ليبيا: حكومة ثالثة بنكهة الإخوان وبتأييد دولي.. وعقبات في الداخل

بلدية البيضاء تمهل حكومة الثني 24 ساعة قبل طردها

ليبيا: حكومة ثالثة بنكهة الإخوان وبتأييد دولي.. وعقبات في الداخل
TT

ليبيا: حكومة ثالثة بنكهة الإخوان وبتأييد دولي.. وعقبات في الداخل

ليبيا: حكومة ثالثة بنكهة الإخوان وبتأييد دولي.. وعقبات في الداخل

أخيرا ظهر الدخان الأبيض في ليبيا، بعدما أعلن أمس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني قائمة تشكيل الحكومة، تتضمن 32 حقيبة وزارية، بينما حثت مصر وإيطاليا بالإضافة إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر، مجلس النواب الموجود في طبرق بأقصى الشرق الليبي على ضرورة اعتماد الحكومة التي تهدف إلى توحيد الفصائل المتحاربة في البلاد بموجب خطة تدعمها الأمم المتحدة.
وخلافا لما كان متوقعا، فقد خلت قائمة الحكومة من اسم الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، الذي كان يفترض أن يتولى حقيبة الدفاع، حيث ذهبت إلى المهدي البرعثي أحد ضباط الجيش من مدينة بنغازي.
وتضم الحكومة الجديدة نحو عشرين وزيرا على الأقل من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين أو الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وفقا لما اتضح في سيرهم الذاتية التي تداولها ناشطون ليبيون على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه هي ثالث حكومة في ليبيا، التي تعاني أساسا من نزاع سياسي وعسكري بين حكومتين تتنازعان على السلطة، إحداهما في شرق البلاد ومعترف بها دوليا والثانية في العاصمة طرابلس ولا تحظى بأي اعتراف دولي، لكنها موالية للميلشيات المسلحة.
وجاءت هذه التطورات بينما طالب المجلس البلدي لمدينة البيضاء التي تتخذها الحكومة الانتقالية في ليبيا برئاسة عبد الله الثني مقرا لها، بمغادرة المدينة وإخلاء جميع مقراتها الرسمية والحكومية في المدينة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شمال شرقي مدينة بنغازي.
وأصدر المجلس البلدي للمدينة قرارا ينص على طرد الحكومة خلال 24 ساعة، بينما قال علي حسين عميد البلدية إنه يتعين على حكومة الثني الخروج من المدينة فورا، واتهمها بالفشل في تلبية احتياجات المواطنين. وامتنع حاتم العريبي الناطق باسم حكومة الثني عن التعليق، مكتفيا بالقول: «نعتقد أنها مجرد تهديدات فقط».
واضطرت حكومة الثني للهرب من العاصمة طرابلس العام الماضي واتخاذ مدينة البيضاء مقرا لها بعد تعرض مقرها لعمليات اقتحام وتلقي وزرائها تهديدات بالقتل.
وكان مجلس حكومة السراج قد أعلن من مقره المؤقت في تونس عن قائمة الحكومة الجديدة بعد تأجيل لمدة يومين، وخلافات بشأن توزيع الحقائب الوزارية، لكن سبعة فقط من أعضاء المجلس التسعة وقعوا أمس على قرار تشكيل الحكومة، ما يعني أن هناك انقساما واضحا بين أعضاء المجلس الرئاسي حول لقائمة الوزارية.
ورحب رئيس بعثة الأمم المتحدة بشدة بالتشكيل كخطوة هامة للأمام سعيا لإنهاء الانقسامات السياسية والنزاع المسلح. وقال كوبلر في بيان له: «هذه فرصة ذهبية لليبيين ليجتمعوا معا لبناء بلدهم. إن تشكيل حكومة الوفاق الوطني وثبة هامة في المسار إلى السلام والاستقرار في ليبيا. أنا أهنئ الشعب الليبي، ولا يزال أمامنا عمل شاق». وتابع: «أدعو أعضاء مجلس النواب إلى إعلاء المصلحة الوطنية للبلاد فوق كل الاعتبارات والانعقاد بأسرع وقت لمناقشة اعتماد الحكومة المقترحة».
كما أعلن وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني بالحكومة الجديدة أن الأمر يتعلّق بخطوة حاسمة رغم أنها جرت في إطار لا يزال سريع العطب. وقال: «من الأساسي الآن أن يقرّ المجلس النيابي في طبرق وفي وقت قصير قائمة أعضاء الحكومة». وتابع في بيان نشرته وزارة الخارجية الإيطالية عبر موقعها الإلكتروني الرسمي: «نحن أمام فرصة حقيقية لتوطيد الاستقرار في البلاد يجب على الجميع الاستفادة منها. إيطاليا مستعدة لأداء دورها في دعم ليبيا».
وأعلن باولو أنه التقى أمس الممثّل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا الذي قال إنه وافقه على أنّ إعلان قائمة الوزراء يُعَدّ تقدّمًا حاسمًا يجب على جميع الفرقاء الليبيين اعتباره بمثابة بداية مرحلة إيجابية للبلاد.
وتأمل القوى الغربية أن تتمكن الحكومة الجديدة من تحقيق الاستقرار ومعالجة خطر متنامٍ يمثله تنظيم داعش.
لكنّ كثيرا من أعضاء البرلمانين لم يدعموا الحكومة الجديدة، ويقول المنتقدون إن الخطة لا تمثل بشكل متناسب جميع الجماعات والفصائل في البلاد، ولم يتضح كذلك كيف أو متى ستتمكن الحكومة من تكريس سلطتها في ليبيا.
واستضاف مقر الخارجية الإيطالية أمس اجتماعا رسميا لموظفين رفيعي المستوى حول ليبيا، هو بمثابة تكملة عملية للاجتماع الوزاري الذي جرى في الشهر الماضي في روما، والذي شارك فيه ممثلو 18 بلدًا، و3 منظمات دولية.
وقالت الخارجية الإيطالية إن الاجتماع تمحور «على الدعم الواجب تقديمه للمؤسسات الليبية في القطاعات السياسي، الاقتصادي والإنساني لضمان النموّ في المستقبل. طُرِحت على طاولة النقاش أيضًا المسائل المتعلقة بالضرورات الأمنية».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية على لسان الناطق الرسمي باسمها المستشار أحمد أبو زيد ترحيبها بتشكيل حكومة الوفاق الوطني الليبية باعتبارها خطوة هامة على مسار تنفيذ اتفاق الصخيرات، معربًا عن تطلع مصر إلى اعتماد مجلس النواب الليبي لتشكيل الحكومة وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات.
ودعا جميع الأطراف الليبية إلى الاستمرار في بناء التوافق الوطني، ونبذ الخلافات، والتوحد وراء جهود مكافحة الإرهاب واستعادة الاستقرار والسلام إلى ليبيا.
في المقابل، رفضت كتلة السيادة الوطنية بمجلس النواب الليبي قرار مجلس حكومة السراج ووصفته بأنه باطل، مشيرة إلى أن الموقعين على الاتفاق الذي أدى إليها غير مخولين رسميا ولا يمتلكون صفة التوقيع على أي اتفاق سياسي.
ووقع أعضاء في برلماني السلطتين اللتين تتنازعان الحكم في ليبيا منذ عام ونصف عام، في مدينة الصخيرات المغربية، الشهر الماضي، اتفاقا سياسيا ينص على تشكيل حكومة وفاق وطني لكن لم يقره المجلس المعترف به دوليا في شرق البلاد أو مجلس طرابلس.
وحث المجتمع الدولي باستمرار على تشكيل حكومة الوفاق في ليبيا على أمل توحيد سلطات البلاد في مواجهة الخطر الجهادي المتصاعد فيها والمتمثل خصوصا في تنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت التي تبعد نحو 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، ويسعى للتمدد في المناطق المحيطة بها الغنية بآبار النفط.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.