إيران تفلت من عقوبات «النووي» لتواجه أخرى تتعلق بصواريخها الباليستية

واشنطن تعاقب 5 إيرانيين و11 شركة > أوباما: سنظل حازمين ضد سلوك طهران المزعزع للاستقرار

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

إيران تفلت من عقوبات «النووي» لتواجه أخرى تتعلق بصواريخها الباليستية

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث للصحافيين في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)

غداة خروجها من العقوبات الدولية المتعلقة ببرنامجها النووي، وجدت إيران نفسها تحت طائلة عقوبات أميركية جديدة متعلقة ببرنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية كانت الإدارة الأميركية قد أقرتها الشهر الماضي لكنها أرجأت إعلانها وتنفيذها. وفيما وعد الرئيس الإيراني حسن روحاني بـ«رد مناسب» على العقوبات الجديدة، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن واشنطن ستظل حازمة حيال سلوك إيران الذي يزعزع الاستقرار.
وقال أوباما في كلمة ألقاها في البيت الأبيض «بدأ تنفيذ اتفاق حول الملف النووي إلى جانب لم شمل عائلات أميركية (...) لقد حققنا تقدما تاريخيا بفضل الدبلوماسية من دون خوض حرب جديدة في الشرق الأوسط». وأضاف: «هذا يثبت أن بإمكاننا اعتماد القوة والحكمة والشجاعة والتحلي بالصبر» مشيدا بدور سويسرا في المفاوضات المكثفة مع طهران. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تابع الرئيس الأميركي «العمل مع إيران حول الاتفاق النووي أتاح لنا أن نكون في موقع أفضل لمواجهة مشاكل أخرى» مع طهران.
ودخل الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والقوى الكبرى في 14 يوليو (تموز) الماضي حيز التنفيذ أول من أمس بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران وفت بالتزاماتها الهادفة إلى ضمان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي.
وفي الوقت نفسه أعلنت طهران وواشنطن عملية تبادل غير مسبوقة لأربعة معتقلين إيرانيين - أميركيين أفرجت عنهم طهران وسبعة إيرانيين أطلقت سراحهم الولايات المتحدة بموجب عفو. وتم الإفراج عن أميركي خامس أيضا.
لكن الرئيس الأميركي شدد مرة أخرى على «الخلافات العميقة» التي لا تزال قائمة بين واشنطن وطهران.
وقال: «لا نزال حازمين في تنديدنا بسلوك إيران الذي يزعزع الاستقرار»، مشيرا إلى انتهاكات حقوق الإنسان أو برنامج الصواريخ الباليستية.
واختتم أوباما كلمته بتوجيه نداء إلى الإيرانيين. وقال: «إن حكومتينا أصبحتا تتحاوران الآن. وبعد الاتفاق حول الملف النووي بات أمامكم، وخصوصا الشباب، فرصة لإقامة روابط جديدة مع العالم» مضيفا: «لدينا فرصة نادرة لسلوك طريق جديد».
إلى ذلك، أدرجت الخزانة الأميركية شركة وخمسة أفراد إيرانيين على القائمة السوداء بتهم بالانخراط في برنامج الصواريخ الباليستية، وشراء مكونات الصواريخ الباليستية. وتمنع العقوبات الشركات والأفراد تحت العقوبات من استخدام النظام المصرفي في الولايات المتحدة.
وقال آدم زوبين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في بيان «برنامج إيران للصواريخ الباليستية يشكل خطرا كبيرا على الأمن الإقليمي والعالمي وستظل إيران خاضعة لعقوبات دولية». وأضاف: «لقد أوضحنا مرارا أن الولايات المتحدة ستمضي قدما بقوة في فرض عقوبات ضد الأنشطة الإيرانية خارج خطة العمل المشتركة الشاملة بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بدعم إيران للإرهاب وزعزعة الاستقرار الإقليمي وانتهاكات حقوق الإنسان وبرامج الصواريخ الباليستية».
ووفقا لمكتب وزارة الخزانة لمراقبة الأصول الأجنبية فإن العقوبات الجديدة ستشمل الأفراد الذين أشرفوا على اختبار اثنين من تجارب الصواريخ الباليستية في شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين وتشمل الشركات التي قامت بتزويد البرنامج بالمعدات والأجهزة الضرورية ومن بين تلك الشركات، شركة «مبروكة» (وهي شركة إيرانية مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة).
وقد أعدت وزارة الخزانة قائمة العقوبات الجديدة منذ فترة لكن أعلنت عن فرضها بعد وقت قصير من تأكدها أن طائرة سويسرية حملت بالفعل السجناء الأميركيين الذين أفرجت عنهم السلطات الإيرانية وأنهم غادروا طهران.
وقد رحبت وسائل الإعلام الأميركية بشكل واسع بصفقة تبادل السجناء بعد مفاوضات ارتبطت بشكل غير مباشر بالانتهاء من الاتفاق النووي. وقد نفى مسؤولون في الإدارة الأميركية أن العقوبات المفروضة على إيران بشأن الصواريخ الباليستية جرى تأخيرها لأسباب سياسية.
وانتهكت إيران قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي يقيد تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، وقد اشتعلت قضية تجارب الصواريخ الباليستية الإيرانية بعد تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني أعلن فيها التوسع في البرنامج ردا على تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة وشدد الرئيس الإيراني أن إيران لديها الحق في مواصلة تطوير صواريخها. وخلال مؤتمره الصحافي في طهران أمس، وقبل إعلان العقوبات الأميركية، سئل روحاني عما سيحصل في حال فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أو انتهكت بنود الاتفاق النووي، فأجاب أن «أي فعل سيقابل برد فعل». وأضاف: «إذا فرض الأميركيون أي تدابير فسيتلقون ردا ملائما».
وفي المقابل عقد المشرعون في الكونغرس الأميركي جلسات مكثفة لمناقشة التهديدات الإيرانية وتفويض الكونغرس سلطات أكبر لمراقبة تنفيذ البرنامج النووي الإيراني وطالبوا إدارة أوباما بالإسراع في فرض عقوبات ضد إيران لانتهاكها القوانين الدولية فيما يتعلق بتجارب الصواريخ الباليستية.



«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.