مناصرو النظام السوري يشنون حملة ضد راهبات معلولا بعد إشادتهن بحسن معاملة «النصرة»

دمشق: 25 معتقلا أفرج عنهم فقط.. ولا اتصالات مع قطر

مناصرو النظام السوري يشنون حملة ضد راهبات معلولا بعد إشادتهن بحسن معاملة «النصرة»
TT

مناصرو النظام السوري يشنون حملة ضد راهبات معلولا بعد إشادتهن بحسن معاملة «النصرة»

مناصرو النظام السوري يشنون حملة ضد راهبات معلولا بعد إشادتهن بحسن معاملة «النصرة»

شن مناصرو النظام السوري هجوما قاسيا على راهبات دير معلولا المفرج عنهن ضمن صفقة التبادل على خلفية تصريحهن بأن جبهة «النصرة» قد عاملتهن بطريقة «جيدة»، تزامنا مع إعلان وزير الإعلام السوري عمران الزعبي أن «25 معتقلا فقط» جرى الإفراج عنهم من السجون السورية مقابل إطلاق راهبات معلولا، نافيا «وجود أي اتصالات سورية - قطرية مباشرة أو غير مباشرة على الإطلاق» لإنجاز عملية التبادل.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن الزعبي قوله إن «عملية تحرير الراهبات جرت من خلال جهات الأمن اللبنانية، والتي مثلها اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام اللبناني، الذي كان على اتصال مع الأجهزة المختصة في سوريا». واعتبر الوزير السوري أن «كل حديث عن اتصالات سورية قطرية مباشرة أو غير مباشرة ليس صحيحا على الإطلاق، بل هو محاولة لترويج بعض الأفكار وتسميم الأجواء وتحريض الرأي العام». كما نفى أي «كلام بأن أحدا من الذين أطلق سراحهم غادر سوريا»، وإنما «كانت هناك خيارات أمامهم وهم طلبوا العودة إلى عائلاتهم وموجودون الآن لدى ذويهم».
وكانت مصادر المعارضة أكدت أن «إطلاق سراح الراهبات جاء في إطار صفقة تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 150 معتقلة، بوساطة قطرية لبنانية، حيث وصلت الراهبات المفرج عنهن أول من أمس إلى العاصمة السورية دمشق».
وأثارت تصريحات الراهبات حول المعاملة الحسنة التي تلقينها من قبل عناصر «جبهة النصرة» الذين كانوا يحتجزونهن غضب مؤيدي النظام السوري حيث امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الموالية أو المؤيدة للنظام بالشتائم ضد الراهبات. ونالت رئيسة دير معلولا بيلاجيا سياف النصيب الأكبر من شتائم المؤيدين بعد أن خصت الأخيرة «جبهة النصرة» بالشكر.
وعلى الرغم من أن إعلاميي القنوات الرسمية حاولوا خلال النقل المباشر الذي جرى في الحدود اللبنانية - السورية عند معبر جديدة يابوس، الحصول على تصريحات تفيد بأن الراهبات تعرضن لمعاملة سيئة لدى «النصرة»، فإن هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب إصرار الراهبات الثلاث عشرة على تأكيد أنهن لم يتعرضن للأذى خلال فترة اختطافهن، مما زاد من غضب الموالين للنظام ودفعهم إلى كيل الشتائم ضد التلفزيون الرسمي أيضا الذي نقل وقائع وصول الراهبات إلى دمشق دون أي اعتراض على تصريحات الراهبات.
وانضم لاحقا إلى الحملة الهجومية ضد راهبات معلولا تلفزيون «سما» الموالي للنظام السوري، متهما إياهن في نشراته الإخبارية بـ«الخيانة» و«نكران الجميل»، وحمل على عدم شكرهن «الجيش العربي السوري».
ولم توفر الحملة النظام السوري نفسه، حيث دعاه بعض الموالين من أبناء الطائفة العلوية عبر صفحاتهم في موقع «فيسبوك» إلى العمل «لإطلاق سراح مختطفات ومختطفين في ريف اللاذقية ومدينة عدرا العمالية في ريف دمشق بدلا من التفاوض على تحرير راهبات».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أشار إلى حالة استياء شديد داخل أوساط الطائفة العلوية التي تدعم النظام السوري ويتحدر منها الرئيس بشار الأسد، بعد عملية التبادل التي أفضت إلى الإفراج عن راهبات معلولا، بسبب موافقة النظام على عمليات تبادل مختطفين إيرانيين أو لبنانيين، مقابل الإفراج عن معتقلين ومعتقلات في سجونه، ورفضه عمليات تبادل مختطفين مدنيين من أبناء الطائفة العلوية. ونقل «المرصد» عن أحد أهالي الأسرى العلويين قوله «على ما يبدو فإن حزب الله والإيرانيين هم أهم من أبنائنا لدى النظام». وتعتبر صفقة تبادل الراهبات اللواتي كن في دير مار تقلا بمعلولا بريف دمشق الثالثة من نوعها التي يجري بموجبها الإفراج عن معتقلين ومعتقلات من سجون النظام. وكانت الصفقة الأولى أبرمت مطلع عام 2013، وقضت بالإفراج عن أكثر من ألفي معتقل سوري مقابل إفراج «لواء البراء» في الغوطة الشرقية عن عشرات الضباط الإيرانيين اعتقلهم على طريق مطار دمشق الدولي. كذلك أفرج لواء عاصفة الشمال عن تسعة لبنانيين من الطائفة الشيعية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اختطفوا قرب مدينة أعزاز في ريف حلب على الحدود التركية السورية، مقابل الإفراج عن معتقلات سوريات في السجون النظامية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.