العقوبات الاقتصادية الروسية تنعش فقراء تركيا

توقف الصادرات التركية إلى روسيا يضطر التجار إلى تخفيض أسعار الخضر والفاكهة في السوق المحلية

متجر بوسط إسطنبول لبيع الفاكهة والخضراوات التي شهدت انخفاضا غير مسبوق في الأسعار (تصوير: حسين دمير)
متجر بوسط إسطنبول لبيع الفاكهة والخضراوات التي شهدت انخفاضا غير مسبوق في الأسعار (تصوير: حسين دمير)
TT

العقوبات الاقتصادية الروسية تنعش فقراء تركيا

متجر بوسط إسطنبول لبيع الفاكهة والخضراوات التي شهدت انخفاضا غير مسبوق في الأسعار (تصوير: حسين دمير)
متجر بوسط إسطنبول لبيع الفاكهة والخضراوات التي شهدت انخفاضا غير مسبوق في الأسعار (تصوير: حسين دمير)

اشترى محمود جوك، 40 عاما، بعض الخضر والفاكهة من محل البقالة القريب من منزله، بحي أورتا كوي، وسط إسطنبول. المبلغ الذي دفعه جوك لقاء ما اشتراه يقل بنسبة 60 في المائة مما كان يدفعه قبل التوتر بين بلاده وروسيا، فالعقوبات الاقتصادية الروسية، ورفض روسيا استيراد الخضار والفاكهة من تركيا، وضع التجار، أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول، يتمثل ببيع بضاعتهم في السوق المحلية حتى إيجاد بديل عن السوق الروسية. والثاني، تخفيض الأسعار تماشيا مع ارتفاع العرض، الأمر الذي وإن تسبب بضرر اقتصادي بالغ، لم ينكره التجار والمسؤولون الأتراك، إلا أنه عاد بفائدة (وإن كان بشكل مؤقت) على الفقراء وذوي الدخول المحدودة في البلاد.
يقول الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي التركي فراس محافظة، إن «الروسي كان يستهلك نحو 40 في المائة من الصادرات التركية من الخضراوات والفواكه، وتمثل تلك الصادرات 20 في المائة من إجمالي ما تستورده روسيا من فواكه وخضراوات». ويضيف محافظة لـ«الشرق الأوسط»: «بعد حظر روسيا لاستيراد بعض منتجات الخضار والفواكه التركية أو وضع عقبات أمام دخولها أسواقها المحلية توجه المنتج التركي إلى الأسواق الملحية التركية لبيع إنتاجه الكبير»، مبينا أن «دخول الكميات الكبيرة من الخضار والفواكه إلى الأسواق المحلية عملت على رفع الكميات وزيادة المعروض منها لدى صغار التجار، وبحسب قانون العرض والطلب الاقتصادي الذي ينص على أن ارتفاع كميات أي سلعة في السوق سوف يدفع أسعارها إلى الانخفاض لأنها معروضة بكميات وفيرة تزيد على حاجة المستهلكين».
ويلفت الصحافي الاقتصادي: «لذلك وبعد ازدياد الكميات التي كان من المفترض أن تصدر انخفضت أسعار الخضار والفواكه في السوق المحلية بشكل ملحوظ وكان لها أثر سلبي على المنتجين، لكنها كانت أزمة ذات أثر إيجابي على المستهلك التركي الذي استطاع أن يجد هذه السلع بمتناول اليد، وبأسعار أرخص مما كانت عليه قبل أشهر من الآن عندما كانت تتجه إلى السوق الروسية». ويتوقع محافظة أن «تعود حالة الاستقرار، قريبا، بمجرد أن تجد تركيا سوقا بديلة عن السوق الروسية، وفي حال نجحت أنقرة في إيجاد تلك الأسواق سريعا في منطقة الخليج العربي وشمال أفريقا وحتى أوروبا فإن الأسعار ستعاود الارتفاع مجددا حتى تعود إلى حالة الاتزان الطبيعي». ويضيف: «الانخفاض في أسعار الخضر والفاكهة وصل في بعضها إلى 50 في المائة وتفاوت في بعضها الآخر».
في إحدى أسواق الأسبوع التي تنظمها البلدية في إسطنبول، كان المكان مكتظا بالمتبضعين، معظم الذين يقصدون تلك الأسواق من ذوي الدخول المحدود (بسبب الأسعار المخفضة أصلا في سوق الأسبوع). ينادي بائع الخضر، بصوت مرتفع: «بليرة ونصف» (سعر الطماطم)، فيرد آخر بنبرة خشنة «بليرة»، أما الزبائن فمن كان يكتفي بكيلوغرام واحد من الطماطم أو البطاطا، أخذ ضعف الكمية، ربما لأنهم يتوقعون أن الأمر مؤقت وحلم بقاء الأسعار على وضعها الحالي لن يدوم طويلا. تقول سيدة تركية خمسينية: «لا نريد مزيدا من المشكلات مع دول المنطقة، لكننا لا نريد مزيدا من ارتفاع الأسعار الذي بات أمرا لا يطاق»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم أشتري بعض الفاكهة التي لم أكن أشتريها قبل ثلاثة شهور».
وأعلنت الحكومة التركية رفع الحد الأدنى من الأجور للعاملين والموظفين من 1000 إلى 1300 ليرة تركية، لكنها وقبيل تطبيق القرار رفعت أجور الكهرباء بنسبة 8 في المائة.
يقول المواطن بكير أوزتورك، 40 عاما: «ما نأخذه باليد اليمنى نعود لندفعه بالشمال، كضرائب أو أجور تأمين صحي، أو أجور استهلاك الكهرباء والمياه أو الغاز». ويضيف خلال تسوقه من سوق الأسبوع في منطقة فندك زاده، أن «الأسعار ارتفعت خلال السنوات الماضية بشكل لم نتوقع بعده أن نشهد تخفيضا ولو طفيفا.. اليوم أشتري الفاكهة والخضر بسعر رخيص، لكنني أعلم أن التجار بمجرد أن يجدوا مستوردا جديدا سيعاودون رفع الأسعار.. إنه عالم المال».
وتدهورت العلاقات التركية الروسية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقب إسقاط تركيا لمقاتلة روسية اخترقت أجواءها، لتقدم موسكو على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، منعت بسببها شاحنات الخضر والفاكهة التركية من عبور الحدود. وكانت تركيا الشريك الاقتصادي الخامس بالنسبة إلى روسيا، لا سيما في مجالات الطاقة والزراعة والسياحة، وبلغ حجم التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة العام الماضي 31 مليار دولار، ووصل إلى 18.1 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.