وكالة الأمن الوطني الأميركية تؤكد احترام قانون التنصت للحريات وحماية الخصوصيات

في ظل استمرار الجدل حوله بعد شهرين من إقراره

وكالة الأمن الوطني الأميركية تؤكد احترام قانون التنصت للحريات وحماية الخصوصيات
TT

وكالة الأمن الوطني الأميركية تؤكد احترام قانون التنصت للحريات وحماية الخصوصيات

وكالة الأمن الوطني الأميركية تؤكد احترام قانون التنصت للحريات وحماية الخصوصيات

مع استمرار انهيال الانتقادات على تجاوزات وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه) لجمعها تسجيلات الاتصالات الهاتفية داخل الولايات المتحدة، أصدرت الوكالة بيانا يؤكد أن جمع التسجيلات «يحترم معايير الخصوصية والحريات المدنية».
وأوضح البيان، الذي نقلته وكالة «رويترز»، أن البرنامج «يلتزم بشكل مرض بثمانية معايير للخصوصية»، وأن منها الشفافية في الاطلاع عليه، وخضوعه للرقابة، وتقليل حجمه، وتحاشي خرق حريات المواطنين وخصوصياتهم. وحسب قانون حل محل قانون «باتريوت»، ويوصف بأنه «باتريوت 2»، وبدأ تنفيذه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن أجازه الكونغرس، أنهت «إن إس إيه» برنامج التجسس اليومي على اتصالات ملايين الأميركيين، الذي كان يشمل أرقام الهاتف، ومدة الاتصالات داخل وخارج الولايات المتحدة. وكان يشمل، أيضًا، الحصول على المعلومات دون الاتصال بشركات الاتصالات وشركات الإنترنت.
وكانت لجنة شكلت لدراسة هذا البرنامج، الذي كشفه المتعاقد السابق مع الوكالة إدوارد سنودن عام 2013. وحسب تقرير اللجنة، لم يكن البرنامج «وسيلة فعالة لمكافحة الإرهاب»، وانتقدت البرنامج القديم، أيضًا، منظمات حقوق الإنسان، والحريات المدنية، وحماية خصوصيات المواطنين. وانتقدته، أيضًا، شركات الكومبيوتر والإنترنت.
أما البرنامج الجديد، فيحتّم على «إن إس إيه»، وأي وكالة تحقيقات واستخبارات أخرى، أن تحصل على أمر قضائي قبل بداية تسجيل الاتصالات، وأن تطلب الإذن من شركات الاتصالات. كما حددت فترة إذن التنصت في ستة شهور، يتوجب عليها الحصول على إذن جديد. وأن تخزن المعلومات في شبكات هذه الشركات، لا في شبكات «إن إس إيه».
يذكر أنه في العام الماضي، وبأغلبية 67 صوتًا مقابل 32، أجاز الكونغرس قانون «فريدوم» (الحرية)، الذي حل محل قانون «باتريوت» (الوطنية).
وبينما اعتبر القانون الجديد انتصارًا للسيناتور الجمهوري المعتدل راند بول، اعتبر هزيمة لقيادة الحزب الجمهوري اليمينية، وعلى رأسها السناتور متش ماكدونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ في ذلك الوقت. وبهذا الصدد، قال ماكونيل: «لن يحمي هذا القانون الجديد المواطن الأميركي. بل سيزيد تعرضه للإرهاب والإرهابيين. في وقت زادت فيه قوة (داعش)، هذا أسوأ وقت لتغيير قانون (باتريوت)».
وعرقل بول التصويت على مشروع قانون وضعه ماكونيل، وقاد حملة حزبية مزدوجة للحصول على تأييد من الرئيس باراك أوباما. وقال: «نظل قادرين على القبض على الإرهابيين حسب الدستور. كان يجب إنهاء برنامج التجسس غير القانوني التابع لوكالة الأمن الوطني. أنا مستعد لتأييد أي برنامج لمكافحة الإرهاب دون التخلي عن حريتنا».
وقبيل التصويت، ألقى بول خطابًا طويلاً استمر 10 ساعات في مجلس الشيوخ احتجاجًا على برنامج التجسس الجماعي، ودفاعًا عن البرنامج الجديد.
وكان من بين المعارضين لإلغاء قانون «باتريوت»، رغم أنه لا بد أن يطبق القانون الجديد، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون برينان. في ذلك الوقت قال: «لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بتقليص نظام المراقبة»، وأضاف، في مقابلة مع تلفزيون «سي بي إس»: «إذا نظرتم إلى الهجمات الإرهابية المروعة والعنف الذي يحدث في العالم، ستجدون أننا نحتاج لإبقاء بلدنا آمنًا. تذكروا أن محيطاتنا (مثل الهادي والأطلسي) لا تبقينا سالمين كما كانت قبل قرن. وتذكروا أن جماعات مثل (داعش) تتابع التطورات هنا في واشنطن بدقة كبيرة. وتبحث عن وسائل للتحرك».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.