تهديدات إرهابية تخيم على جولة مشاورات في الجزائر بين باماكو والمعارضة المسلحة

«القاعدة» تهدد فرنسا بـ«إهدار أمنها وأمن رعاياها»

تهديدات إرهابية تخيم على جولة مشاورات في الجزائر بين باماكو والمعارضة المسلحة
TT

تهديدات إرهابية تخيم على جولة مشاورات في الجزائر بين باماكو والمعارضة المسلحة

تهديدات إرهابية تخيم على جولة مشاورات في الجزائر بين باماكو والمعارضة المسلحة

هدد تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» فرنسا بـ«إهدار أمنكم وأمن رعاياكم، كما تهدرون أمننا»، في بيان حديث تضمن تبني الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الجمعة الماضي فندقا ومطعما بالعاصمة البوركينابية واغادوغو، والذي خلف 29 قتيلا من 18 بلدا، يوجد من بينهم 6 كنديين.
وذكر التنظيم المتطرف، الذي يقوده الجزائري عبد المالك دروكدال، المعروف حركيا بـ«أبو مصعب عبد الودود»، في بيان أمس، أن العملية المسلحة نفذها ثلاثة من عناصره، ذكر أسماءهم الحركية وهم: «البتار الأنصاري»، و«أبو محمد البوقلي الأنصاري»، و«أحمد الفلاني الأنصاري».
ويظهر من صورهم المرفقة بالبيان، أن اثنين منهم من الساحل الأفريقي. وأدرجت «القاعدة» الاعتداء في إطار «مواصلة السعي لاستهداف أوكار الصليبيين الناهبين لثرواتنا، والمعتدين على حرماتنا والمنتهكين لمقدساتنا». وأضاف البيان أن «العملية تمت بعد دراسة وتخطيط وجمع للمعلومات ورصد للأهداف». أما عن الفندق والمطعم المستهدفين، فهما، بحسب الجماعة المتطرفة، «وكر من أخطر أوكار الجوسسة العالمية في غرب القارة الأفريقية، وتحديدًا فندق (سبلانديد).. التي تدار منها الحرب على الإسلام، وفيها تعقد صفقات نهب خيرات أفريقيا».
وعن الوقائع، زعم التنظيم أن عناصره الثلاثة الذين قتلوا في العملية، «انقضوا على مطعم (كابتشينو)» أولا، ثم استهدفوا بأسلحتهم الرشاشة الفندق الذي وصف بـ«الهدف الرئيسي للعملية». وتوجه تنظيم «القاعدة المغاربية» إلى السلطات الفرنسية بالتحديد، قائلا بأن الهجوم «تذكير لها ولحلفائها.. فالأمن في العالم اليوم مسألة كلية لا تقبل التجزئة، فإما تتركونا آمنين في ديارنا، وإما نهدر أمنكم». وأضاف: «كم من الحماقات ستجربون؟ وكم من دماء رعاياكم ستتسببون في سفكها، كي تقتنعوا أن سياساتكم تجاه أمتنا خاطئة وتحتاج إلى مراجعة.. فمتى تعقلون؟!». داعيا «الأمة عامة وأهل السنة في الشام والعراق خاصة.. إلى الوقوف صفا واحدا أمام المؤامرات العالمية ضد جهادهم»، مشيرا إلى أن أفراد التنظيم «يقاتلون وعيونهم على بيت المقدس الأسير».
وفي سياق ذي صلة، خيمت تهديدات الإرهاب على جولة مشاورات جديدة بين الحكومة المالية، وتنظيمات المعارضة المسلحة المسيطرة على شمال مالي، التي انتهت أمس واستمرت يومين، من دون أن تسفر عن نتائج إيجابية، بخصوص تطبيق «اتفاق السلام» المتعثر. وجرى الاجتماع بالعاصمة الجزائرية.
وبشأن مجريات اللقاء، يذكر مصدر دبلوماسي أفريقي على صلة بالمشاورات، لـ«الشرق الأوسط»، أن طرفي الصراع يرفضان التنازل عن شروط كثيرة طرحها كل واحد منهما في اجتماعات سابقة جرت بالجزائر وبمالي. وأهم القضايا الخلافية، مسألة نزع سلاح المعارضة الذي ترفضه مجموعات المعارضة، خصوصا «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»، بذريعة أن الجيش المالي يريد بسط نفوذه على شمال مالي ليفرض ذلك أمرا واقعا. بعبارة أخرى، لا تريد المعارضة المسلحة أن تفرط في أهم ورقة ضغط بين يديها، وهي السلاح.
وأوضح المصدر نفسه أن حكومة الرئيس كايتا ترفض التعامل مع شمال مالي بوصفه كيانا مستقلا عن بقية مناطق البلاد، وأنها ترى أن احتفاظ المعارضة بسلاحها، يمنح فرصة لدعاة انفصال الشمال لتحقيق مشروع قديم، يتمثل في إقامة دولة مستقلة. وهذا التوجه ترفضه الجزائر بشدة، ونجحت إلى حد ما في سحبه في كل مراحل التفاوض، التي سبقت التوقيع على اتفاق السلام. وأضاف المصدر الدبلوماسي الأفريقي: «تعثر تطبيق الاتفاق سببه انعدام الثقة بين الطرفين، والجزائريون يجتهدون في التقريب بينهما، لأنهم يعتبرون نجاح المسعى نجاحا لهم قبل كل شيء، كقوة إقليمية تقود جهود محاربة الإرهاب». وتابع المصدر: «الحكومة المالية تتخوف من عودة الجماعات الإرهابية إلى الشمال، وتعتقد أن لقطاع من المعارضة صلات قوية مع الإرهابيين». ونجحت القوات العسكرية الفرنسية مطلع 2013، في إنهاء سيطرة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، على مدن غاوو وكيدال وتومبوكتو بالشمال الحدودي مع الجزائر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.