الخليجيون على رأس الاستثمار العقاري في لندن رغم «مخاوف الفقاعة»

أصولهم فاقت 9 مليارات دولار خلال عام 2015.. وتخطت روسيا والصين

ضاحية كناري وورف التي تشهد طفرة عقارية كبرى في العاصمة البريطانية لندن (غيتي)
ضاحية كناري وورف التي تشهد طفرة عقارية كبرى في العاصمة البريطانية لندن (غيتي)
TT

الخليجيون على رأس الاستثمار العقاري في لندن رغم «مخاوف الفقاعة»

ضاحية كناري وورف التي تشهد طفرة عقارية كبرى في العاصمة البريطانية لندن (غيتي)
ضاحية كناري وورف التي تشهد طفرة عقارية كبرى في العاصمة البريطانية لندن (غيتي)

بالتزامن مع الجولة الخليجية التي يقوم بها عمدة حي المال والأعمال في لندن اللورد جيفري ماونت - إفنز وتشمل السعودية والكويت والإمارات على رأس وفد اقتصادي بريطاني رفيع، مستهدفا تشجيع الاستثمارات الخليجية في العقار البريطاني، كشفت تقارير بحثية بريطانية خلال الأيام الماضية أن مستثمري قطر والإمارات والكويت تصدروا قائمة المستثمرين الأجانب من حيث شراء أشهر عقارات العاصمة البريطانية خلال العام الماضي، بحجم استثمارات يصل إلى نحو 6 مليارات جنيه إسترليني (نحو 9 مليارات دولار)، وذلك رغم المخاوف التي تسود وسط قطاع المحللين من حدوث هبوط حاد بأسعار السوق العقارية البريطانية عقب طفرتها التي استمرت على مدار السنوات السابقة.
وأوضح اللورد ماونت - إفنز في تصريحات نقلتها «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي أنه سيزور الخليج على رأس وفد مكون من نحو 35 اقتصاديا بريطانيا، وذلك بهدف تعزيز العلاقات بين بريطانيا والدول الخليجية، وحماية المصالح البريطانية وتشجيع تواصل الاستثمارات الخليجية في العقار البريطاني، والبنى التحتية وغيرها من المجالات الاقتصادية المحورية.
* استثمار خليجي بارز
وبالتزامن مع ذلك، أشارت تقارير تحليلية إلى أن الاستثمارات الخليجية العقارية، وخصوصا القطرية والإماراتية والكويتية، في بريطانيا تجاوزت 9 مليارات دولار (5.6 مليار إسترليني) في خلال الأحد عشر شهرا الأولى من عام 2015، مقارنة بنحو 7.2 مليار دولار فقط (4.8 مليار إسترليني) خلال عام 2014.
وأظهرت بيانات «ريال كابيتال أنالاتيكس»، التي تغطي المعاملات والصفقات العقارية التي تزيد قيمتها على مليوني جنيه إسترليني، وجرى تحليل نتائجها من قبل وكالة «سافيلس» العقارية البريطانية، أن المستثمرين الخليجيين سعوا لإبرام صفقات مدرة للدخل في لندن والمناطق المختلفة الأخرى في بريطانيا، لتعويض الخسائر الناجمة عن تراجع أسواق المال وأسعار النفط العالمية.
وأوضحت التحليلات أن هذه الاستثمارات تنتمي لأفراد من القطاع الخاص، ومؤسسات مثل صناديق الثروة السيادية. مشيرة إلى أن الصندوق القطري استحوذ على فندقي «بيركلي» و«كلاريدج» في العاصمة البريطانية بمبلغ يزيد على 600 مليون جنيه إسترليني (900 مليون دولار) في أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد شراء الصندوق ذاته لمجمع ناطحة السحاب في ضاحية «كناري وورف» بشرق لندن، في مشروع مشترك مع شركة «بروكفيلد الكندية» بمبلغ 2.6 مليار جنيه إسترليني (3.9 مليار دولار). كما اشترت قطر مبنى تجاريا بقيمة 72.5 مليون جنيه إسترليني في منطقة يوستون وسط لندن في شهر مايو (أيار) الماضي، بالإضافة إلى عدة عقارات سكنية في مناطق راقية في لندن.
وأوضح تقرير تناول الموضوع ذاته في صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، قبل أيام قليلة، أن العقارات التجارية في بريطانيا حققت متوسط عائدات إجماليا بنسبة 14.3 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني). وقد أكد رشيد حسن، مدير الاستثمار عبر الحدود في وكالة «سافيلس» العقارية، أن بريطانيا موقع جيد لتلبية رغبات المستثمرين الخليجيين، لأنها تتضمن إيجارات آمنة طويلة الأجل لا يمكن إيجادها في أجزاء كثيرة من العالم.
* الضواحي محور الاهتمام
وأوضحت نتائج التحليلات أن المستثمرين القطريين، الذين عرف عنهم الاهتمام باقتناء أشهر وأرقى العقارات في العاصمة البريطانية لندن، قد توجهوا خلال العام الماضي أيضا إلى الضواحي، وسعوا إلى اقتناء العقارات والأبنية في المناطق التي تعتبر في الدرجة الثانية في سوق العقارات، سعيا منهم لتنويع محافظهم الاستثمارية في العقارات البريطانية. وأشار البحث إلى أن المستثمرين القطريين بجانب مستثمرين من الكويت والإمارات وغيرها من دول الشرق الأوسط تزايدوا خلال العام الماضي، متقدمين على المستثمرين من كل من الولايات المتحدة وآسيا من حيث اقتنائهم وسعيهم إلى شراء عقارات بريطانية.
* مخاوف متنامية
لكن تحليلات اقتصادية بريطانية أخرى أظهرت مخاوف من اتجاه أسعار العقارات في بريطانيا وكثير من دول العالم إلى الهبوط خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد أن سجلت مستويات قياسية سابقًا، حقق من خلالها القطاع العقاري طفرة كبرى على مدار السنوات الماضية بدعم من مشتريات الأجانب، وبخاصة العرب.
واستعرض تحليل نشرته جريدة «ديلي تلغراف» البريطانية مطلع الأسبوع الحالي جملة من الظروف والأسباب التي تدفع إلى الاعتقاد بأن أسعار العقارات في بريطانيا والعالم تتجه للهبوط خلال الفترة المقبلة، وتحديدًا خلال عام من الآن.
وبحسب التحليل، فإن الأصول في العالم شهدت خلال الفترة الماضية هبوطًا عامًا في الأسعار، وهو الأمر الذي سينسحب على قطاع العقارات البريطاني الذي لا يزال متماسكًا حتى الآن.
* أسباب متعددة للقلق
ويقول المحلل الاقتصادي جون فيسنس إن أسعار الأصول في العالم، بما فيها العقارات، شهدت ارتفاعًا في أعقاب برنامج التيسير الكمي الذي تبناه الفيدرالي الأميركي قبل سنوات، وهو البرنامج الذي ضخت بموجبه الولايات المتحدة سيولة ضخمة في الأسواق أدت إلى ارتفاع الأسعار.. لكن البرنامج بدأ بالتوقف التدريجي اعتبارًا من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، وهو ما أدى إلى عودة الهبوط في أسعار الأصول.
ويستدل فيسنس على احتمالات هبوط العقارات بالتراجع في أسعار النفط وأسعار أغلب السلع المقومة بالدولار الأميركي، مشيرًا إلى أن توقف ضخ السيولة في الأسواق هو الذي يؤدي إلى التراجع. ويضيف قائلا في التقرير: «ما نشهده الآن على شاشات التداول هو نتيجة لعصر التيسير الكمي، وأسعار العقارات لن تفلت من هذا الهبوط».
ويؤكد فيسنس أنه «دون عودة ضخ السيولة الأميركية في الأسواق، فإن الأسعار سوف تواصل الهبوط الحاد»، مشيرًا إلى أن أسعار النفط بدأت مشوار الهبوط الحاد اعتبارًا من أواخر عام 2014، بالتزامن مع توقف برنامج التيسير الكمي، ووصلت إلى المستويات المتدنية الحالية، والتي لم نشهد لها مثيلاً منذ 12 عامًا.
ويرى فيسنس أن المرحلة القادمة للهبوط، في أعقاب النفط والذهب والسلع، ستكون تهاوي أسعار الأسهم وتراجع حاد في البورصات، ثم يلي ذلك هبوط في القطاع العقاري الذي لطالما ظل ملاذًا آمنًا في الماضي.
ومن بين الأسباب التي استعرضتها «ديلي تلغراف»، والتي تدفع إلى الاعتقاد السائد بأن أسعار العقارات في بريطانيا ذاهبة إلى هبوط حاد وربما إلى انهيار هو «انتهاء عصر الشراء من أجل التأجير» نتيجة القيود الحكومية التي وضعت مؤخرًا على هذا النوع من التمويلات البنكية في المملكة المتحدة.
أما السبب الآخر الذي تشير له الصحيفة البريطانية، فهو أن الصين وضعت قيودًا على تحويل أموال مواطنيها إلى الخارج، حيث لم يعد بمقدور أي مواطن صيني تحويل أكثر من 50 ألف دولار إلى الخارج سنويًا، في الوقت الذي يمثل فيه الصينيون أكبر المشترين لعقارات بريطانيا، التي كانت طوال السنوات الماضية ملاذًا لأثرياء الصين وروسيا، وهم أكبر المشترين لها.
* ارتفاعات قياسية
ويشار إلى أن أسعار العقارات في بريطانيا تسجل ارتفاعًا قياسيًا في الوقت الراهن، إذ يتجاوز متوسط سعر المنزل السكني في لندن مستوى الـ500 ألف جنيه إسترليني (نحو 750 ألف دولار)، أما متوسط سعر العقار السكني على مستوى المملكة المتحدة فيبلغ حاليًا نحو 280 ألف جنيه إسترليني (أكثر من 420 ألف دولار).
ويتوقع كثير من المحللين في السوق البريطانية ألا تتمكن سوق العقارات البريطانية من تفادي التوجه العالمي المتمثل في انهيار قيمة الأصول، وأن تشهد هبوطا سريعا وكبيرا في أسعار العقارات قبل نهاية العام الحالي.
وأوضح التقرير أن هناك عدة عوامل تجعل السوق العقارية البريطانية عرضة لعملية تصحيح كبرى في الأسعار، التي تواصل الارتفاع متحدية توجها عالميا بتراجع قيمة الأصول.
ورغم أن القطاع العقاري يشهد نقصا في العرض، يجعل الأسعار متماسكة وتأخذ في الارتفاع، فإن الضغوط على الطلب قد تكون بداية التصحيح. ومع قرارات الحكومة البريطانية بتشديد القيود المالية والضرائبية على شراء البيوت لتأجيرها يتوقع أن يخرج كثير من المستثمرين من السوق العقارية، مما يعني زيادة العرض من البيوت التي كانت تشترى للتأجير كاستثمار.
كما أن رفع الولايات المتحدة لسعر الفائدة سيجعل بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) على خطى رفع الفائدة في غضون أشهر، مما سيعني زيادة تكلفة قروض الرهن العقاري وبالتالي تراجع الطلب.
* ضمانات الإقراض
كما تزداد المخاوف في بريطانيا مع ارتفاع عدد الشركات «الوسيطة» التي تقدم القروض العقارية للراغبين في شراء منازل، ولكنهم لا يملكون الضمانات المناسبة. وتكمن أبرز هذه المخاوف في أن الشركات الوسيطة، التي تمارس هذا الأسلوب كانت من بين أهم الأسباب في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في العامين 2007 و2008.
ووفقا لصحيفة «الغارديان»، فإن هناك زيادة كبيرة ومفاجئة في عدد هذه الشركات المقدمة للقروض، بل إن شركات مالية من الخارج بدأت تقتحم السوق البريطانية، مثل شركة «بلوستون للقروض المالية» وهي الذراع المقرضة لأكبر بنك استثماري أسترالي. وتثير هذه الزيادة في قطاع المؤسسة المالية الوسيطة مخاوف من العودة إلى الممارسات الماضية التي تسبب بالأزمة الاقتصادية العالمية، والتي بدأت جراء تقديم قروض كبيرة لأفراد لا يستطيعون السداد ومن دون ضمانات.
وحذر رئيس قسم السياسات في مؤسسة الإقراض «ستيب تشاينغ» بيتر توتون من أن الأمور بلغت المرحلة الأخيرة قبل الانهيار، مشيرا إلى وجود ممارسات إقراض سيئة. كما أشارت «الغارديان» إلى أنه في عام 2000 شهدت بريطانيا حالة مماثلة بالنسبة للزيادة في شركات ومؤسسات الإقراض المالي الوسيطة التي كانت تقدم القروض لمن لا يستطيعون السداد.
وفي يونيو (حزيران) 2014، أطلق مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا المركزي، أقوى تحذير له حتى الآن بشأن مخاطر ظهور «فقاعة» في سوق العقارات البريطانية، وذلك بسبب النقص الكبير في مشروعات البناء.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»