توقعات بفقدان الشركات «وحيدة القرن» لقرونها مع تهاوي أسواق الأسهم

الشركات الناشئة المقيّمة بمليار دولار فما فوق في عين الإعصار

جانب من تداولات بورصة نيويورك (رويترز)
جانب من تداولات بورصة نيويورك (رويترز)
TT

توقعات بفقدان الشركات «وحيدة القرن» لقرونها مع تهاوي أسواق الأسهم

جانب من تداولات بورصة نيويورك (رويترز)
جانب من تداولات بورصة نيويورك (رويترز)

باتت حروب الشركات «وحيدة القرن» وشيكة، بعد أن أجبر التراجع في الأسواق أصحاب الأسهم المرتفعة على البحث عن المال بقيم أدنى من المستويات السابقة التي كانت تتعدى المليار دولار في ما يسمى بعملية «الحرق».
وسواء كنت مراقبا أو طرفا في العملية، إليك بعض التوقعات بشأن الصدامات القادمة بين الموظفين والمؤسسين والمستثمرين.
سوف تكون أكبر معارك عمليات الحرق بين المساهمين أصحاب الأسهم المشتركة وأصحاب الأسهم المفضلة. وسوف تنشأ المعركة نتيجة للطريقة التي تدار ويستثمر بها رأس المال في المشروع، وغالبا ما يمتلك الموظفون والمؤسسون أسهما مشتركة أدنى من الأسهم المفضلة التي يمتلكها أصحاب رؤوس المال في المشروع. وتتميز الأسهم «المفضلة» بميزة حق اختيار صاحبها لدرجة السيولة ومنع تذبذبها، في حين لا تتمتع الأسهم المشتركة بتلك الحماية، ومن الممكن تحويل الأسهم «المفضلة» إلى مشتركة بسعر يعكس القيمة السوقية لأسهم الشركة وقت الاستثمار.
يحق لمالكي الأسهم المفضلة الحصول على حد أدنى من السعر في حال طرح الشركة للبيع، وحتى من الممكن طرح الأسهم في أي مناقصة عامة كما حدث مع شركة «سكوير آي بي أو».
وفي حال وجود مال جديد في وقت التقييم المتدني، تمنح الأسهم المحمية من التذبذب ميزة تعويض المساهمين ممن تعرضت أسهمهم للهبوط الحاد، والتعويض هو تحويل الأسهم من مفضلة إلى مشتركة بسعر التقييم المتدني.
غير أن هذين الحقين يوجهان لكمة قوية للأسهم المشتركة، وفي حال تدني القيمة لمستوى دون الأسهم التفضيلية، يتم إلغاء كل استثمارات الأسهم المشتركة. وحتى لو لم يحدث ذلك، فسوف تظهر حقوق منع التذبذب وتقفز من خلف الأسهم المشتركة.
وتضرب عملية الحرق كلا من الموظفين والمؤسسين بعنف بعدما تتبخر مكتسباتهم التي تحصلوا عليها بعد عناء.
ونتيجة لذلك يتحتم على رؤساء مجالس الإدارة في تلك الشركات تحاشي الدعاوى القضائية. فعند بيع شركة «غود تكنولوجي» مؤخرا بسعر يقل عن نصف آخر تقييم لها، تحطمت قيمة الأسهم العادية، ولم يتحصل الموظفون على شيء. والآن هناك دعوى قضائية مرفوعة من قبل المساهمين، غالبيتهم من الموظفين، يدعون فيها أن مجلس إدارة شركة «غود تكنولوجي» فشل في إنقاذ قيمة الأسهم المشتركة.
ربما تكون للمساهمين بشركة «غود تكنولوجي» قضية بالفعل، ففي حكم المحكمة الصادر في قضية ديلوير الشهيرة استنتج جي ترافيس لستر، نائب القاضي، أنه عندما تباع شركة ما فإنه يتحتم على مجلس إدارتها التفكير في مصلحة كل من الأسهم المفضلة والأسهم المشتركة على حد سواء، حيث إنه ليس من العدل إلغاء الأسهم المشتركة من دون النظر للنتائج المترتبة على ذلك.
ولذلك، علينا أن نتوقع من مجالس الإدارات التفكير بحذر عند تقرير عملية الحرق. وتحاول مجالس الإدارات أن تغطي المشكلات بأن تسمح لجميع المساهمين، بمن فيهم الموظفون، بالاستثمار في عملية الحرق.
قد تكون هناك أيضا بعض المحاولات الفاترة لجعل أصحاب الأسهم المفضلة يتنازلون عن حقوقهم المحمية من التذبذب، لكن يجب أن يتم ذلك بالإجماع، ولذلك لا تتوقع أن يتكرر ذلك كثيرا. سوف تعمل مجالس الإدارات كذلك على تعيين مستشارين كي توضح أن هذا الأمر يحقق العدالة للموظفين، وأنه لا يوجد خيار آخر غير عملية الحرق بتخفيض قيمة الأسهم المشتركة. وعلينا أن نتوقع من المستشارين الماليين أن يوافقوا الرأي بأنه ليس هناك حل آخر.

الموظفون أمام المال الجديد
يقود ذلك للمعركة الجديدة التالية: وادي السليكون هو المكان الذي يعتبر الفشل فيه فضيلة. لن يمكث الموظفون في أماكنهم طويلا إن رأوا قيم أسهمهم تتبخر أمامهم، وسوف ينتقلون لنقطة انطلاق أخرى للحصول على فرص أفضل هناك.
تعطي عملية الإحراق مؤشرا بـ«فشل» الشركة، وبأن عملياتها لا تسير بشكل جيد. ومن الأمور الشائكة في التعامل مع الإحراق هو كيف أن شركة كانت كبيرة يوما ما تستمر في الاحتفاظ بموظفيها بعد أن حطمت قيم أسهمهم.
في بعض الحالات لا يحالف الحظ الموظفين، ولا يتحصلون على شيء، وهذا غالبا ما يحدث أكثر في حال بيعت الشركة بأقل من القيمة الفعلية مما لو جمعت المال من عملية حرق الأسهم. لكن حتى لو أن للأسهم المشتركة بعض القيمة فسوف تكون القيمة أقل بكثير من حاجز المليار دولار.
على سبيل المثال، قامت شركة «جوبون» مؤخرا بعملية حرق بتخفيض قيمة أسهمها لأقل من نصف القيمة السابقة وهى 3 مليارات دولار، مما خلق المزيد من الأسهم المشتركة لموظفيها لتعويض خسائرهم. كذلك قامت شركة «فورسكوير» بعملية حرق وأعلنت أن ذلك تم بشكل ودي بالاتفاق مع موظفيها، في تلميح لإصدار أسهم مشتركة. بالنسبة لحاملي الأسهم المفضلة، لا يزال يتعين السداد لهم أولا قبل أن يتسلم الموظفون عائدات أسهمهم المشتركة. في الحقيقة تبدو تلك الإجراءات في النهاية أقرب للعلاقات العامة منها لعملة سداد حقيقية.
في حال لم تعد حوافز الأسهم خيارا متاحا بعدما أصبحت كل الأسهم ذات القيمة مملوكة للمستثمرين أصحاب الأسهم المفضلة، تصبح خطط الحافز النقدي وغيرها من الحوافز النقدية أمرا ضروريا. بالطبع، المشكلة هي أنها لا تعتبر بنفس جودة الأسهم النقدية وقدرتها على سداد التعويضات الكبيرة. ولذلك علينا أن نتوقع المزيد من المساومات والمحاولات من قبل الشركات التي تسعى لاسترضاء موظفيها وكسب ودهم.
غالبا سوف تفشل تلك المحاولات، فلن يرضى أحد أن يرد المال بعد أن يكون قد فاز باليانصيب. ولذلك ليس من باب المفاجأة أن بعض الشركات لا تحتمل عملية الحرق، ليس بسبب المال، لكن لأنها تعجز عن الاحتفاظ بموظفيها.

المال الجديد أمام القديم
هنا تنشب معركة بين المال الجديد والقديم، حيث يدخل حاملو الأسهم المفضلة الذين استثمروا أموالهم في أعلى عمليات السوق، في عراك مع المستثمرين الجدد في عمليات الحرق.
قد يتراجع المال القديم ويعتمد على حقوق منع التذبذب وحقوق السيولة المفضلة لحماية نفسه من المال الجديد. في أغلب الأحوال، يصبح هذا كافيا ويُشعر حاملي الأسهم المفضلة القديمة بشيء من الرضا ما دامت قيمة أسهم الشركة لم تقترب من منحدر الجبل.

المؤسسون أمام الجميع
شأنهم شأن الموظفين، سوف يكتشف المؤسسون أن كل هذا المال الذي توقعوه قد تبخر، وسوف يكون المال الجديد في موقف يتعين عليه تحديد ما إذا كان سيحتفظ بالمؤسسين أم لا. في حال بقي المؤسسون فسوف يمتلكون حصة أقل بكثير في الشركة، لكن سيتحتم عليهم بذل مجهود أكبر. وسوف يبدأ أصحاب الأسهم في المضي قدما لإدارة شركة أصبحت بالكاد تقف على قدميها بعد أن أثقلتها عمليات الحرق. شاقة تلك المهمة على كبرياء شركة عمرها 20 أو حتى 30 عاما.
يشير كل هذا إلى أن زمن الانتعاش قادم لشركة «سليكون فالي»، بعد أن أصبح وحيد القرن حمارا، وحيث سيهب المحامون لفتح ملفاتهم التي علاها الغبار ليعملوا على تحديد أطر عمليات الحرق وتجنب تلك الحرب الشاملة. وفي المفاوضات سوف يحاول المحامون تحقيق التوازن بين تلك المصالح بتقطيع الكعكة إلى قطع صغيرة لتوزيعها على الموظفين غير السعداء والمستثمرين والمؤسسين.
والهدف ليس أن نرى إمكانية رفع الأسهم لحاجز المليار دولار، لكن للتأكد مما إذا كانت هناك فائدة مرجوة من انفجار فقاعة وحيد القرن، أم لا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».