوات» و«التيار الوطني» يفشلان في إقناع حلفائهما بخياراتهما الرئاسية

بري وجنبلاط «يهربان» من تسمية عون مرشحًا
TT

بري وجنبلاط «يهربان» من تسمية عون مرشحًا

بري وجنبلاط «يهربان» من تسمية عون مرشحًا

دخل ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية «ثلاجة الانتظار» مع إعطاء كل فريق من الفرقاء نفسه هامشا للمناورة في اتخاذ موقف من ترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع خصمه السابق والحليف الأكبر لـ«حزب الله» العماد ميشال عون لمنصب رئيس الجمهورية الشاغر منذ مايو (أيار) 2014، بسبب خلافات قوى «8 آذار» المتحالفة مع إيران وسوريا و«14 آذار» وعجزهما عن التوصل إلى اسم لمرشح توافقي.
وبينما بدأ يظهر أن توافق عون - جعجع غير قادر على إنتاج رئيس للجمهورية، في ظل عجز الطرفين عن إقناع حلفائهما بهذا التوافق الذي أثار استغراب الكثيرين، لما يحمله تاريخ الزعيمين المسيحيين من صراعات ودماء. فجعجع لم ينجح في إقناع حليفه «تيار المستقبل» في تبني ترشيح عون، حيث بقي هذا الفريق مستمرا في ترشيح حليف عون النائب سليمان فرنجية، كما لم ينجح عون في إقناع رئس مجلس النواب نبيه بري في الموافقة على التصويت له، حيث بدا أن الأخير ما يزال متمسكا بترشيح فرنجية، كما لم ينجح عون في إقناع «الوسطي» النائب وليد جنبلاط بتصويته وكتلته (11 نائبا) له، حيث هرب جنبلاط مجددا إلى ترشيح عضو كتلته النائب هنري حلو، في إشارة منه إلى استعداده لتوفير النصاب القانوني للجلسة من دون التصويت لأي من المرشحين، أما حزب الكتائب اللبنانية فقد تهرب من اتخاذ موقف من الموضوع، مؤجلا موعد اجتماع مكتبه السياسي أكثر من مرة، غير أن مصادر عدة رجحت أن يذهب الحزب في اتجاه تأييد فرنجية.
وقد أعربت كتلة اللقاء الديمقراطي التي يرأسها جنبلاط عن ترحيبها بـ«التقارب الحاصل بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر»، معتبرة أن «المصالحة المسيحية - المسيحية هي خطوة هامة على مستوى تعزيز مناخات التفاهم الوطني». وأعلنت الكتلة في بيان صدر بعد اجتماع للكتلة برئيس النائب وليد جنبلاط «استمرار ترشيح عضو اللقاء النائب هنري حلو الذي يمثل خط الاعتدال ونهج الحوار»، مثمنة على «خطوة ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية باعتبارها تشكل مخرجًا من الأزمة». ولفتت إلى أن الترشيح الحاصل من قبل رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون يلتقي أيضًا مع المواصفات التي تم الاتفاق عليها في هيئة الحوار الوطني التي يديرها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مع التأكيد أن هذه المواصفات لا تلغي دور المعتدلين في الحياة السياسية اللبنانية، مذكرة بترحيبها بـ«أي خطوة من شأنها أن تحرّك النقاش في الاستحقاق الرئاسي الذي يبقى إنجازه مدخلاً رئيسيًا لإعادة الانتظام لعمل المؤسسات الدستورية ويفسح المجال للالتفات إلى الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المتفاقمة التي تهم اللبنانيين جميعًا».
وفي ظل هذه الاصطفافات تتجه الأنظار إلى موقف النائب فرنجية الذي ما يزال مصرا على ترشيح نفسه بدعم من تيار «المستقبل» وبقية قوى «8 آذار» باستثناء «حزب الله» الذي أعلن التزامه بعون، غير أن جعجع غمز من قناة التزام الحزب بعون، من خلال عدم ضغطه على حلفائه لتأييد عون، خصوصا بري الذي أعلن أنه «يترك الحرية لأعضاء كتلته (12 نائبا) بعد تصريح اعتبر فيه أن اتفاق عون - جعجع ليس كافيا لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وقال متابعون للملف الرئاسي، من الجهة المعارضة لحزب الله، إن تمسك فرنجية بترشيحه لا يعني سوى أنه لن يتعرض لضغوطات من قبل «حزب الله» أو من الرئيس السوري بشار الأسد الذي تربطه به علاقة قوية من أجل الانسحاب لعون. وأكد هؤلاء وجود خطة عمل واضحة لفرنجية، تقضي بإبلاغه عون أنه سيوافق على الحضور إلى البرلمان والتصويت له في الدورتين الأولى والثانية، شرط أن يصوت عون له في الدورة الثالثة إذا لم يستطع الأخير تأمين الأصوات اللازمة لانتخابه. ويبدو من خلال قراءة المواقف الأولية أن حياد جنبلاط سيعني تلقائيا أن أيا من الطرفين لن يكون قادرا على تأمين الأصوات اللازمة، مع أرجحية لفرنجية الذي ينتظر تبلور صورة المواقف قبل اتخاذه أي قرار بالمضي في المعركة أم الانسحاب منها. وقالت مصادر متابعة إن فرنجية يريد معرفة التأييد الذي قد يناله في الشارع المسيحي قبل الذهاب نحو أي خطوة، فهو يمتلك عددا قليلا من النواب، لكن وقوف الكتائب والنواب المسيحيين المستقلين (المقربين من تيار المستقبل) ومسيحيي قوى «8 آذار» بجانبه قد تدفعه للمضي في ترشيحه، أما انفضاض هؤلاء عنه فسيدفعه للانسحاب لأنه قد يرى حينها أنه وحيد في الساحة المسيحية مقابل التحالف القوي مسيحيا لعون وجعجع.
وقال المسؤول الإعلامي في تيار «المردة»، الذي يرأسه فرنجية، المحامي سليمان فرنجية إن «ترشيح جعجع لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» عون هو حدث مهم لكن لا يعني أن هناك حالة جديدة، لافتًا إلى أن «عون لديه أكبر كتلة مسيحية في المجلس النيابي، لكن دعم القوات له لا يعني أنه على المسيحيين كافة دعمه وترشيح جعجع غير كافٍ لقول إنه على رئيس (المردة) النائب سليمان فرنجية سحب ترشيحه». وأشار إلى أنّ الصورة اليوم هي أن الأكثرية المطلقة من المجلس النيابي تؤيد ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، أما العماد عون فهو يحوز على ما دون هذه النسبة.
، وقال: «اليوم إذا كان هناك نقاش بأحقية العماد عون الترشح لرئاسة الجمهورية ضمن فريقنا السياسي فنحن نعتبر من حيث المبدأ أن فرنجية لا يزال مستمرا بترشيحه ولا عودة عن الترشيح إلا في حالة واحدة ودائما في الإطار الموضوعي، وذلك بأن يتم التفاهم مع العماد عون بأن يتعهد بدعم ترشيح الوزير فرنجية فيما لم يحالفه الحظ، أما فيما خص المدة الزمنية فتقررها قيادتا التيار الوطني الحر والمردة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.